الخميس 2023/01/26

آخر تحديث: 15:30 (بيروت)

أهالي الضحايا يقتحمون وزارة العدل.. و"الأمن" يضرب نائباً

الخميس 2023/01/26
أهالي الضحايا يقتحمون وزارة العدل.. و"الأمن" يضرب نائباً
اتهم النائب وضاح الصادق حراس وزير العدل بالاعتداء عليه (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

صباح اليوم الخميس 26 كانون الثاني، نفذ أهالي ضحايا تفجير المرفأ تظاهرة احتجاجية حاشدة من أمام وزارة العدل في بيروت، وبحضور شخصيات حقوقية وسياسية، وأمام كاميرات الإعلام المحلي والدولي، ندد المتظاهرون/ات بالأسلوب التعسفي والتسييس الفضائحي و"الاغتصاب العلنيّ للعدالة" الذي انتهجته السّلطة اللبنانية في معالجة ملف تفجير المرفأ، واستحالته رهينةً للتجاذبات والتخبطات القضائية، ذلك بعد القرارات الصادرة وفي طور الصدور تباعًا عن النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، والتّي وصلت حدّ المناكدة السوريالية، بحق المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، بعد أن عاد الأخير إلى متابعة الملف بعد شهور من كف يده عنه، معلناً إشرافه على إنهاء القرار الاتهامي، الذي سيحوله إلى المجلس العدلي، وذلك بموجب اجتهاد قانوني، وفي خطوة مباغتة أسفر عنها تكتل غالبية القوى السّياسية ضدّه، لمحاولة تنحيته مجددًا عن الملف، بالتعاون مع السّاسة والقضاة والضابطة العدلية ومجلس القضاء الأعلى.

صراع قضائي انتقل إلى الشارع
لا شكّ أن صراع المحقق العدلي والمدعي العام التمييزي، والقرارات القضائية التّي باتت تصدر بصورة اعتباطية ودورية، والتّي أماطت اللثام عن حجم التصدعات في بنية القضاء اللبناني واستتباع أهله لصالح النفوذ السياسي، قد انفجرت أخيرًا وبصورة غير مسبوقة، وما لبثت أن انتقلت إلى الشارع اليوم، مسببةً خضة وتوتراً عامّين عند المعنيين والمطالبين بالعدالة، كأهالي تفجير المرفأ على وجه التخصيص، والذين دعوا ليل أمس المواطنين والمعنيين للنزول إلى الشارع، رفضًا لهذا الصراع الذي جاء على حساب دماء أولادهم. وقد انتشرت دعوات لمجموعات الحراك المدني وتكتلات ثورية، لمشاركة هؤلاء في اعتصامهم. تحت شعار "دعمًا لمسار التحقيق بوجه انقلاب السّلطة على القانون" و "مع القاضي بيطار، حتّى إحقاق الحق".

وقد تضامن الأهالي مع قرار القاضي البيطار داعمين خطوته في استئناف مسار التحقيق بعد حوالى السنة من تعطيله، هذا القرار المعلل بالقانون، والمدعوم من المعاهدات والتشريعات الحقوقية الدولية التّي وافق عليها لبنان من دون أي تحفظات، بوجه ما أسموه الانقلاب السياسي والأمني والقضائي على القانون، وعلى العدالة. هذا فيما دعوا القضاء، ممثلاً بمجلس القضاء الأعلى لتأمين الحماية لمسار التحقيق، ووقف محاولات السّلطة السياسية لتطييره بتعيين قاضٍ رديف أو بديل، لتنفيذ أجندات معينة، لا تصب في صالح العدالة، بل من شأنها طمس القضية وتغييبها في أدراج الفساد واللاقانون. محملين القوى الأمنية مسؤولية سلامة القاضي البيطار، وأمن وسلامة مستنداته.

تظاهرة احتجاجية
وبالفعل، نفذ الأهالي اعتصامهم الذي حضرته وجوه حقوقية كالمحامي واصف الحركة، وعدد من نواب التغيير والمعارضة، ومواكبة إعلامية ضخمة تزامنت مع تواجد أمني كبير. فيما استهلت التظاهرة بكلمة للأهالي الذين عبروا عن تضامنهم مع القاضي البيطار ثانين على جهوده في الملف، وتمسكه به بالرغم من كل العراقيل التّي تعترض عمله، ومعربين عن رفضهم لمحاولات السّلطة تمييع الملف وطمسه، وقد راجت الهتافات المنددة بالقاضي عويدات، مثل "يسقط عويدات، ويلا ارحل يا عويدات"، فضلاً عن الهتافات المنددة بحزب الله، والتّي تسارعت وتيرتها متهمين إياه بالتدخل بالملف كمثل "حزب الله إرهابي".. وغيرها. وقد رفع المتظاهرون/ات اللافتات التّي حملت الشعارات التالية: "مع تحقيق دولي، العدالة آتية، افتحوا أبواب هجرة القضاء".

هذا فيما قام الأهالي بقطع الطريق العام في محيط وزارة العدل ذهابًا وإيابًا، لمدّة وجيزة تخللها سجالات بينهم وبين القوى الأمنية. فيما حاول أحد السّائقين المرور عبر الحاجز البلاستيكي الذي وضعه الأهالي، وعند ما حاول الأخيرون توقيفه قام بإبراز مسدسه الحربي، فما كان من القوى الأمنية سوى تمريره لامتصاص حادث أو جريمة عتيدة. وفي حديثها مع "المدن" نددت والدة جو إلياس عقيقي أحد ضحايا تفجير المرفأ بالتسويف والتحامل الحاصل، قائلةً: "نطالب اليوم برفع الظلم وتحقيق العدالة، العدالة للضحايا وذويهم الذين يطالبون بكشف المذنبين ومعاقبتهم، ولتفادي حصول تفجير آخر أو واقعة جديدة يموت فيها المواطنون عنوةً وبعبثية. نتضامن اليوم مع القاضي البيطار بوجه القرارات الاعتباطية واللاقانونية والتّي ندفع ثمنها نحن المطالبين بعدالة أبنائنا، ومستمرون بالمواجهة حتى الرمق الأخير، ومع كل تصعيد قضائي سنصعّد أكثر حتّى نحقق مطالبنا وحقوقنا". 

اقتحام وزارة العدل
وسرعان ما اشتد التوتر، مفرزًا حالة من الغضب عند الحضور الذين قاموا بخلع بوابة وزارة العدل الحديدية، مقتحمين المدخل، وسط مقاومة من عناصر القوى الأمنية والجيش، بالتزامن مع بدء التحضير لانعقاد مجلس القضاء الأعلى الذي سيناقش عدّة بنود من بينها كتاب وزير العدل حول خرق سرية التحقيق وتداعيات قضية المرفأ، فيما كان قد حضر عدد من القضاة الذين رفضوا المباشرة تحت ضغط الشارع.

وأسفر الصدام مع القوى الأمنية عن إصابة ثلاثة متظاهرين، واستمرت المواجهة عدّة دقائق، تمثلت بتضارب بالأيدي، وإطلاق الشتائم. وعليه قام المتظاهرون بضرب أحد العناصر في قوى الأمن الداخلي أمام قصر العدل، بحجة ضربه لعدد من المتظاهرين في اقتحامهم.

هذا الاقتحام جاء بعد إشكال حصل بين عدد من النواب ووزير العدل، اتهم فيه النائب وضاح الصادق حراس الوزير بالاعتداء عليه. وقد أكدّ الأخير أن مرافقيه قد حالوا دون التضارب بين النواب والأمن. وبالتزامن تم توقيف المحامي واصف الحركة على خلفية هذا الإشكال الذي تمثل بمناوشات بين المتظاهرين/ات وعناصر مكافحة الشغب، وأطلق سراحه بعد مهلة وجيزة، بمواكبة عدد من نواب التغيير كحليمة القعقور. وإزاء هذه التطورات اجتمع عدد من النواب التغييريين الذي اجتمعوا بنواب "القوات" و"الكتائب" وعدد من النواب المستقلين في مجلس نقابة المحامين، للتباحث في الخطط المقبلة. هذا فيما أعلن القاضي البيطار الذي لم يحضر لمكتبه، حسب ما أشارت مصادر "المدن"، أنه مستمر في عمله في قضية تفجير المرفأ، ولن يمثل اليوم في الجلسة التّي حددها له القاضي عويدات، الذي اجتمع معه عدد من القضاة رافضين تدخل النواب في عمل القضاء.

وسط مطالبات بتكليف لجنة تحقيق دولية، والمناكفات والمناكدات الآنية، والضغط الشعبي الذي تطور لتحرك واسع ودوري في الشارع، فإن بطل المشهد اليوم، هو النهج الفاسد الفضائحي، الذي تسلكه غالبية الأطراف السياسية بالتكافل والتعاضد مع اتباعها في الجسم القضائي، الذين يمارسون عنوةّ الضغط لتصويب التحقيق في دائرة مآربها، فارضةً عراقيل جديدة لتنحية أي شخص يكشف الغطاء عن تورطها، وفارضة وقائع سياسية، لإنجاز تسوية أو إغلاق الملف نهائيًا. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها