الجمعة 2022/08/19

آخر تحديث: 11:13 (بيروت)

صراع"التيار" و"القوات"يحيي شياطين الذاكرة والبطريرك لن يبادر

الجمعة 2022/08/19
صراع"التيار" و"القوات"يحيي شياطين الذاكرة والبطريرك لن يبادر
يعيد التصعيد المتجدد بين الحزبين ذكريات أقسى تجارب المسيحيين ومٍِِِِحَنهم (المدن)
increase حجم الخط decrease
يستعر تبادل الاتهامات بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية". يكاد الطرفان يستعيدان الخطاب المكرر نفسه منذ التسعينات. وهو خطاب مرشح إلى مزيد من التصعيد كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية.

توقظ حدّة هذا الخلاف ولغته ذكرياتٍ مرّة في "الوجدان المسيحي" تنعكس قلقاً من استعادة إحدى أقسى تجاربهم التي كرّست، بنظرهم، هزيمتهم على كل المستويات.

هي مرحلة بدأت يوم دخول العماد ميشال عون للمرة الأولى إلى بعبدا في 22 أيلول    1988 ولم تنتهِ إلا بنفيه إلى فرنسا، وسجن خصمه الدكتور سمير جعجع، وفرض النظام السوري سيطرته الكاملة على لبنان. فاختبر المسيحيون يومها "إحباطاً" لم يسبق لهم أن عايشوه منذ استقلال "لبنانهم" الكبير.

هزيمة الـ85%
أرّخت تلك المرحلة لما تلاها من "هزائم" يعتبرون أنهم يدفعون ثمنها إلى اليوم.
لذا، في الوقت المستقطع لصراع الحزبين، في زمن التحضير لاتفاق معراب، أظهر استفتاء رأي نفذه الدكتور طانيوس شهوان مدير عام مؤسسة "غلوبال فيزيون" أن 85 بالمئة من المسيحيين يؤيدون المصالحة بين "التيار" و"القوات".

يومها عممّ الطرفان الرقم وكأنه إرادة مجتمع بأكمله يريد ترشيح عون إلى الرئاسة. لم يكن الرقم خاطئاُ. لا بل يمكن الاجتهاد والقول أن نسبة الذين تعبوا وخافوا واكتفوا من صراعهما قد تكون حتى أعلى.

التضليل حصل في مكان آخر. فالمسيحيون الذين أيدوا بغالبيتهم الساحقة مصالحة تخفف التوتر والأحقاد، لم يؤيدوا بالنسبة نفسها عون للرئاسة.

لكنها كانت لحظة لتقاسم السلطة والنفوذ ولا بد من التمسك بما يدعمها.

لم يطل "عهد الهوى" بين الطرفين، وعاد السجال السياسي يتصاعد، والأدق ينحدر، وصولاً إلى نبش الماضي بكل فظائعه. وللدقة، فإن "التيار" أكثر اجتهاداً في نبش القبور والصراعات و...الأوتوسترادات.

هزم "التيار" و"القوات" إرادة الـ85% من المسيحيين وعادوا، ليس إلى صراع سياسي مشروع ومطلوب، إنما لشحذ سكاكين الحقد والتخوين المتبادل.

سيناريو مكرر
اليوم ، يتكرر سيناريو "الحروب الكلامية" في زمن يكاد يشبه بقسوته مراحل صراعهما الأول منذ الـ1989 وما تلاها من هجرة أعداد كبيرة من المسيحيين. تتشابه النتائج وإن اختلفت الظروف. هي أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية غير مسبوقة قضت على "العصب المسيحي"، أي الطبقة الوسطى، وأنتجت خوفاً من حاضر بائس وانعداماً للأمان وفقداناً للأمل.

صحيح أنها حالة لبنانية معممة، لكن لها ثقلها الخاص عند المسيحيين الذين تتراجع أعدادهم بشكل مقلق، فيستحضرون تجارب دول عربية كثيرة انتهى فيها الحضور المسيحي إلى حضور شكلي.

يتزامن الانهيار الاقتصادي مع "انهيار" صورة لبنان الذي عرفوه، أو اخترعوه وتخيلوه، وتراجُع تأثيرهم في مساره ومآلاته.

على هذه الخلفيات، وفي هذه الظروف الدقيقة وشبح الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية يتقدم، يعود الحديث عن دور مطلوب من الكنيسة لتجمع المتخاصمين وتوحد الموقف من "المنصب الكبير".

كل يوم مبادرة
لا يجد البطريرك الماروني بشارة الراعي حرجاً من الإقدام على أي خطوة يمكن أن تقرّب بين اي متخاصمين، لاسيما المسيحيين منهم. لكنه "لن يبادر في هذا الاتجاه وهو يعرف مسبقاً أن لا نية صادقة لدى جميع الأفرقاء بالتلاقي تحت سقف المصلحة الوطنية بعيداً عن حسابات ربح من هنا أو توزيع مغانم سلطة من هناك"، حسب ما يؤكد مصدر مطلع. ويضيف "لن تُستدرج بكركي إلى لعبة الاصطفافات والأسماء، ولن تسمح بالاستقواء بمواقفها المبدئية ليسجل فريق انتصارات وهمية على الآخر. فإذا لم يتم انتخاب رئيس في المهلة الدستورية، فالجميع سيكون خاسراً، وأولهم لبنان وعموم شعبه".

يعيد المصدر التأكيد "إلى اليوم، لن يطلق البطريرك أي مبادرة. لا بل للأمانة هو في كل يوم يطلق مبادرة لمن يريد أن يسمع ويفهم. لم يتوقف صاحب الغبطة عن الإشارة إلى مكامن الخلل الوطني. وهو يصر على تشكيل حكومة وانتخاب رئيس في بداية المهلة الدستورية. وفي كل عظة يؤشر إلى أحوال البنيان الوطني المتهالك من القضاء إلى الاقتصاد إلى أحوال الناس ومعاناتهم، متطرقاً بمبدئية ووطنية وإنسانية إلى كل القضايا. فماذا يفعل أكثر؟".
يكرر المصدر ما يتم ترداده كثيراً في الديمان في هذه الفترة "على السياسيين تحمّل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم. وهذا أبسط الإيمان".
لكن السؤال المشروع "من قال أنهم من المؤمنين"؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها