الأربعاء 2023/03/15

آخر تحديث: 14:49 (بيروت)

سلامة "المتهرّب" من الاستجواب الأوروبي.. بات مدعى عليه رسمياً

الأربعاء 2023/03/15
increase حجم الخط decrease

منذ الساعة الثامنة والنصف صباحاً، شهدت منطقة العدلية حركة استثنائية. زحمة سير خانقة عند المداخل المؤدية إلى قصر العدل، وإجراءات أمنية مشددة، وعدسات التصوير موجهة نحو المدخل الرئيسي لقصر العدل ببيروت، راجيةً أن تلتقط صوراً للوفود الأوروبية ولحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة.. الذي لم يحضر جلسة استجوابه التي حُددت له اليوم، الأربعاء 15 آذار، متذرعاً بأنه بحاجة لرأي النيابة العامة التمييزية بالمطالعة القانونية التي تقدم بها يوم أمس (عدم جواز حضور قضاة أجانب، راجع "المدن").

داخل قصر العدل، غصّ الطابق الأرضي بالمواطنين الذين حضروا لدفع بعض الرسوم، وإتمام بعض المعاملات القضائية، فيما انحصرت الإجراءات الأمنية في الطابق الخامس، بعدما جُهزت قاعة مجلس الشورى التي كانت ستجمع الوفود الأوروبية بحاكم مصرف لبنان والقضاة اللبنانيين.

الادعاء على سلامة
هذا، وقد تعدى عدد أعضاء الوفد الأوروبي 13 شخصاً، بعدما حضروا إلى قصر العدل ببيروت برفقة مجموعة من المترجمين. وصباحاً التقت بهم القاضية هيلينا اسكندر، رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، وتناقشوا بملف سلامة القضائي، وبجلسات الاستجواب، لتقوم بعدها بالادعاء على رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويّك، متخذة صفة الادعاء الشخصي عليهم، تبعاً للنيابة العامة الاستئنافية، وبموجب ورقة الطلب التي قُدمت للقاضي شربل أبو سمرا، المسؤول عن هذا الملف، وذلك بجرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي.

كما وطالبت بتوقيفهم وحجز جميع أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات عائلاتهم، ومنعهم من التصرف بها، وذلك للحفاظ على حق الدولة اللبنانية، وإصدار القرار الظني بحقهم.

وهو الأمر المتوقع من الوكيلة القانونية للدولة اللبنانية أن تدعي على سلامة، لحفظ حق الدولة اللبنانية من أموال سلامة المجمدة في الخارج، في حال قرر القضاء الأوروبي اتخاذ إجراءات بحق هذه الأموال والممتلكات.

انتظار مطول..
عند العاشرة والنصف صباحاً، دخلت الوفود الأوروبية قاعة الجلسة، برفقة عناصر أمن الدولة وقاضي التحقيق الأول، شربل أبو سمرا وكُتّابه، وكانوا جميعهم بانتظار وصول رياض سلامة.

 ويمكن القول أن الوفود الأوروبية كانت متيقنة من حضور سلامة، وظهر ذلك واضحاً من خلال مجموعة الملفات والأوراق والحقائب التي كانت برفقتهم لحظة دخولهم قاعة الاستجواب، إلاّ أن جلسة الاستماع والاستجواب تحولت إلى جلسة انتظار للحاكم، الذي لم يظهر له أي أثر واكتفى وكيله اللبناني بالحضور، ليُصار بعدها إلى تقديم قطع من حلويات والمشروبات الساخنة للقضاة الأوروبيين.

ذريعة قانونية؟
غاب سلامة متسلحاً بمطالعة قانونية تقدم بها محامي رياض سلامة للقاضي شربل أبو سمرا، علّل فيها عدم جواز حضور الوفود الأوروبية جلسة الاستماع إليه، زاعماً أن بنود الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد تسمح بالاستماع إليه من دون حضور الوفود الأوروبية!

وحسب مصدر قضائي رفيع لـ"المدن"، فإن سلامة طلب من القاضي أبو سمرا إرجاء جلسة تنفيذ الاستنابات القضائية، على اعتبار أنها تمسّ بالسيادة القضائية. وتابع المصدر لـ"المدن": هذه المطالعة ستحوّل إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء الرأي فيها، ومن المرجح عدم الموافقة عليها". هذا ويؤكد مصدر قضائي آخر لـ"المدن"، أن "سلامة لم يحضر جلسة الاستجواب اليوم لأنه كان بانتظار قرار النيابة العامة التمييزية وردها على المطالعة القانونيّة التي ستحوّل إليها اليوم".

جلسة جديدة
وبعد انتظارٍ دام حوالى الساعة ونصف الساعة تقريباً، حُوّلت المطالعة القانونية للنيابة العامة التمييزية لإبداء الرأي فيها، وغادر الوفد الأوروبي قصر العدل، بعدما أرجأ القاضي شربل أبو سمرا جلسة الاستجواب إلى يوم غد الخميس عند الساعة العاشرة صباحاً.

وحسب معلومات "المدن"، فإن القاضي شربل أبو سمرا تلقى من النيابة العامة التمييزية جواباً واضحاً حول هذه المطالعة، طالبين منه تنفيذ الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد تبعاً للقانون، ما يؤكد أنهم رفضوا هذه المطالعة. وعليه، قرر أبو سمرا إرجاء الجلسة ليوم غد بعدما اعتبرها الأخير غير قانونية.

وحسب القاضي شربل أبو سمرا، فإن القضاء اللبناني يرى أن الاستنابة القضائية الأوروبية لا تتعارض مع السيادة القضائية، وفي حال عدم حضور سلامة غداً، يحق للدول الأوروبية اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه، شريطة أن تكون هذه الإجراءات خارج الأراضي اللبنانية.

وهنا يمكن القول أن سلامة الذي تملص من الحضور اليوم بذريعة المطالعة القانونية، لن يتمكن من التملص مجدداً تحت حججٍ أخرى. وهنا، أكدت بعض المصادر لـ"المدن" حضور سلامة غداً جلسة الاستجواب، بعدما أكد موكله القانوني هذا الأمر، في حين أشارت مصادر أخرى أن سلامة لن يحضر بعدما جرى تداول بعض المعلومات حول إصرار القاضية الفرنسية استجوابه والاستماع له كمشتبه به وليس كشاهدٍ.

مرة أخرى، لا يمكن التأكد من حضور سلامة أو تغيبه عن جلسة الغد، ولكن عدم حضوره جلسة الغد سيسمح للدول الأوروبية باتخاذ إجراءات بحقه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها