اليوم تعيد معراب التأكيد على الموقف ذاته من سلاح الحزب وتقول أوساطها لـ"المدن": "لا شيء اسمه جعل الجنوب فقط منطقة منزوعة السلاح، ولا شيء اسمه سلاح منتشر على الاراضي اللبنانية من خارج الشرعية. وما لم يُطبّق طيلة السنوات الماضية سيطبّقه الجيش اللبناني اليوم بإشراف اللجنة الدولية التي نصّ عليها الاتفاق".
بداية الانقلاب
لا تقرأ القوات اللبنانية ومعها قوى معارضة أخرى، ولاسيما الكتائب اللبنانية إلّا في هذا الكتاب: "صحيح، لا يمكننا أن نستبق الأمور ومجريات تطبيق الاتفاق، لكن بداية الانقلاب كانت عندما لم يسلّم حزب الله سلاحه طبقاً لوثيقة الوفاق الوطني التي نصّت على تسليم الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية سلاحها. هذا لم يحصل، فكانت البداية بالانقلاب على اتفاق الطائف عندما لم يتخلَّ حزب الله عن مشروعه المسلّح تحت عنوان ما يُسمّى مقاومة، التي هي في الواقع ترجمة لتقاسم نفوذ سوري إيراني على الساحة اللبنانية."
تعوّل القوات على اختلاف الظرف، والنتائج أمامها واضحة. فظروف العام 2006 التي انتجت 1701 وما تلاها من عدم تطبيقه، تختلف عن ظروف اليوم والقرار1701 يضاف اليه اللجنة الدولية بنسخة 2024.
المجتمع الدولي استفاق
والمختلف اليوم، بحسب مصادر معراب، أنّ المجتمع الدولي "استفاق هذه المرة، ويضغط باتجاه تشكيل لجنة مراقبة دولية لتطبيق القرار1701. فلو شكّلت اللجنة في العام 2006 لما كنا وصلنا إلى أحداث 8 تشرين الأول 2023 ولا إلى حرب أيلول 2024".
بالنّسبة إلى القوات لا تجزئة في تنفيذ الـ1701 "نزع السلاح ليس فقط من الجنوب إنّما من كلّ لبنان. لا عمليات ضد إسرائيل ينفذها حزب الله وكالة عن إيران. لا يمكن إدخال السلاح عبر البر من سوريا إلى حزب الله. النسخة العسكرية لحزب الله التي عرفناها منذ العام 1991 انتهت، بقرار دولي عندما قرر المجتمع الدولي تطبيق ما لم يطبّقه اللبنانيون منذ العام 1990. لو طبّقنا الـ1559 لما وصلنا إلى 1701 . ولو طبّقنا الـ 1701 لما دخلنا في حرب جديدة".
من وجهة نظر القوات فإن "حزب الله هُزم وإعلان وقف النار يعني استسلام الحزب. نحن أمام مرحلة سياسية جديدة عنوانها سلاح واحد على مساحة 10452 كلم مربع. النسخة الايرانية من 1701 انتهت، واليوم يطبق المجتمع الدولي النسخة اللبنانية من القرار، أي لا وجود للسلاح على كامل الاراضي اللبنانية".
وتتابع مصادر القوات قولها: "أيّ رئيس جمهورية جديد ورئيس حكومة جديد سيكون عليهما الالتزام بسقف دولي جديد أي تنفيذ القرارات 1559 و 1680 و1701 وتطبيق الطائف ببنوده ذات الصلة أي اتفاق الهدنة."
ومع بدء التنفيذ الفعلي للقرار 1701 حان الوقت للانتقال إلى الأولويات التالية التي لا تقلّ أهمية لإعادة النهوض بالبلد ومؤسساته. والأولوية لدى القوى المسيحية دون سواها، انتخاب رئيس للجمهورية. وهنا تعتبر القوات اللبنانية أن "الاستمرار بتعمّد تأخير انتخاب رئيس كان الغرض منه تغييب هذا الرئيس لوضع اليد على التفاوض، لكن هذا الرئيس هو الحاجة الوطنية القصوى اليوم، والذرائع بتأخير الاستحقاق سقطت".
موقف الكتائب
ولا يختلف موقف الكتائب اللبنانية عن موقف القوات اللبنانية وجزء من المعارضة. تقول مصادر الكتائب لـ"المدن" إنه "باتفاق وقف إطلاق النار، سلّم حزب الله بأمر واقع جديد يحتّم عليه عدم القيام بعمليات قتالية ضد إسرائيل. وبالتالي نسأل ما هي الجدوى من هذا السلاح إذا انتفى الهدف منه بعدم التعرض لإسرائيل بإشراف دولي؟ وما الجدوى من إبقائه في الداخل؟
لا عودة الى الواقع السابق، ومعادلة جيش شعب مقاومة التي غطّت العمل المسلّح كانت عيباً من عيوب البيانات الوزارية".
في مرحلة ما بعد الحرب، تنطلق الكتائب في مقاربتها من دعوة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إلى "حوار وطني سيادي كسبيل لحسم النقاش وتعزيز الوفاق الوطني اللبناني" حول معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
دعوة رحّبت بها الكتائب "إذا كانت جدية وليس أن يفرض حزب الله واقعاً معيناً على الآخرين. فلا عودة إلى مرحلة هيمنة السلاح. هذا السلاح الذي لم يخدم القضية إنّما أساء إلى القضية التي حملها الحزب وجرّ الويلات على البلد، وأعادنا إلى الصفر".
ترى الكتائب أنّ على الحزب "ليس فقط دعوة الآخرين إلى الحوار إنّما إجراء قراءة للواقع الذي أوصل نفسه والبلد إليه".
في هذه المرحلة خريطة الأولويات واضحة، بعد وقف النار، فإن أولوية الاولويات هي الاستحقاق الرئاسي الذي لا ترى الكتائب مبرراً لتأخيره. شرط أن يكون "رئيساً بمسؤوليات تأسيسية، يحدد دور لبنان وعلاقاته، ويمنع التدخلات الخارجية ولاسيما الإيرانية في شؤون لبنان، ورئيس حكومة ينسجم مع هذا الخط، يرسم ورئيس الجمهورية خريطة طريق للوصول إلى بلد خال من السلاح والخروج من دوامة الحروب العبثية".
موقف التيار الوطني الحر
موقفا القوات والكتائب من وقف النار والسلاح، قابلته قراءة و"تفهم" من التيار الوطني الحر للواقع الحالي لحليفه السابق حزب الله. تفسيره لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار "يرتكز على المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيسه حول تفسير القرار 1701، بمراحله التطبيقية ومنها إلى التوافق الوطني على استراتيجية دفاعية تقودها الدولة فقط برئاسة رئيس للجمهورية ورئيس حكومة وحكومة ومجلس نواب يتوافقون جميعاً على تحييد لبنان عن الصراعات محصنين لبنان بضمانات الخارج". وتتابعه مصادره بالقول إن "وظيفة سلاح المقاومة تنتهي ليس بالمواجهة إنّما من ضمن إقرار هذه الاستراتيجية، والدولة هي من ستقول للشعب كيف تحميه من إسرائيل وكيف ستسلّح الجيش وكيف ستعيد بناء الوطن والمؤسسات وترمّم علاقات لبنان."
وكما القوات والكتائب وقوى المعارضة التي تتقاطع معها في ملف الرئاسة، كذلك اليوم، الأولوية في اليوم التالي لوقف الحرب هي لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة: "لا يمكن البدء بالاتجاه المعاكس، ولا يمكن الاستفراد والاستقواء. نحن لا نبحث في مصير السلاح إنّما في الاستراتيجية الدفاعية التي تحدّد كيف نحفظ البلد من الاعتداء الإسرائيلي في أي ظرف كان، ومن أي جهة أكان من البر والبحر والجو، وحماية ثرواتنا من أطماع إسرائيل، والأهم الحفاظ على الوحدة وأن لا ترتد الخلافات حول دور الحزب وسلاحه على وحدة الداخل."
ومع البدء بتطبيق وقف إطلاق النار يعود الشأن السياسي إلى ما كان عليه قبل 8 تشرين الأول 2023، ويعود الانقسام المسيحي إلى ما كان عليه من اختلاف في الرؤى والمقاربات، ولا بد من وعي أن هذا الواقع أضيف إليه أزمات وتحديات أكبر في مجالات مختلفة. وأهمّها مواصفات الرئيس التي يراد منه التصدي للواقع اللبناني الراهن وموقف الفرقاء المسيحيين من سلاح المقاومة والدور المرتجى أو المطلوب من قائد الجيش في هذه المرحلة وهو المرشح الرئاسي الأول، من دون إغفال عناوين أدت الحرب إلى إهمالها كموضوع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والسياسة المالية وحتى طبيعة النظام االسياسي للوطن.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها