الأربعاء 2022/09/07

آخر تحديث: 13:36 (بيروت)

متى ننتقل من تحديد مواصفات الرئيس إلى تسميته؟

الأربعاء 2022/09/07
متى ننتقل من تحديد مواصفات الرئيس إلى تسميته؟
لماذا عند طرح أي اسم يَعتبر المعني أن الهدف "حرق" أسهمه الرئاسية؟ (Getty)
increase حجم الخط decrease
حددت معظم الأحزاب والقوى السياسية "مواصفات" رئيس الجمهورية العتيد. أصبح اللبنانيون يعرفون عشرات الصفات والمعايير الموضوعة لمن سيشغل المنصب الأول في الجمهورية، لكنهم لم يسمعوا من أي جهة أو فريق وازن، إسماً تنطبق عليه هذه المواصفات.

إذا تجاوزنا الصفات، وفيها ما هو بديهي لشاغل أي منصب عام، يبدو السؤال مشروعاً: لماذا لا يُسمي أي طرف سياسي اسماً، أو أسماء مرشحيه لرئاسة الجمهورية ليتم الاختيار من بينها؟

قد تكون بكركي معذورة في تحفظها عن التسمية، هي التي كانت أول من بادر إلى طرح المواصفات التي، عملياً، أبعدت "الأقوياء" عن المنصب الأول، لكن ما عذر الآخرين؟
فبكركي تفضل بسبب موقعها "الديني" أن تتجنب الدخول في "التفاصيل" السياسية، كما تتجنب "الحساسية" التي تتأتى عن تفضيل أحد "أبنائها" الموارنة وتسميته، واستبعاد آخرين. ويُنقل عن البطريرك الماروني بشارة الراعي تأكيده أنه لن يسمّي أحداً، وإصراره على عبارة "الطائفة تزخر بالطاقات".

أسئلة مشروعة
على بُعد 54 يوماً من انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، ووسط الأزمات غير المسبوقة تكثر الاسئلة المشروعة. فإذا كان السياسيون "التقليديون" يتحفظون لموروثات تبدأ من حساباتهم الصغيرة وصراعاتهم على الحصص والسلطة، ولا تنتهي بانتظار "كلمة السر" الخارجية، فما عذر "التغييريين"؟

لماذا اكتفوا بالانضمام إلى نادي "أصحاب المواصفات"؟
لماذا يبدون كمن يخشون أن تتبلل أطرافهم، في حين أنهم يخوضون بحر السياسة المتلاطم الأزمات؟
لماذا عند طرح أي اسم، من أي جهة، يَعتبر المعني أن الهدف "حرق" أسهمه الرئاسية؟ هل في المنصب والطموح "العاقل" إليه ما يعيب أو يسيء إلى أي شخص؟

لماذا عند مفاتحة معظم من يجري التداول باسمائهم ينتفضون ويستنكرون وينفون، وفي أفضل الحالات يتعففون. والأكيد أن جميعهم يتلهفون إليها.

لماذا يستسهل بعض السفراء، عرب وغربيون، أن يطرحوا أسماء بصيغة "جس النبض"، لمرشحين أمضوا معظم حياتهم خارج لبنان، ويكادون لا يعرفون تركيبته، ناهيك عن يوميات ناسه وأزماتهم؟

لماذا لا يطرح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مجموعة أسماء من "المعارضة" على تنويعاتها، وهو الذي كان سبّاقاً إلى دعوتها للتوحد والتوافق على مرشح؟

لماذا يتجنب كل المعارضين "هذه الكأس المرّة؟" من "الكتائب" إلى "كتلة تجدد" إلى نواة كل لقاء يحاول أن يبلور خطاباً مشتركاً، وصولاً إلى كل نائب مستقل في المجلس؟ 

إذا كان النواب المسلمون يتحفظون على التسمية لدواعي "التوازنات" الطائفية وحساسياتها، لماذا لا يدفعون حلفاءهم المسيحيين إلى المبادرة والتسمية ويناقشون بالأسماء؟.

لماذا لا يشعر النواب أنهم يُخلّون بأحد أهم واجباتهم الدستورية من خلال عدم انتخابهم رئيساً للجمهورية ضمن المهلة المحددة في الدستور؟

عاجزة عن الاستيعاب
تكثر الأسئلة لكنها، إلى اليوم تبقى من دون إجابات مقنعة. هذا ما يدفع أسقف ماروني إلى التساؤل "هل فعلا يعي السياسيون اللبنانيون المخاطر المحدقة بالبلد والناس؟ هل يطلعون على التقارير الدولية في هذا المجال؟ إن كانوا يفعلون كيف يمكنهم الاستمرار في مهازلهم والناس على أبواب فقر مدقع؟". يضيف "إن الكنيسة، عاجزة عن الاستيعاب كيف يمكن للسياسين أن يشاهدوا الانهيار المريع للبلد ولا يغيّروا من سلوكهم وينكبوا على عملية الانقاذ".

ومع ذلك، يصح السؤال "على من تقرأ مزاميرك؟".

فلا حكومة جديدة. لا ترسيم قريب للحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. لا إصلاحات جديّة. لا خطة اقتصادية. لا نجدة قريبة من صندوق النقد.
وفي الموازاة، يزداد بنيان الدولة هشاشة وتتراجع مناعتها السياسية والقضائية والاقتصادية. فإذا ما تكرس الانهيار الشامل، لا تعود رئاسة الجمهورية إلا مركزاً إضافياً لإدارة الأزمة وليس موقعاً يسهم في استرجاع الثقة بالبلد وإعادة رسم مستقبله. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها