السبت 2022/05/07

آخر تحديث: 16:46 (بيروت)

البقاع الغربي: انسحاب العسكر يخذل القوات..وعشيرته تواجه السلطة

السبت 2022/05/07
البقاع الغربي: انسحاب العسكر يخذل القوات..وعشيرته تواجه السلطة
increase حجم الخط decrease

لم يتأخر خالد العسكر، المرشح عن المقعد السني في لائحة "بقاعنا أولًا" المدعومة من القوات اللبنانية، عن توكيد ما تم تداوله منذ أيام: انسحابه من السباق الانتخابي في دائرة البقاع الغربي. فقبل أسبوع واحد فقط من الموعد المحدد للانتخابات في 15 أيار الجاري، وخلال فترة الصمت الانتخابي مع توجه المغتربين إلى صناديق الاقتراع، قرر العسكر الانضمام للمرشح السني الثاني على لائحته العميد محمد قدورة، في عزوفه عن الانتخابات، مخلفًا اللائحة التي أصرت القوات اللبنانية على أن تخوض المعركة بواسطتها، بعدما جرى استبعادها عن "لائحة القرار الوطني" التي تضم تحالف النائب محمد القرعاوي مع الحزب التقدمي الاشتراكي، من دون أي رافعة سنية. ما يعني عمليًا خروجها من السباق الانتخابي.

السفير السعودي وأبو فاعور
أثار العسكر ولائحته الاهتمام أثناء مرحلة الحملات الانتخابية. وأبرز الحوادث التي أثارت الاهتمام تلبية السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري دعوة للسحور على مأدبة عائلة العسكر. وترجم ذلك دعمًا له وللقوات اللبنانية في معركتهما بمنافسة 5 لوائح أخرى تشكلت في البقاع الغربي.

لكن السفير السعودي كما توضح المصادر، اكتفى حينها بتأييد كل ما يختاره أبناء العشيرة ويتوحدون عليه، فلم يبد دعمه علنًا للائحة. وكان ذلك منطلقًا لاتصالات ونقاشات دارت مع السفارة السعودية، لمصلحة لائحة "القرار الوطني المستقل"، وتحديدًا من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي، والنائب وائل أبو فاعور تحديدًا، والذي رأى البعض أنه المتضرر الأول من ولادة اللائحة واستقطابها، ولو لجزء من الأصوات السنية.

العشائر والقوات اللبنانية
وبعدما أمنت تلبية السفير السعودي دعوة العشائر دفعًا للمرشح العسكر، الذي كان من أول من أعلن خوض الانتخابات وبدأ بنشر صوره منذ شهر تموز 2021، جاء بيانه ليضع حدًا لاندفاع اللائحة التي ضمت تحالف العشائر والقوات اللبنانية.

وقد أكد العسكر في بيان العزوف أن انسحابه من المعركة "لم يكن بأي توجيه أو ضغط من أحد. ولا يمكن لأي جهة سياسية أن تدعي أننا انسحبنا لصالحها، وإنما كان قرارنا لحفظ كرامتنا وكرامة طائفتنا وعشائرنا الكريمة".

وهذا رد غير مباشر على ما تم تداوله عن إمكان تجيير أصوات العشائر التي ينتمي إليها العسكر لمصلحة لائحة "الغد الأفضل" التي يرأسها حسن مراد، أو حتى لا ئحة "القرار الوطني المستقل" التي تضم تحالف النائب محمد القرعاوي مع التقدمي الاشتراكي. لكن الطرحين بقيا متداولين في أوساط المتابعين. خصوصًا أن بيان العزوف تحدث "عن قيام البعض باستفزاز مشاعر أهلنا في المنطقة، محاولين تجيير اللائحة لبعض أحزاب السلطة، علمًا أننا أكدنا لهم أنها لائحة مستقلين". وفي ذلك إشارة إلى ما رافق إعلان اللائحة من جدل، وقنص متعدد الاتجاهات تعرضت له لائحة "بقاعنا أولا"، سواء من لائحة مراد أو من تيار المستقبل، بسبب ارتفاع صور رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع خلال الاحتفال. ويذكر العسكر في اتصال مع "المدن" ما تعرض له إثر ذلك من حملة تخوين وتهديدات، أشعرته وكأنه عميل أو مرتكب. ويؤكد "لم يكن مخططًا أن ترتفع أي صورة لأي زعيم في الاحتفال، وكنا نشدد على أننا لائحة نمثل القوى التغييرية في المنطقة".


تحرر العشيرة من حرجها
وينفي العسكر للـ"المدن" أن يكون انسحب نتيجة ضغوط مورست عليه وترهيب وتهديد تعرض لهما. وأكد أنه ارتأى العزوف حفاظًا على وحدة صف العشائر. فالعشائر العربية في البقاع الغربي- يقدر عدد مقترعيها بنحو 3800 من الناخبين- كانت تتجه للاقتراع له، بعد ترشحه باسمها، وكانت مجمعة عليه شخصيًا، بعدما كانت منقسمة بين معسكرين سياسيين: أحدهما موال لسوريا، والآخر للسعودية. وأشار العسكر إلى أن الجيل الشاب في العشائر طامح للتغيير. وهو كان يحاول بترشحه أن يوصل صوت الشباب.

وينفي العسكر أن يكون انسحابه لمصلحة المرشح حسن مراد ولائحة الغد الأفضل المدعومة من حزب الله، كما يسوق البعض. لا بل يعتبر أن لائحة مراد كان يمكن أن ترتاح للحاصل الثاني، لو أن لائحته لم تحصل على الحاصل الأول، ما يزيد من حظوظها بحصد مقاعد إضافية من مقاعد الدائرة الستة. وهو يرفض أن يكون انسحابه مجيرًا لمصلحة لائحة القرعاوي – أبو فاعور، متهمًا الأخير برمي الفتنة بين أبناء البقاع الغربي، بخطابه الانتخابي. ويؤكد العسكر أنه رغم انسحابه يبقى داعمًا لمرشحي لائحته أولًا، ويدعو محبيه إلى التصويت للتغييريين.  

لكن توجيهات العسكر قد لا تلقى صداها سوى لدى فئة الشباب الذين يطمحون للتغيير. ولا شك في أن عزوفه يريح أبناء عشيرته المنتمين للمعسكرين اللذين تحدث عنهما. وإذا كان ترشحه أحرج عشيرته للتصويت له، فإن عزوفه حررها من حرجها، ووضعها في مرمى استهداف لائحتي السلطة في المنطقة.

وعزوف العسكر يبقي لائحة بناء الدولة من دون مرشح سني، ما يعني افتقادها للرافعة الأساسية. فقبل انسحاب العسكر كان منسق تيار المستقبل السابق محمد قدورة قد عزف عن متابعة المعركة، وأعلن ذلك بعد ساعات فقط من تسجيل لائحته في وزارة الداخلية. ما يعني عمليًا أن اللائحة مستمرة بالمعركة وبالمرشحين السنيين، طالما أن لا مفاعيل قانونية للانسحاب بعد تسجيل اللوائح. وتشير الأوساط إلى أن تأثير العسكر يظهر في احتساب الحواصل، ويريح لائحتي السلطة التي تحظى بتصويت أقل.

من المستفيد؟ 
وكان النائب وائل أبو فاعور قد زار قدورة بعد انسحابه ليشكره "على الموقف الوطني المسؤول الذي قام به عبر تغليب الاعتبارات الوطنية الاستقلالية ووحدة صف القوى السيادية والجمهور السيادي في المنطقة"، حسب الإعلام الاشتراكي. وعزوف العسكر يريح تلقائيًا أبو فاعور، كما ترى أوساط متابعة، فيما بدأت قنوات حزب الله تسوق أن انسحابه لمصلحتها.

ويبقى السؤال: هل كانت القوات اللبنانية ستستمر بتجيير أصواتها التفضيلية لمرشحها على لائحة "بقاعنا أولا"، وتعتبر ذلك استفتاء لحجمها في الدائرة؟ أم أنها تختار تجيير أصواتها "ضمنًا" لأي من المرشحين المسيحيين على لائحة أبو فاعور- القرعاوي، حتى لو أن الأخير، رفض أي تحالف مع القوات لتلافي شرخ مع جمهور تيار المستقبل الرافض كليا للتصويت لأي لائحة يكون عليها أي مرشح للقوات اللبنانية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها