الأربعاء 2023/03/22

آخر تحديث: 16:50 (بيروت)

وزير العدل لـ"المدن":ملف المرفأ موقوف وقدمنا للأوروبيين ما طلبوه

الأربعاء 2023/03/22
increase حجم الخط decrease

يحاول القضاء اللبناني التخلّص من مرحلة الشلل والتعطيل التي سيطرت عليه في الأشهر الماضية، حينما تراكمت الأزمات عليه، وحوَّلت قصور العدل إلى ساحات للتصادم بين القضاة أنفسهم. وانطلاقاً من أهمية متابعة الملفات القضائية الكبرى، والتحقيقات الأوروبية في ملف حاكم مصرف لبنان، أجرت "المدن" مقابلة خاصة مع وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال، هنري الخوري، لمتابعة المستجدات القضائية في هذه الملفات إلى جانب دور وزارة العدل في معالجتها.

قضية المرفأ
يصنّف ملف تفجير المرفأ من أهم الملفات القضائية التي دخلت إلى قصور العدل، ولطالما رددت المراجع القضائية الكبرى المُتابعة لهذا الملف، إن القضاء القادر على تحقيق عدالة المرفأ، قادرٌ على معالجة أي ملف من دون أي استثناء.

بسؤال وزير العدل، للتعرّف على آخر التطورات في هذا الملف، وعما إن كانت هناك مساعٍ لوزارة العدل في إيجاد الحلول السريعة له، أوضح "أن ملف المرفأ لا يزال متوقفاً، ولكن العراقيل فيه هي شأن قضائي. ما يعني أنني لا أملك الحق أو المعطيات للتدخل في هذا الملف. ولكنني أتمنى أن يصل إلى خواتيمه وينتهي التحقيق لتظهر العدالة".

وهنا يجب أن نلفت إلى أن وزير العدل الحالي كان قاضياً سابقاً، وتولى رئاسة الغرفة الاولى لمحاكم الدرجة الاولى في جبل لبنان، ورئاسة الغرفة الثانية لمحكمة الاستئناف. لذا طلبنا منه عرض وجهة نظره القانونية وتقييمه لقرار المحقق العدلي، طارق البيطار، في اجتهاده القانوني الذي أعاده إلى ملف المرفأ، ولقرار المدعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات في إخلاء سبيل جميع الموقوفين في الملف نفسه.

لم يقدم الخوري أي تقييم، إنما اكتفى بالقول "إن القرارات القضائية تستند إلى قوانين واجتهادات، وكل قاضٍ يملك وجهة نظره الخاصة". معتبراً أنه شأن قانوني قضائي، والقضاء هو المسؤول عن هذا الأمر، "ولا يمكنني أن أقدم أي رأي قانوني وأن أحكم على القرارات التي مضى فيها كل فريق، ولكنني أيضاً أتمنى أن تزول هذه الأمور وأن يعود التحقيق بملف المرفأ إلى العمل وفقاً للأصول".

وفيما يتعلق بوصول عدد دعاوى الرد الموجهة ضد المحقق العدلي طارق البيطار إلى أكثر من 44 دعوى، وعن الطرق القانونية لمعالجتها، أكد الخوري أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المحاكم المتوجب عليها البتّ في هذه الطلبات. وأضاف: "هناك دعاوى أخرى قُدمت لمخاصمة القضاة، ومن المفترض أن يكتمل عقد رؤساء محاكم التمييز، أي التشكيلات الجزئية للبت بها".

ورداً على سؤال "المدن" حول محاولة بعض الأطراف السياسية داخل الحكومة عرقلة ملف المرفأ عبر تأخير التشكيلات القضائية، أوضح أنه "في الوقت الراهن لا وجود للتشكيلات القضائية الكاملة، وتتوفر فقط التشكيلات الجزئية، لتداول رؤساء غرف التمييز. ولكن برزت في الفترة السابقة عدة محاولات إلا أنها لم تتشكل بسبب التأخير في التوقيع على مرسومها، علماً أن المشكلة لم تكن من وزارة العدل، فأنا قمت بواجبي وبسرعة لافتة، إنما وزارة المالية هي التي تسببت بتأخير توقيع المرسوم. فيما تمثل السبب الثاني بأن بعض القضاة أحيلوا على التقاعد وبات مستحيلاً إصدار المرسوم. ومنذ ذلك الوقت لم يحصل أي تطور أو تقدم في هذا الإطار، ولكنني سأنتظرها من مجلس القضاء الأعلى ومن ثمّ سأعلن عن موقفي المناسب".

وبما يتعلق بإصراره السابق على تعيين القاضية سمرندا نصار كقاضية رديفة، ما أدى إلى انفجار الخلاف بينه وبين رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود، شرح الخوري أن الهدف الأساسي من تعيين محقق عدلي منتدب كان للبت بإخلاءات السبيل. واليوم وبعد إخلاء سبيلهم لم يعد هناك أي أساس لهذا الأمر. وحُلّ الخلاف مع القاضي عبود. وهنا أكد أن مبدأ المطالبة بقاض منتدب "ليس بقرار جديد والقانون يسمح به ويجيزه طبعاً، وهو على خلاف ما أشيع على الإطلاق، نحن حاولنا إيجاد المخارج القانونية السليمة، ولا صحة للكلام الذي أكد أن القاضي الرديف غير قانوني، فبعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، عُيّن قاض رديف".

قضية رياض سلامة
وفي ملف حاكم مصرف لبنان، والوفود الأوروبية أكد أن "الأمور تمّت وفقاً لمعاهدة مكافحة الفساد الدولية، وأعطيت المساعدة القضائية المطلوبة، ونحن ملزمون بتنفيذها، ولم يحصل أي تجاوز للقانون".

وتعليقاً على الإدعاء اللبناني على حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، وعن بقائه في مركزه بالرغم من كل الشبهات حول ثروته وممتلكاته وحساباته المصرفية، قال الخوري: "لن أقدم أي موقف سياسي قبل أن يصدر الحكم النهائي، لأن الادعاء حصل والتحقيقات لم تبدأ بعد عند قاضي التحقيق الأول، القاضي شربل أبو سمرا، وهي سرية ولا يمكن لأي أحد من خارج القضاء أن يطّلع عليها ويبني أحكامه. لذلك لن أقدم أي موقف حول هذا الملف ولن أتدخل به، ولن أبني في مخيلتي أموراً أخرى".

معيشة القضاة
ورداً على سؤال "المدن" المتعلق بقوة القضاء في الصمود في ظل هذه الظروف الراهنة وفي ظل الشغور الرئاسي، أفاد أن "القضاء اللبناني حافظ على قوته وصموده خلال الحرب ولمدة 30 عاماً، وبعد مرور شهر أيلول الماضي بدأت الضغوط تتزايد. وحاولنا تأمين بعض متطلبات القضاة لمساعدتهم في الوصول إلى قصور العدل، غير أن جميع الرواتب في القطاع العام لا تزال دون المستوى المطلوب في ظل الغلاء والتضخم المالي، والذي يعتبر المسبب الأول والأساسي في المشاكل الراهنة".  وتابع "أنا على يقين أن القضاة يدركون تماماً مسؤولياتهم. وكل ما أرجوه أن لا يسبقنا التضخم المالي. خصوصاً أننا وفي العقود الماضية واجهنا مشاكل أكبر من تلك الموجودة حالياً وتحملناها. وفي الفترة الماضية قمنا بتأمين مستلزمات القرطاسية في مكاتب القضاة، ونحن بصدد قبول جميع التقديمات إلى جانب هبات كثيرة قدمت هذا العام، وأيضاً قامت أطراف متنوعة بمساعدتنا. لذا هذه المشاكل لا تخيفنا كثيراً. فقد واجهنا ما هو أصعب. وأنا أعول على إدراك القضاة وحس المسؤولية الذي يتمتعون به".

صندوق التعاضد والطوابع
واختتمنا بسؤال عن قرار صندوق تعاضد القضاة بسحب الطوابع التي تبلغ قيمتها ألف ليرة لبنانية، واستبدالها بطابق بقيمة 100 ألف ليرة. فهل تعتبر وزارة العدل أن هذا القرار قانوني؟

وهنا اعتبر الخوري أن "جميع الإدارات العامة رفعت رسومها من دون العودة للموازنة، فلماذا يتم التركيز على القضاة والقضاء فقط؟".

وأضاف: "يبلغ سعر المصادقة على الوكالة في نقابة المحامين 600 ألف ليرة لبنانية، ونحن حددنا 50 ألف ليرة رسم طوابع فقط، حينما كانت قيمة الليرة أعلى مما هي عليه الآن. وطبعاً لم أتجاوز القانون أو الأصول ولم أقم بهذه الخطوة إلا بعد موافقة نقابة المحامين، التي قبلت بعدما أدركت خطورة الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد".

 وأضاف: "القضاة لا ينتمون إلى تعاونية الموظفين، والمسؤول الأساسي عن طبابتهم ومدارس أطفالهم وأحوال عائلاتهم هو صندوق تعاضد القضاة. فالقاضي ينتمي لهذا البلد، ومن الطبيعي أن يتأثر بتدني العملة الوطنية. وصندوق تعاضد القضاة لا يملك المال منذ حوالى 3 سنوات، لذلك لم يقم بطباعة الطوابع التي تبلغ قيمتها 50 ألف ليرة لبنانية واستعمل المتوفرة لديه البالغ سعرها 100 ألف ليرة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها