السبت 2022/07/16

آخر تحديث: 11:26 (بيروت)

نائب حزب الله وطاولة نواب زحلة: العداوة السياسية أولاً

السبت 2022/07/16
نائب حزب الله وطاولة نواب زحلة: العداوة السياسية أولاً
يرفض النائب رامي أبو حمدان الانضمام إلى لقاءات طاولة نواب زحلة الإنمائية (المدن)
increase حجم الخط decrease

احتدم النقاش "الخلافي" في مدينة زحلة بنهاية الأسبوع الجاري، ليعاكس الصورة التي حاول نواب المنطقة تقديمها لأهالي زحلة وقضائها بعد انتخابهم، عندما استجابوا لمبادرة رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب ودعوته لتخطي خلافاتهم السياسية، والالتقاء على طاولة خصصها لهم في القصر البلدي، للبحث بالشؤون الإنمائية لزحلة وقضائها.

ومع هذا الاحتدام استرجعت المنطقة بعضاً من عبارات التجييش التي رافقت مرحلة الانتخابات، على خلفية ما نقل عن لقاء تعارفي دعا إليه النائب عن المقعد الشيعي في القضاء رامي أبو حمدان مع صحافييها.

الاصطفافات السياسية
وكان أبو حمدان قد قدم ذريعتين للتغيب عن أول لقائين عقدهما نواب زحلة في بلدية زحلة التي خصصتهم أيضاً بسكرتاريا خاصة وأمانة سر تنظم جدول أعمالهم المشترك. وهو ما أثار تساؤلات عن نيته المشاركة في اللقاءات اللاحقة أو مقاطعتها، فكان من الطبيعي أن يطرحها الصحافيون عليه مباشرة في أول حديث يدلي به منذ ترشحه للانتخابات، خصوصاً أن أبو حمدان الذي رشحه حزب الله على لائحة تحالفه مع التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق حُرم من الكلام حتى في المهرجان المشترك الذي نظم لإطلاق لائحتهم حينها، وقد كشف في لقائه مع الصحافيين أيضاً عن امتعاضه من هذا المنحى الذي اتبعه حلفاؤه، والذين أبدوا خشية من استفزاز ناخبي زحلة حينها.

بدا أبو حمدان في أول اللقاء مصراً (كلامياً على الأقل) على الانفتاح على كل مكونات النسيج البقاعي، بما يشكله من نموذج مصغر عن التنوع السياسي والطائفي للبنان عموماً. وهو كان مصراً على أن هذا الانفتاح ليس سعياً من قبل حزب الله لمصادرة دور الآخرين ومكانهم في بيئتهم.. وإنما هو محاولة لتجاوز ما تعانيه المنطقة والقضاء كما وصّف الحال من "اصطفافات سياسية، وما يضعه كل فريق بوجه الآخر من شكوك بالظن"، وحمّل الإعلام بعض مسؤوليته. معتبراً أن للإعلاميين دوراً إما في حسن نقل الأمور بإيجابية أو في تعميق الخلافات. مضيفاً أن محاولته هذه تغلق الباب أمام الانتهازيين الذين يستغلون اسم حزب الله ليشوهوا صورته، مؤكداً أن توصية الأمين العام لحزب الله هي بمد يد العون للكل وخصوصاً من هم خارج البيئة الشيعية، وهي مسألة يعلم أبو حمدان أنها لن تكون سهلة بظل القانون الانتخابي الذي جعل كل نائب من زملائه يفوز بأصوات طائفته حصراً، من دون حاجته لمقاربة ناخبي الطوائف الأخرى.

"هواجس أهل السهل"!
كلام أبو حمدان بدا إيجابياً إلى حد بعيد، إلى أن طرح السؤال الأساس الذي يفترض أنه كان يتوقعه من الصحافيين، بعد تغيبه عن جولتين من اللقاءات النيابية المشتركة التي تشدد على تقديم مصلحة المنطقة الإنمائية وحاجات الناس، التي أكد أنها ستشكل أولوية عمله في المرحلة المقبلة.

وهنا تحديداً بدت إحدى الذرائع التي قدمها أبو حمدان من دون أن يتبناها مثيرة للاستغراب. إذ أعرب أبو حمدان عن جدولة مواعيده للمشاركة في اللقاءات المقبلة، ولكن بشرط أن تراعى هواجس "أهل السهل" تجاه مدينة زحلة تحديداً.

بالنسبة لأبو حمدان العمل الجماعي غير ملزم، وبالتالي إذا لم يلتحق بهذه الطاولة، لن يكون قد ارتكب إثماً، كما ذكر خلال اللقاء. ومن هنا وجد لنفسه ثغرة للتنصل من هذا العمل الجماعي، كاشفاً عن مراجعات تلقاها من العديد من البلديات وتساؤلات حول سبب عقد اللقاءات في زحلة وليس في أي بلدة أخرى. علما أن رئيس بلدية زحلة كان المبادر لهذه الدعوة، وقد أمن للنواب مكتباً خاصاً للقاء، مع سكرتاريا، مكرراً حيادية البلدية تجاه هذه اللقاءات، التي وجه الدعوة لكل البلديات من أجل التواصل مع أمانة سرها للبحث في القضايا الإنمائية المشتركة.

سجال مع القوات
النقطة التي أثارت النقاش لدى تسريبها إلى خارج أبواب غرفة التعارف مع الصحافيين، كانت ما قاله أبو حمدان عن ذهنيات بائدة تعيدنا إلى سبعينات القرن الماضي لدى الحديث عن زحلة كعاصمة القرار السياسي. معتبراً أن طابع مدينة زحلة "طائفي عنصري" بامتياز بنظر البعض.

وهذا الكلام تحديداً أعطى الذريعة لهجوم مضاد من قبل نائبي القوات اللبنانية جورج عقيص والياس إسطفان، انطلق من منطق الدفاع عن زحلة ودورها ومكانتها السياسية، إلى عمق الخلافات السياسية الاستراتيجية بين الحزبين، والتي لم تتوان في استعادة أحداث الطيونة وانفجار مرفأ بيروت، مع تحميلهما كل الاتهامات الموجهة إلى الآخر. خصوصاً بعدما كشفه أبو حمدان من خلال متابعته تبرير غيابه عن لقاءات النواب، حول الحرج الذي يمكن أن يتسببه بوجوده على الطاولة نفسها مع نائبيّ القوات في المنطقة. معززاً موقفه هذا بتغيّب نائبي القوات عن مصالحة كان يفترض أن تجري في منطقة الكرك خلال مرحلة الانتخابات الماضية، وتغيب عنها نواب القوات لمجرد حضور نائب حزب الله.

العصب الانتخابي والانشقاق

ومن هنا، قال أبو حمدان أنه توقع من القوات حركة تحمسه على المشاركة باللقاء. الأمر الذي لم يعد متاحاً الآن على ما يبدو، بعدما أيقظ كلامه والردود عليه الشروخ داخل المجتمع البقاعي والاصطفافات التي بدأ بها حديثه، رغم انتهاء مرحلة شد العصب الانتخابي. وهذا ما اعتبره البعض خدمة مباشرة لكل الجهات السياسية التي تتغذى على حساب هذه الانشقاقات في المجتمعات.

فهل هذا يعني أن أبو حمدان بات خارج طاولة لقاء نواب زحلة حول قضايا المنطقة الإنمائية؟ لا شك أن مهمة ضم أبو حمدان إلى الطاولة باتت أصعب حالياً، خصوصاً أن أي طرف لم يبد استعداداً لتذليل مفاعليه. ولا سيما حول ما تحدث عنه أبو حمدان من "هواجس" تجاه زحلة. علماً أن رئيس بلدية زحلة أكد في اتصال مع "المدن" أن بلديتها "لا تسعى لتعليق النجوم من خلال المبادرة، ودورها لا يحدده انعقاد طاولة النواب في قصر بلدية زحلة أو خارجه، وكل ما في الأمر أن بلدية زحلة قدمت المكتب والسكرتاريا للقاء من أجل مصلحة القضاء، وإذا كان الأمر ممكناً في أي مكان آخر فلن نقف بوجهه، لأن الأهم هو تكتل جهود النواب لتحصيل حقوق المنطقة الإنمائية المهدورة منذ سنوات طويلة".

معضلة الغياب الشيعي

في المقابل فإن غياب أبو حمدان عن طاولة النواب المجتمعة يسقط مباشرة تمثيل مكون أساسي للمجتمع البقاعي متمثل بالطائفة الشيعية التي صبت أصواتها بغالبية ساحقة لمصلحة مرشح حزب الله. ويجعل نائبه غير ملزم بأي قضية مشتركة يبحث بها زملاؤه، كمثل ملف الكهرباء الذي شارفت ولاية إدارتها المحلية الحالية على الانتهاء، وتحتاج للبحث في حلول مستدامة. في وقت كشف أبو حمدان أيضاً عن تحفظات في مقاربة هذا الملف من قبل فريقه، متحدثاً عن مشروع موازٍ بأقل كلفة قد يقدّم بموازاته.

ما جرى في نهاية الأسبوع الجاري لم يكن المطب الوحيد الذي تعرضت له طاولة لقاء نواب زحلة. وغياب النائب ميشال ضاهر عن اللقاء الثاني للنواب في بلدية زحلة، حمل رسالة انزعاج مما اعتبره تفرد النائب جورج عقيص بإحضار وزير الاقتصاد إلى القضاء للبحث بمشكلة نقص الطحين، من دون أن يدعوه أقله للمشاركة في لقاءاته كرئيس للجنة الاقتصاد.

وإذا كانت المصادر تتحدث عن محاولات تجري لإستيعاب المطب الثاني من خلال دعوة النواب لبحث خلافاتهم على الطاولة مباشرة، فإن حسن النيات يمكن أن يترجم أيضا بدعوة النائب أبو حمدان لطاولة نواب زحلة من أجل طرح الهواجس كما الملاحظات التقنية التي كشفها أمام الصحافيين، إلا إذا كانت تلك ذريعة فقط تغلف خلافات أكثر عمقا كتلك التي تمنع الإلتقاء بين حزب الله والقوات اللبنانية على مصلحة وطنية واحدة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها