وقال فودة إن "نصرالله يواجه معضلة صعبة: فمن ناحية، تشكل المواجهة المستمرة مع إسرائيل مصدراً لتبرير وجود المنظمة، ومن ناحية أخرى، فإن اتخاذ إجراءات تتعارض مع مصلحة الدولة من شأنه أن يقوض مقولة المدافع عن لبنان". واستدرك أن "هذه المعضلات دفعت نصرالله إلى البقاء، على الأقل حتى الآن، خارج الحرب، ويبدو أن الاعتبار الداخلي اللبناني يغلب على الاعتبارات الأخرى لديه". وتابع "وبعيداً عن حقيقة أنه فقد عنصر المفاجأة، فإن غالبية الساحة اللبنانية الداخلية تعارض بشدة جر البلاد إلى الحرب، كون لبنان على مدى السنوات الأربع الماضية، يعاني من أشد أزمة اقتصادية في تاريخه، وذلك في وقت تسير فيه البلاد من دون رئيس حالي ومع حكومة انتقالية لا تؤدي وظيفتها".
انتقادات لاذعة
وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أنه "في هذه الأثناء، فإن عشرات الآلاف من اللبنانيين في الجنوب لا ينتظرون، وقد بدأوا بالفعل في إخلاء قراهم". وأوضح أن "الاعتبار الداخلي اللبناني انعكس في الخطابين اللذين ألقاهما نصرالله، وحاول فيهما الافتخار بموقف تنظيمه إلى جانب الفلسطينيين، لكن يمكن أن يفهم من السطور أنه غير مهتم بتوسيع الصراع". واستدرك "ولهذا تلقى انتقادات لاذعة من مختلف الأطراف في العالم العربي، واتهم بأن يتفاخر في كثير من الأحيان في حديثه عن المقاومة والنضال في إسرائيل، لكنه في لحظة الحقيقة ترك الفلسطينيين لمصيرهم".
ورأى أنه ما دام القتال في غزة مستمراً، فسوف تستمر أيضاً جهود الاستنزاف التي يبذلها المحور الإيراني في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وفي مقدمتها جهود الاستنزاف التي يبذلها حزب الله على الحدود اللبنانية، ولكن من دون أن تتحول إلى حرب. وأضاف أن "من المعقول الافتراض أنه سيبذل كل جهد ممكن لجعل إسرائيل هي التي تهاجم أولاً"، لافتاً إلى "نصرالله يولي أهمية لصورته كشخص يتخذ قراراته بعقلانية ومحسوبة، ومن الصعب أن نتصور أي حجة عقلانية يمكن أن يقدمها للجمهور اللبناني لو كان هو من بدأ حرباً مدمرة".
وتابع أن "الرواية التي سيحاول ترسيخها هي أن إسرائيل هي التي بدأت الحرب، وكان عليه، باعتباره المدافع عن لبنان، أن يهب للدفاع عنها والرد". وختم فودة بقوله "إسرائيل من جهتها قررت التركيز على الساحة الجنوبية وتجنب توسيع الصراع في الشمال، لكن الحرب في غزة، وخصوصاً نتائجها، قد تحتوي على فرصة لإسرائيل لتغيير المعادلة أيضاً في مواجهة حزب الله في الشمال، سواء بالوسائل العسكرية أو السياسية" على حد تعبيره.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها