الثلاثاء 2023/03/07

آخر تحديث: 15:15 (بيروت)

فرصة نادرة للمعارضة في الرئاسة.. وبلا حياء

الثلاثاء 2023/03/07
فرصة نادرة للمعارضة في الرئاسة.. وبلا حياء
واقع جديد لم يكن في الحسبان: تكافؤ قوة التعطيل (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

رست "جبهة" حسن نصرالله ونبيه برّي ومن معهما على المرشح المزمن سليمان فرنجية، فيما بقيت "جبهة" المعارضة الرجراجة على المرشح المستجد ميشال معوض. وتحوّل جبران باسيل ورهطه إلى جبهة منفردة، تطلق النار باتجاه الجميع. وارتضى ما تبقى من كتل نيابية ومستقلين التيه والتشرد بين الخنادق، والتفرج على المعركة، ملقين أسلحتهم من غير قتال.

والحال أن ميدان الرئاسة البائس هذا، مثال على "حرب" أهلية برلمانية باردة، تتناسل فصولها منذ اغتيال الرئيس بشير الجميل إلى يومنا هذا. فلم يكن انتخاب الرئيس منذ ذلك الحين، سوى مناسبة لاقتتال عسكري (قبل الطائف) أو سياسي بالغ العنف والقسوة (بعد الطائف) إلى حد الاغتيال أيضاً، كما حدث للرئيس رينيه معوض.

والوصول إلى قصر بعبدا، غالباً ما يكون عبر أطول الطرق وأكثرها وعورة. ولعل مسيرة ميشال عون الدرامية والملحمية المبتدئة ذات منتصف ليل عام 1988، والتي صاحبها الدم والدموع، وانصرمت بجحيم مستعر حتى يومنا هذا، خير دليل على لعنة الرئاسة التي أصابت لبنان وجمهوريته الخربة.

ويبدو أن الرئاسة التي كانت هدفاً استراتيجياً لـ"الوصاية" السورية، كشرط أول للتحكم بالدولة اللبنانية وسياساتها، ظلت كذلك مع وريثها الأهلي، المقتدر والبارع والأشد وضوحاً في طلب التحكم والسيطرة.

وما بين قتل رينيه معوّض، وإفلات بضعة صواريخ صوب ميشال سليمان، وإقفال مجلس النواب، تعلّم المعترضون، الذين يصفهم حسن نصرالله بنبرة ساخرة "السياديين"، أن اعتراضهم عند المقدرة وتحصيل الأغلبية النيابية لا يصنع إلا الشغور، وعند الضعف والاكتفاء بالأقلية لا يفضي إلا إلى ما يسمى بالتوافق والتسوية. وهذه الأخيرة لا تكون سوى تلطيف لغوي للهزيمة.

أمس، كان "السيد" بمنتهى الصراحة والصدق، بما يخص اللعب بالنصاب متحدثاً باستهجان عن "ما كان حراماً في الماضي أصبح حلالاً في الحاضر؟". وهذا الاستهجان مرده واقع جديد لم يكن في الحسبان: تكافؤ قوة التعطيل.

بمعنى آخر، وبعد إقراره أن انتهاك الدستور وأعراف النظام الديموقراطي حدث مراراً وعن قصد إلى حين رضوخ البرلمان لانتخاب مرشحه المفضل، يطلب من خصومه أن لا يعمدوا هم إلى ذلك هذه المرة، معولاً على تذكيرهم بأنهم دائماً ما كانوا يصرخون دفاعاً عن الدستور والأصول. إنه يطلب منهم الحياء والتهذيب. أو إنه يقول: لا تقترفوا ما اقترفته بكم.

ما اضطر نصرالله إلى قول كل ذلك، هو ذاك التكافؤ المستجد في قوة التعطيل وفقدان النصاب. وهذه هي الثغرة الاستراتيجية في ميدان المعركة الرئاسية، التي تتاح ربما للمرة الأولى للمعارضة كي تتوجه نحوها وتمسك بموقع متقدم، كي لا تضطر مجدداً إلى انتخاب مرشح الخصم.

إدارة المعركة إذاً تتطلب التخلي عن "التهذيب" والحياء. وهذه المرة، حين خلص أمين عام حزب الله إلى عبارة "الحوار للبحث عن صيغة حل"، حملت معنى مختلفاً عن المعتاد. ففيها إقرار ضمني بتوازن موازين القوى. وهو المجرِّب والخبير العسكري والسياسي، ويعرف قراءة الميدان، ولديه الشجاعة الكافية للاعتراف بالوقائع ومواجهتها بواقعية.

هي فرصة نادرة لتحقيق انتصار ليس بالضرورة فيه كسر للخصم، ويتطلب صبراً وصلابة، ليسا للأسف من صفات المعارضة. فرصة للندية لم تتوفر سابقاً، وتحتاج لأعصاب فولاذية والكثير من المكر السياسي، من أجل "حوار" حول اختيار رئيس للجمهورية، يكسر اللعنة القابعة في قصر بعبدا.

وأبعد من ذلك، ومن وحي 8 آذار، يوم المرأة العالمي، ربما حان الوقت كي نبحث عن مرشحة للرئاسة، يكون وصولها بداية النهاية لسلطة ذكورية لا تعرف إلا الحرب، سياسة وسلوكاً ولغة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها