السبت 2022/06/11

آخر تحديث: 17:16 (بيروت)

نواب زحلة: كلام سُكَّريٌّ عن الإنماء.. يخفي سكاكين السياسة

السبت 2022/06/11
نواب زحلة: كلام سُكَّريٌّ عن الإنماء.. يخفي سكاكين السياسة
التضامن على الحقوق الإنمائية لزحلة وقضائها (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease
بعد معركة انتخابات نيابية تنافست فيها بدائرة زحلة ثمان لوائح على سبع مقاعد، وتقاسمتها ثلاث لوائح منها، واحدة شكلتها القوات اللبنانية والثانية تضم تحالف التيار العوني وحزب الله وحزب الطاشناق، والثالثة شكلها النائب ميشال ضاهر، اجتمع صباح اليوم السبت 11 حزيران، نواب زحلة المنتخبون السبعة باختلاف انتماءاتهم وتنافرها، على طاولة مستديرة، أمنتها لهم بلدية زحلة-المعلقة وتعنايل، بمبادرة من رئيسها أسعد زغيب. وذلك، بحثاً عن "كتلة نيابية إنمائية" لزحلة، طالما أن الوصول إلى كتلة سياسية متراصة مستحيل في ظل القانون الانتخابي الحالي.

غيابان وحضور سكري
لم يحضر الاجتماع الأول نائب حزب الله رامي أبو حمدان، مبرراً غيابه بظرف عائلي طارئ، وفقا لبيان صدر عن أمانة السر التي شكلها النواب. ولم يحضر النائب بلال الحشيمي سوى عشرين دقيقة استغرقتها جلسة الافتتاح، مستعجلاً الرحيل للمشاركة بلقاء لفعاليات السنّة في أزهر البقاع. وبقي مشاركًا كل من النواب جورج عقيص، ميشال ضاهر، سليم عون، الياس إسطفان وجورج بوشيكيان.

من دون لا رئيس ولا مرؤوس جلس هؤلاء ندًا إلى الند، بوجوه مبتسمة ولسان "سكّر"، متجاوزين حملات التحريض التي رافقت مرحلة الانتخابات النيابية ليقولوا أنهم موجودون في خدمة منطقتهم، بصرف النظر عن انتماءاتهم. وبدا النواب مدركين ما قد يستدرجه لقائهم من انتقادات، بعد الحملات الانتخابية الشرسة التي شنها كل منهم ضد الآخر للفوز بمقعده، في موازاة قبولهم بتصفيق غير مشروط من مؤيدي أحزابهم.

تطرق النائب جورج عقيص إلى هذه الإشكالية عندما تحدث "عن فئة من الناس عيّبت على النواب عملهم بشكل منفرد، ولما اجتمع النواب باتوا يتحدثون عن وضع الخلافات جانبًا لنجلس معًا، ولا يمكن إرضاء الكل. ولكن على الأقل ضميرنا مرتاح إلى أننا نقوم بالصح". علمًا أن النائب عقيص اعتبر "أن شكل اللقاء مريح للناس. فهم سئموا من الاقتتال. وبعد الكلام السجالي والسياسي نحتاج إلى هذا المشهد".

الإنماء بلا سياسة؟
الانفتاح الكبير الذي أبداه النواب السبعة على مبادرة رئيس بلدية زحلة، عكس تفهمهم للإحباط الذي تشعر به زحلة منذ فقدت كتلتها النيابية الموحدة في البرلمان، وتكاثر الكلام عن مصادرة الأحزاب المركزية قرار المدينة. وهذا ما يترجمه عدم الحماسة باستمرار للمشاركة في الانتخابات، بعدما كانت المدينة صانعة أبرز القرارات على المستوى الوطني العام، منذ مرحلة الاستقلال وما بعده.

والتلاقي لم يكن متاحًا ربما، لولا مباركة التكتلات المركزية، أو أقله عدم ممانعتها أن يحمل نواب زحلة وقضائها همهما الإنمائي والاجتماعي مجتمعين، طالما أن القرار السياسي للنواب محفوظ على طاولة الأحزاب والجهات التي فازوا باسمها.

وهكذا بعد أن جاءت أولى ترجمات الفراق السياسي في انتخابات رئيس المجلس النيابي ونائبه، بدأ البحث عن نقاط التلاقي الإنمائي في مدينة زحلة. فلم يعد نائب السنة المدعوم من السنيورة مرشح فساد، ولا النائب العوني متحالفاً مع محور إيران، ولا نائبا القوات يحملان أجندات تخدم أميركا وإسرائيل، فيما خُلع عن مرشح  حزب الله القميص الأسود.

واختفى توجس كل من النواب من نيات الآخر وحساباته، في نموذج مصغر عما حصل في انتخابات رئاسة المجلس النيابي ونيابته، وانتخابات اللجان النيابية، والتي تمددت مفاعيل تفاهماتها إلى زحلة، بكلام "من العسل" بدأه النائب ميشال ضاهر عندما أيد بداية انتخاب النائب الأرثوذوكسي الياس إسطفان نائبا لرئيس المجلس النيابي، إذا رشحته كتلته. ليلاقيه النائب جورج عقيص بانفتاح مشابه أيد من خلاله مطالبة ضاهر بواحدة من رئاسة اللجان النيابية للطائفة الكاثوليكية، إلى أن تحقق له ذلك من خلال لجنة الاقتصاد والصناعة.

التشريع لا يكفي
وفي مبادرة بلدية زحلة ما يمكن أن يشكل ترميمًا ولو شكليًا للفجوة النيابية الزحلية، أقله من ناحية ملاحقة حاجاتها الإنمائية والتي لم تكن من أولويات الكتل، الباحثة عن توفر خدمات مناطقها وتقديمها في سلم الأولويات.

وركز رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب في كلمة ترحيب بالنواب في القصر البلدي قائلاً: "يقولون إن النائب للتشريع فقط، إنما الواقع في لبنان مغاير، فدعم النواب أساسي لإنماء المناطق". واعتبر أن "المواطن حاليًا لم يعد يهتم للمحاور وسياساتها، ويريد المياه والصرف الصحي والمستشفى والكهرباء. فهذه هي الأمور الأساسية التي تقلقه".

وتجربة بلدية زحلة كما كل بلديات القضاء مُرّة مع غياب المرجعية السياسية الزحلية. ويكرر زغيب أنه غياب لم يسمح باستقطاب ولو مشروع إنمائي واحد للمدينة منذ سنوات طويلة.

بلدية موحدة
لكن تجربة بلدية زحلة ناجحة في إمكانية جمع الأحزاب ومحازبيها المتنافرين سياسيًا على طاولة إنمائية واحدة. طالما أن "زحلاوية" الأعضاء تتقدم على كل حساباتها الأخرى، كما يكرر رئيس البلدية أسعد زغيب. وقد اجتاز مجلس بلدية زحلة امتحان تضامن أعضائه خلال السنوات الستة الماضية فلم يتخلله سوى بعض التشويشات. فظل موحدًا في الانتخابات النيابية الأخيرة التي انفرط خلالها عقد التفاهمات السابقة، ولا سيما المسيحية، ومُزِّق شعار "أوعى خيك" نهائياً.

ومن هنا، فإن المأمول ربما أن تضع الطاولة المستديرة النواب أمام مسؤولية التضامن على الحقوق الإنمائية للدائرة، بدلاً من التنافس على تلميع صورة أحزابهم فيها، خصوصًا بعدما أدى هذا التنافس في الماضي إلى استخدام الأساليب الخبيثة في عرقلة كل طرف مساعي الآخر لدى الدوائر المركزية والوزارت المعنية، حتى لا يسجل إنجازه في مرمى الخصم ويقدمه عليه.

هذه الطاولة المستديرة في "قصر بلدية زحلة" تخدم صورة النواب، كتلك التي يمكن أن تؤديها إنمائيا للدائرة. وخصوصًا بعد ما لمسه مرشحو الأحزاب خلال حملاتهم للوصول إلى البرلمان، من انتقادات لأداء أحزابهم وعدم اهتمامها بزحلة خلال مرحلة ولاياتهم السابقة.

رهان.. هل ينجح؟
وقد اعتبر زغيب "أن المواطن ليس وحده الرابح من خلال هذا اللقاء وإنما ايضًا النواب الذين يجتمعون اليوم ويقدمون قدوة للبنان كله من خلال حصر الاختلافات السياسية بالبرلمان، وجعل موقفهم واحدًا في فيما يتعلق بمصلحة المنطقة والمواطن".

ومع ذلك يحتاج إقناع أهالي زحلة وقضائها بهذه الصورة، إلى الوقت. والعبرة في استمرار هذه اللقاءات متى احتدمت النقاشات السياسية على الصعيد المركزي. وحينها إما أن يثبت نجاح بلدية زحلة في رهانها على وحدة صف النواب إنمائياً، أو تحوّل طاولتها المستديرة إلى طاولة رهان على مستقبل الانتخابات البلدية المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها