الثلاثاء 2023/05/23

آخر تحديث: 00:03 (بيروت)

المناورة "الهجومية": الخروج من سوريا وتعزيز الردع داخلياً وحدودياً

الثلاثاء 2023/05/23
المناورة "الهجومية": الخروج من سوريا وتعزيز الردع داخلياً وحدودياً
تعميق الانقسام والشرخ، بين القوى السياسية والاجتماعية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
كان لمناورة حزب الله العسكرية الضخمة رسالة أساسية ذات طابع استباقي. في مراجعة لأداء الحزب وعملياته الأمنية ضد العدو الإسرائيلي ما بعد التحرير في العام 2000، وصولاً إلى حرب تموز 2006، يتبين أن هناك عمليات أمنية وعسكرية قام بها حزب الله في تلك الفترة، سواءً كانت عبر بعض التفجيرات التي استهدفت آليات ومواقع، أو محاولات لخطف وأسر جنود إسرائيليين. وكانت كل عملية من هذه العمليات تلقى رداً موضعياً من قبل الإسرائيليين، من دون التورط بعملية عسكرية واسعة. سقطت تلك القاعدة في حرب تموز عام 2006. إذ أن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين استدعت دخول إسرائيل في حرب شاملة. وهي حرب أحدثت شرخاً كبيراً على الساحة اللبنانية بين كثر طالبوا بنزع سلاح حزب الله، أو وقفوا تأييداً ومؤازرة لهذا السلاح.

السبب المباشر
من هنا لا بد من قراءة فحوى رسالة المناورة العسكرية التي قام بها الحزب، وسببها المباشر الأول والأساسي. لقد كانت عبارة عن استعراض القوة العسكرية والجاهزية للدخول في أي مواجهة قد يلجأ إليها الإسرائيليون، خصوصاً في ظل حكومة بنيامين نتنياهو التي تتصارع فيما بين أجنحتها، وتعاني من أزمات كبرى في الداخل. وبالتالي، هي رسالة تحذير لأي محاولة عسكرية قد يلجأ إليها الإسرائيليون، من خلال تأكيد الحزب بأنه جاهز للمعركة الموسعة، خصوصاً أن المناورة اتخذت سمة هجومية ولم تبق فقط في الإطار الدفاعي، وهذا يتضح من خلال السلاح الذي جرى استعراضه، والعمليات الرمزية التي قامت بها فرق الحزب، بالإضافة إلى فحوى شعارها "العبور". أي اقتحام مستوطنات الشمال.

المعنى في الداخل
لكن المناورة، على الرغم من معانيها الإسرائيلية، يبدو أنها أخذت أكثر من معنى في الداخل اللبناني، خصوصاً لجهة توقيتها، بعد القمة العربية وبعد الاتفاق السعودي الإيراني، والتقارب السعودي السوري. بدا حزب الله متفوقاً على الجميع في لبنان، معتبراً أن الصراع الأساسي هو مع اسرائيل وليس مع أحد آخر. وبالتالي، فإن سلاحه هو خارج أي نقاش وأي سياق حول أي تسوية يمكن البحث عنها للأزمة اللبنانية. ثانياً، هناك رمزية أخرى لا بد من التوقف عندها، وهي إظهار القوة المركزية للحزب بثقلها العسكري وقد عادت إلى لبنان. وبالتالي، لم يعد الحزب بحاجة إلى القيام بمناورات عسكرية في سوريا، على غرار ما جرى في مدينة القصير. وهذا يحمل إشارة رمزية إلى سحب الحزب للقوة العسكرية الأساسية في صفوفه من سوريا إلى لبنان.

هذا ما يفترض أن يستفيد حزب الله منه داخلياً، في إظهار القوة والجاهزية، وهو حتماً استدعى وسيستدعي المزيد من السجالات الداخلية، التي تزيد وتعمّق الانقسام والشرخ، بين قوى سياسية واجتماعية ستزيد من مطالبته بضرورة سحب سلاح الحزب، فيما الأخير يقول بوضوح إن هذا الأمر غير مطروح في هذه المرحلة. شيء من هذا السجال سيكون مشابهاً للسجالات التي انطلقت بعد حرب تموز في العام 2006، مع إشارة جديدة ترتبط بأن الحزب سيستفيد من كل الوقائع الإقليمية والدولية ومسار تحسن العلاقات السعودية الإيرانية لترجمتها لبنانياً، ليس بالمعطى العسكري إنما بالمعطى السياسي. سواء من خلال تمسكه بترشيح سليمان فرنجية، وسط محاولات متجددة من قبله ومن قبل الفرنسيين في إقناع التيار الوطني الحرّ بالذهاب بهذا الإتجاه، ولو على سبيل تأمين النصاب وليس من خلال التصويت الكامل. أو من خلال الخلافات المستمرة بين قوى المعارضة والتيار الوطني الحرّ. إذ لم يتفق الطرفان ولا سيما القوات اللبنانية والتيار على مرشح لمواجهة سليمان فرنجية. وهذا ما سيبقي موقف الحزب أقوى من مواقف الآخرين، وهو ما سيكون له أكثر من سياق في المرحلة المقبلة، لا سيما أن الحزب يصوّر المسارات الإقليمية كلها وكأنها تصب في صالحه، ويتعاطى مع الاستحقاقات إنطلاقاً من قاعدة أن المسار القائم سيقود إلى تحتيم رئاسة سليمان فرنجية. ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها