دعا الجيش الإسرائيليّ سكّان أكثر من 20 بلدة حدوديّة في جنوبي لبنان إلى "إخلاء منازلهم وترك قراهم فورًا"، بُعيد إعلانه الشروع بعميلة التوّغل البريّ في الأراضي اللّبنانيّة. ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه مصادر في الجيش اللّبنانيّ بأن قوّاتها أعادت التمركز وتجميع القوى عند الحدود الجنوبيّة، بينما قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدّة إن قوات اليونيفيل لم تتمكن من القيام بدورياتٍ بسبب شدّة الضربات الإسرائيليّة وصواريخ حزب الله الّتي تستهدف القوّات الإسرائيليّة المُنتشرة في المنطقة الحدوديّة.
وقال جيش الاحتلال في "بيان عاجل لسكان جنوب لبنان في القرى التالية: يارون، عين إبل، مارون الراس، طيري، حداثا عيتا الجبل (الزط)، جميجيمة، تولين، دير عامس، برج قلويه، البياضة، زبقين جبال البطم، صربين، الشعيتية، كنيسة، الحنية، معركة، غندورية، دير قانون - مالكية الساحل، برج الشمالي، ابل السقي، صريفا، دير قانون النهر، العباسية، الراشيدية، بنت جبيل، عيترون. نشاطات حزب الله تجبر جيش الدفاع على العمل ضده. جيش الدفاع لا يريد المساس بكم، ومن أجل سلامتكم عليكم إخلاء بيوتكم فورًا. كل من يتواجد بالقرب من عناصر حزب الله ومنشآته ووسائله القتالية يعرض حياته للخطر. أي بيت يستخدمه حزب الله لحاجاته العسكرية من المتوقع استهدافه". وأضاف البيان: "عليكم التوجه فورًا إلى شمال نهر الأولي، أنقذوا حياتكم وقوموا بإخلاء بيوتكم فوراً"، مشددًا على أن أي توجه جنوبًا قد يعرّض حياة المدنيين للخطر.
قصف تل أبيب
وبالتزامن مع شروع جيش الاحتلال بعمليته الّتي وصفها بـ "المركّزة والمحدودة"، ذكرت وسائل إعلام إسرائيليّة أن 10 صواريخ باليستية أُطلقت من لبنان باتجاه تل أبيب، وشمال إسرائيل. فيما نقلت القناة 12 الإسرائيليّة إن الشارع 6 شمال تل أبيب أُغلق أمام حركة السيارات بعد سقوط صاروخٍ في الشارع. كما وأفادت سلطة الإطفاء الإسرائيليةّ باندلاع حريقٍ إثر سقوط قذيفة صاروخية قرب كفار سابا شمال تل أبيب. وذكرت هيئة البث الإسرائيليّة أن 3 صواريخ أطلقت من لبنان نحو تل أبيب الكبرى. من جهته، أفاد الإسعاف الإسرائيليّ بإصابة شخص بجروحٍ متوسطة جرّاء شظايا صاروخيّة سقطت وسط إسرائيل. وأضاف أنهم يقدمون العلاج لمصابين بحالات ذعر وهلع بالإضافة إلى مصابٍ بجروحٍ متوسطة بشظايا صاروخيّة.
وقال حزب الله في بيان: "دعمًا لشعبنا الفلسطينيّ الصامد في قطاع غزّة، وإسنادًا لمقاومته الباسلة والشريفة، ودفاعًا عن لبنان وشعبه، وفي إطار سلسلة عمليات "خيبر"، وردًّا على استهداف المدنيين والمجازر الّتي يرتكبها العدو، وبنداء لبيك يا نصر الله، أطلقت المقاومة الإسلامية صلياتٍ صاروخيّة من نوع فادي 4 على قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكريّة 8200، ومقرّ الموساد الّتي تقع في ضواحي تل أبيب".
التوّغل البريّ
وشرع جيش الاحتلال الإسرائيليّ بعملية توّغلٍ بريّ في الأراضي اللّبنانيّة، وأعلن فجر اليوم، الثلاثاء، أنّه شرع بـ "عملية بريّةٍ مركزة ومحدودة في جنوب لبنان ضدّ أهداف وبُنى تحتيّة تابعة لحزب الله في عددٍ من القرى القريبة من الحدود، والّتي تُمثل تهديدًا مباشرًا وحقيقيًا للبلدات الإسرائيليّة"؛ وقال الجيش الإسرائيليّ إنّه "يعمل وفق خطةٍ منظمة تمّ إعدادها في هيئة الأركان العامة والقيادة الشماليّة، والّتي تمّ تدريب وتجهيز القوّات لها خلال الأشهر الماضية". وأضاف أن "القوات البريّة مدعومة بهجماتٍ جويّة ومدفعية، حيث يجري تنفيذ ضربات ضدّ أهدافٍ عسكريّة في المنطقة بالتنسيق الكامل مع قوّات المشاة"، وتابع أنه "تمت الموافقة على مراحل العملية ويتمّ تنفيذها وفقًا لقرار المستوى السّياسيّ".
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ، صباح اليوم: "قتال عنيف دائر في جنوب لبنان وحزب الله يشن هجمات على القوات الإسرائيلية، ويطالب اللبنانيين بعدم التحرك بالمركبات في منطقة جنوب نهر الليطاني حتى إشعار آخر".
وصرّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ دانيال هاغاري بالقول: "لن نسمح بأن يتكرّر السّابع من أكتوبر مرّةً أخرى على أي من حدودنا. سنستمر بفعل كل ما يلزم حتى يتمكن مواطنو إسرائيل من العودة إلى منازلهم. وعدم قدرة الدولة اللبنانية والعالم على إبعاد حزب الله لا يترك لنا أي خيار".
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أمنيّ إسرائيليّ، قوله إنّه لم ترد تقارير حتى الآن عن اشتباكات مع قوات حزب الله ضمن العملية البريّة، لافتًا إلى أن العملية البرية الإسرائيلية محدودة، وخيار عملية أوسع تستهدف بيروت ليس مطروحًا على الطاولة. وأوضح المسؤول أن "القوات المشاركة هي من النوع الذي يقوم بالعمليات المحدودة".
مسؤول العلاقات الإعلامية بحزب الله محمد عفيف نفى للجزيرة حصول توّغل بريّ حتّى اللحظة قائلًا: "لم يحدث أي اشتباك بري مباشر بعد بين مجاهدي المقاومة وقوات الاحتلال. كل الادعاءات الصهيونية أن قوات الاحتلال دخلت لبنان كاذبة". وأضاف: "قصف قاعدة الاستخبارات العسكرية 8200 ومقر الموساد ليس إلا بداية. سنلحق أكبر الخسائر في قوات العدو الّتي تحاول دخول الأراضي اللبنانية. مجاهدونا مستعدون للمواجهة مع قوات العدو التي تتجرأ أو تحاول دخول أراضي لبنان". هذا فيما قال مصدر في الجيش اللبناني لـ "العربي الجديد"، "لم نرصد على الأرض بعد أي توغل بريّ لجيش الاحتلال الإسرائيليّ، ولا تحركات حاليًا داخل الأراضي اللبنانية".
وصدر اليوم بيان عن اليونيفيل قالت فيه إنّ جيش الاحتلال أبلغها يوم أمس عن نيّته القيام بعمليات توغل برية محدودة داخل لبنان. وأضافت: "رغم هذا التطور الخطير، فإن حفظة السلام لا يزالون في مواقعهم. نحن نعمل بانتظام على تعديل وضعنا وأنشطتنا، ولدينا خطط طوارئ جاهزة للتفعيل إذا لزم الأمر. إن سلامة وأمن قوات حفظ السلام أمر بالغ الأهمية، ونذكّر جميع الأطراف بالتزاماتها إزاء احترام ذلك". وأشارت إلى أن "أي عبور إلى لبنان يشكل انتهاكاً للسيادة اللبنانية وسلامة أراضي لبنان، وانتهاكاً للقرار 1701". وحثت جميع الأطراف على التراجع عن مثل هذه الأعمال التصعيدية التي لن تؤدي إلاّ إلى المزيد من العنف وإراقة المزيد من الدماء. وقالت إن "ثمن الاستمرار في مسار العمل الحالي باهظ للغاية، ويجب حماية المدنيين، وعدم استهداف البنية الأساسية المدنية، واحترام القانون الدولي. وإننا نحث الأطراف بقوة على إعادة الالتزام بقرارات مجلس الأمن والقرار 1701 (2006) باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق لإعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة".
الغارات الجويّة المستمرة
حتّى لحظة كتابة هذا التقرير، لم يستهدف الجيش الإسرائيليّ أي منطقة بالغارات الجويّة، بعد شنّ الجيش الإسرائيليّ، مساء الأس الإثنين، غارات عنيفة على مناطق الليلكي وبرج البراجنة والرويس وبئر العبد في ضاحية بيروت الجنوبية، وذلك بعد دقائق قليلة من إطلاقه أوامر إخلاء "عاجلة" لثلاثة مناطق بالضاحية، منذرا بأنه يعتزم مهاجمتها بزعم أنها أهداف تابعة لحزب الله.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها