الجمعة 2022/06/10

آخر تحديث: 19:53 (بيروت)

"المنصب الكبير" والمرشحون الصغار

الجمعة 2022/06/10
"المنصب الكبير" والمرشحون الصغار
في زمن الانتخابات يكثر زوار بكركي ويستعرض "المؤهلون" الموارنة كفاءاتهم (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

كان قد مضى 143 يوما فقط على بداية العهد حين صدم الرئيس المنتخب حديثا ميشال عون متابعيه بقوله أنه يحب أن تكون لديه "خلافة جيدة". وبعد استفسار الصحافي الفرنسي الذي كان يجري معه مقابلة اجاب "يعني أن نعدّ العدّة لخلافة جيدة، اي نشكل مثالا لغيرنا".
كانت أول 143 يوما فقط.
اليوم نحن في ال 143 يوما الاخيرة. هي الفترة التي تفصلنا، نظريا، عن الخلافة المنتظرة.

بين التاريخين تخلّخلت معظم مؤسسات البلد. إنهار اقتصاده. تغيّر بعض من هويته. صار ولاّدة للأزمات والمآسي ، ولو تزيّن لموسم الصيف الآتي بما تبقى من "أناقة" لا تخفي شيخوخة الدور والحضور.
هي 143 يوما ستكون لا شك ثقيلة على الجميع، كل لأسبابه وخلفياته وطموحاته.

سقطت الخلافة التي تمناها الرئيس. تكفلت "17 تشرين" بهزّ عرشها، وقضّت العقوبات الاميركية على أحلام الوريث المأمول، اي النائب جبران باسيل، في الوصول الى سُدّة الرئاسة.

يعرف اللبنانيون اليوم من لن يكون رئيسا للجمهورية، لكنهم لا يعرفون من يمكنه أن يكون. تهبط عليهم الأسماء "التقليدية" ، كما في كل موسم انتخابي. من رؤساء الاحزاب، الى قائد الجيش، الى "بروفايل" التكنوقراط ، وصولا اليوم الى البحث عن نموذج يشبه الرئيس الياس سركيس، يجمع بين "الآدمية" والحياد، مضافا اليها خبرة اقتصادية ومالية.

 الطامحون كثر. يستعرض كل "مؤهل" ماروني كفاءاته باساليب مختلفة. تكبر الأوهام والأحلام . تتضخّم الأدوار وتزداد المواقف. يكثر زوار بكركي والعين دوما على بعبدا.

بكركي وحق الفيتو
يعرف جميع اللاعبين المحليين حجم أدوارهم المتواضعة في إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. لا تُستَثنى بكركي من ذلك. الاّ أن لكلمتها وقع خاص، اولا لرمزيتها وثقلها المعنويّ، وثانيا من خلال مكانتها في الفاتيكان وتاثير حاضرة الكثلكة ورؤيتها للبنان وللمسيحيين فيه وفي الشرق.

بكركي قالت كلمتها. قبل الإستحقاق بأشهر بادر البطريرك بشارة الراعي الى تكرار إعلان وجوب "انتخاب رئيس جديد للجمهورية  في غضون الشهرين السابقين لانتهاء ولاية الرئيس الحالي، كما يقول الدستور". شروطه ، بسيطة في الشكل "أن يكون رئيسا يستطيع توحيد اللبنانيين، وأن يمسك الدستور بيده وينفذه من دون خوف".

يطالب الراعي، لمزيد من الشفافية وصياغة التوافقات الوطنية، بالاعلان عن مرشحي رئاسة الجمهورية . ويقول مصدر مقرّب من الصرح البطريركي أن "الراعي طالب بطرح الأسماء لكي يتم من بينها إختيار رئيس. فاذا توافق اللبنانيون، أو غالبيتهم العظمى على رئيس متجردّ ومترفع عن صراعات السلطة ومنحاز الى لبنان الرسالة ومشروع الدولة الحديثة  القادرة على الإنجاز لاستعادة العافية والدور والمكانة، فإن البطريرك مستعد للقول"هذا هو الرئيس القويّ". 

لن تتأخر وستحصل
يعلق المصدر المقرّب من بكركي على كلام الرئيس نجيب ميقاتي الذي قال فيه اليوم 10 حزيران أن "الانتخابات الرئاسية قد تتأخر لكنها ستحصل" بالتأكيد أن "الانتخابات لن تتأخر وستحصل حكما". يضيف "ما من مبرر منطقي لأي تأخير في أي استحقاق دستوري. العالم منهمك بأزماته. ونحن نسمع من ممثلي كل الدول حرصهم على استقرار لبنان وإنجاز استحقاقاته في مواعيدها. وكل تأخير يتحمّل مسؤوليته السياسيون اللبنانيون". يضيف" رهاننا على المجلس النيابي الجديد الاّ يقع في محظور التأخير والتأجيل والتهرّب من تحمّل المسؤولية". ويختم مؤكدا أن "البلد يزخر بالطاقات وبالشخصيات القادرة على تحمّل المسؤولية".
لكن هل فعلا يزخر البلد بمرشحين من "النوعية" المطلوبة؟

"المنصب الكبير"
كان يحلو للبطريرك نصرالله صفير أن يطلق على منصب رئاسة الجمهورية لقب "المنصب الكبير". وقد طالب عام 1998 برئيس"قدوة ، من ابرز صفاته عفة اليد واللسان، وحرص شديد على الاموال العامة بحيث لا يخجل مستقبله من ماضيه، ولا ماضيه من مستقبله، ولا ينبري له احدهما يوما ليقول له من اين لك هذا؟(...) ويتخذ من اللبنانيين ابناء له يضع في معاملتهم اللين والشدة في موضعهما، فلا يقوى على الضعيف ولا يضعف امام القوي. يقود ولا يقاد. له رأي ويستشير، ويتحمل مسؤولياته بشجاعة واقدام".
هل فعلا يزخر البلد بمثل هكذا مرشحين ل"المنصب الكبير"؟.
على الارجح ، لن تكون بكركي أكثر المتفاجئين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها