الثلاثاء 2023/05/23

آخر تحديث: 20:22 (بيروت)

مذكرة توقيف ألمانية بحق سلامة: القضاء اللبناني مهموم بالليرة

الثلاثاء 2023/05/23
مذكرة توقيف ألمانية بحق سلامة: القضاء اللبناني مهموم بالليرة
"ألم يعد من أحد قادر على الحاكمية"؟ (Getty)
increase حجم الخط decrease

لا نحتاج إلى كثير من الأدلة للتأكد من إصرار القضاء الأوروبي على ملاحقة حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، بعد تهربه من جلسة استجوابه الفرنسية. بل يكفي القول أن مذكرة توقيف جديدة صدرت بحق سلامة من قبل القضاء الألماني، يوم الثلاثاء 23 أيار.

"المسبحة كرّت"
هذه الفترة، وأكثر من أي وقت مضى، من المرجح أن تُصدر جميع الدول التي شاركت في التحقيقات الأوروبية الأخيرة التي جرت على الأراضي اللبنانية، مذكرات توقيف بحق الحاكم.

ففي السادس عشر من أيار الجاري أصدرت القاضية الفرنسية أود بوروسي مذكرة التوقيف الأولى بحق سلامة، وعممتها عبر الإنتربول وأبلغت القضاء اللبناني بها.

ويمكن القول أن "المسبحة كرّت" ومذكرات التوقيف ستسقط على سلامة كالمطر. ووفقاً للمراجع القضائية الرفيعة، فإن كل البلدان التي شاركت في التحقيقات الأوروبية المعنية بملف سلامة، "يحق لها إصدار مذكرات توقيف، حتى وإن لم تحدد أي جلسة لاستجواب سلامة. فالقضاء الأوروبي وحّد إجراءاته فيما يخصّ هذا الملف". لذلك، من المتوقع أن يتجه القضاءان البلجيكي واللوكسمبورغي نحو تعميم مذكرة توقيف بحق سلامة.

هذه المرحلة، هي من أكثر المراحل الدقيقة والحساسة داخل القضاء اللبناني. والخطوات المقبلة واضحة، فالحاكم لن يُسلم إلى القضاء الأوروبي، وسيُتابع ملفه داخل الأراضي اللبنانية.

جلسة قصيرة
ومعظم الأوساط القضائية، أجمعت اليوم على قرار واحد: "ضرورة تطبيق القانون الذي يقضي بعدم تسليم أي مواطن لبنان إلى القضاء الأوروبي". ومتابعة ملفه داخلياً. ولكن ماذا يعني ذلك؟

معناه، أن المحامي العام التمييزي، القاضي عماد قبلان، المُكلف من المدعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات بالاستماع إلى حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، قد حدد جلسة سلامة يوم غد الأربعاء، 24 أيار وقرر عدم توقيفه، وتركه رهن التحقيق، والاستماع إليه في جلسة قصيرة لمناقشة التُهم المنسوبة إليه من قبل القضاء الأوروبي وسحب جوازي سفره اللبناني والفرنسي منه.

ووفقاً لمصدر قضائي رفيع لـ"المدن": "القضاء اللبناني أبلغ الحاكم بموعد جلسته يوم غد، وبدوره أكد سلامة حضوره إلى قصر العدل برفقة وكيله القانوني". 

خوف من الانهيار؟
ولا تُخفي المراجع القضائية التداعيات الخطيرة لتوقيف سلامة داخل القضاء اللبناني، وهو الأمر المُستبعد طبعاً، معتبرةً أن توقيفه قد يؤدي إلى تفلت سعر صرف الدولار الأميركي وانهيار الليرة اللبنانية أكثر، وهو رد الفعل المتوقع من سلامة في حال ضُغط عليه قضائياً.

ويمكن القول أن قرار القضاء بعدم توقيف سلامة ناتج عن خوف من تداعيات هذا القرار على السوق النقدية وسعر صرف الدولار، على اعتبار أن الحاكم وحده القادر على ضبط الدولار في السوق، سيما أنه يتمتع بصلاحيات واسعة داخل المصرف المركزي لا يملكها أي شخص آخر. علماً أن لبقاء الحاكم في منصبه بالرغم من مذكرات التوقيف الدولية بحقه تداعيات خطيرة أيضاً على السوق النقدية.

إذن، حسم القضاء اللبناني خياره، وقرّر عدم توقيف سلامة. وفي الواقع، هذا الخوف ليس مبرراً، خصوصاً أن ولاية الحاكم ستنتهي قريباً. فماذا سيحدث بعد انتهاء ولايته في نهاية شهر تموز المقبل؟ ومن سيدير المصرف المركزي؟ ومن سيتحكم بمنصة صيرفة والسوق السوداء؟

موقف وزاري  
وفي حديث "المدن" مع وزير العدل، هنري الخوري، أكد أن قرار توقيف سلامة أو تركه رهن التحقيق يعود للقضاء اللبناني فقط، ولن يتدخل في هذا الملف بل سيترك القرار للقضاة المعنيين في ملف سلامة، خصوصاً أن الأمور لم تتبلور بعد بسبب عدم وصول ملف سلامة الفرنسي إلى لبنان.

وتابع الخوري: "موقفي واضح من حاكم مصرف لبنان، ويوم أمس خلال الجلسة التشاورية في السرايا الحكومي طلبت من الحكومة إقالة سلامة أو منعه من متابعة أعماله داخل المصرف المركزي".

وقال: "نحن في مرحلة خطيرة جداً، وحذرت منها سابقاً، كيف لحاكم مصرف مُلاحق قضائياً ومتهم بجرائم مالية أن يبقى في منصبه؟". واعترض الخوري على تمسك السلطة السياسية بالحاكم لعدم توفر أي بديل آخر، قائلاً: "ألم يعد من أحد قادر على الحاكمية"؟ لا يمكن القول أن سلامة يحافظ على استقرار سعر الدولار، فخلال ولايته ارتفع سعر الدولار من 1500 ليرة لبنانية إلى 150 ألف ليرة. فهل فعلاً الحاكم سلامة حافظ على سعر الدولار في السوق؟

وكما ذكرنا سابقاً، الأسابيع المقبلة ستكون حافلة بمذكرات التوقيف التي سيصدرها القضاء الأوروبي بحق حاكم مصرف لبنان، وبحق شقيقه رجا سلامة في حال تهرب أيضاً من موعد جلسته الفرنسية في نهاية أيار الجاري.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها