الأربعاء 2022/05/04

آخر تحديث: 19:33 (بيروت)

"الكتلة الشعبية" تستنفر عصبية زحلة وتجذب السنّة الحائرين

الأربعاء 2022/05/04
"الكتلة الشعبية" تستنفر عصبية زحلة وتجذب السنّة الحائرين
تطمح ميريم سكاف باستعادة الألق لبيت سكاف السياسي في زحلة (المدن)
increase حجم الخط decrease

اكتملت مساء الأربعاء منازلة عرض القوى التي قدمتها كل من اللوائح الانتخابية الأساسية التي تشكلت في دائرة زحلة، مع المهرجان الانتخابي الذي نظمته "الكتلة الشعبية" للائحتها أمام دارة آل طعمه سكاف في حي سيدة النجاة، وأرادته منطلقاً لعودة سياسية مستقلة عن الأحزاب السياسية، وخصوصاً المسيحية، المتمددة إلى زحلة منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان.

بعد ثلاث خسارات
تخوض وريثة الكتلة الشعبية ميريم سكاف المعركة تحت شعار مستنسخ من حملاتها السابقة "كي نبقى أسياد قرارنا". ومن خلاله تحاول استرجاع الحضور السياسي التاريخي لآل سكاف في زحلة بمواقع القرار، بعدما خسرت "الكتلة الشعبية" حتى الآن ثلاث معارك انتخابية منذ العام 2005، واحدة منها خاضها الوزير الراحل الياس سكاف، وإثنتين وريثته ميريم، التي خسرت معركة زحلة البلدية سنة 2016 عندما خاضتها بمواجهة تحالف الأحزاب مع رئيسها الحالي أسعد زغيب، ومن ثم الانتخابات النيابية سنة 2018، والتي شكلت خلالها سكاف منفردة لائحة، ولم تتحالف سوى مع حزب الطاشناق.

بدا واضحاً أن معنويات سكاف ولائحتها أعلى هذه المرة. والتعويل ربما يكون على غياب رافعة أساسية، أقله للائحة واحدة من اللوائح التي تواجهها. فالشارع السني هذه المرة لن يصب كتلة كبيرة لمصلحة أي لائحة. وهذا ما يجعل الكل يراهن على استقطاب ولو جزء من الصوت السني لرفع حواصله، ومن ضمنهم سكاف التي تبدو لافتة في لائحتها حركة المرشح السني محمد حمود، وقدرته على فتح أبواب جديدة لحليفته الكاثوليكية في أكثر من بلدة بقاعية. وهو كان قد عرض جزءاً من قدراته هذه خلال مهرجان اللائحة عبر مشاركة سنية واسعة في الاحتفال لم تشهدها الكتلة الشعبية سنة 2018.

المعمعة السنّية وفيتوات المستقبل
عملياً، لا تضع كوادر تيار المستقبل الكتلة الشعبية على اللائحة السوداء بالنسبة لخيارات جمهورها. وتقول مصادرها بأن تيار المستقبل واضح، وهو وإن لم يعلن موقفاً من أي مرشح أو لائحة، إلا أن جمهوره مدرك بـ"فيتواته" الموضوعة على ثلاثة أفرقاء سياسيين تحديداً: أولاً حزب الله، ثانياً التيار الوطني الحر، وثالثاً القوات اللبنانية. ويضيف المصدر إليهم فيتواً رابعاً "على بعض من يدّعون الثورة"، وشكلوا لائحة باسمها، فيما هدفهم الواضح هو التسبب بمزيد من التشتيت في الصوت السني. وتقول الأوساط بأن القوات اللبنانية وإن كانت تتشارك الخطاب السياسي مع تيار المستقبل، "فهي غدرت بالرئيس الحريري، وغدرها موثق منذ أكثر من عامين". آخذة أيضاً على من يدعون الثورة خروجهم من الطريق وإسقاطهم شعار "كلن يعني كلن" فور استقالة الحريري من رئاسة الحكومة ووقوفه إلى جانب مطالب الناس.

ترد مصادر في المستقبل بالمقابل، على الحملة التي شنت على كوادرها في الآونة الأخيرة والتي تتهم بعض القياديين ورؤساء الدوائر في منطقة زحلة تحديداً بالعمل لمصلحة لوائح ومرشحين، خلافاً لتعميم الرئيس سعد الحريري الذي نأى بنفسه عن المعركة الانتخابية.

وتشرح المصادر بأن الرئيس الحريري كان واضحاً، فهو لم يدع جمهور المستقبل إلى مقاطعة الانتخابات، بل أعلن تعليق العمل السياسي ترشّحاً وترشيحاً، تاركاً الحرية للناخبين الذين يثق بخياراتهم التي تتناسب مع القناعات. وتنفي المصادر ما يشاع حالياً عن توجه لدى الرئيس الحريري لإعلان دعم لائحة أو مرشح في اللحظات الأخيرة، كما تنفي عمل أي جهة منظمة في المستقبل رسمياً لمصلحة لائحة أو مرشح. مؤكدة أنها لا تعمل تحت الطاولة، وإذا أرادت دعم أي مرشح فذلك لن يكون إلا فوق الطاولة.

وأكدت المصادر أن كوادر التيار ملتزمة بقرار رئيسها. واتهمت المرشحين المأزومين بإشاعة أجواء توحي بتدخل كوادر، لتبرير عجزهم عن السيطرة على جمهور المستقبل وتضليله. أما القرار الواضح حتى الآن -وفقاً للمصادر- فهو بأن يحترم المستقبل خيارات جمهوره ووعيه تجاه ضرورة التصويت وفقاً لثوابته.

انتقاد السنيورة.. وشراء الأصوات
وتؤكد الأوساط في المقابل، بأن الرئيس السنيورة الذي يخوض المعركة الانتخابية في دوائر البقاع الثلاث، ليس مرجعاً بالنسبة لتيار المستقل، بل هو خالف رغبة الرئيس الحريري وقرار التيار، وبالتالي فإن حركته السياسية وترشيحاته لا تعبر إلا عنه. وتوجه الأوساط انتقادات للسنيورة، التي تقول أنها تحملت وزر الكثير من ارتكاباته فقط لكونه من الدائرة التي كانت مقربة من الرئيس رفيق الحريري. مذكرة بأن الرئيس سعد الحريري خسر أمواله في العمل السياسي، بينما نجد أن البعض فاقت ثروته ثروة الرئيس رفيق الحريري نتيجة لعمله السياسي!

ومن هنا تؤكد المصادر أن مرجعيتها الوحيدة في هذه الانتخابات هي الرئيس سعد الحريري، وليس حتى فرد من أفراد عائلته. وتقول "نحن لسنا قطيع غنم، إنما حزب سياسي رئيسه منتخب بعملية ديمقراطية، ولا يمكن أن نلتزم إلا بكلمته".

وتأسف المصادر أن يجري تشويه سمعة سنّة البقاع، من خلال إظهار صوتهم وكأنه معروض في سوق المزايدات. متحدثة عن مال إنتخابي ينفق تاريخياً في زحلة تحديداً منذ عهد زعامة الراحل جوزف سكاف حتى سنة 2018. والكل يذكر كيف كانت السيارات تقف محملة بصناديق الأموال أمام مراكز الاقتراع، وتشتري بواسطتها الأصوات علناً. مؤكدة "أن فئة من يتقاضون أموالاً مقابل أصواتهم محدودة في زحلة وفي كل البقاع، وهي قد تكون زادت بسبب الأزمة الاقتصادية، ولكن أغلبية سنة البقاع لا ينتخبون إلا وفقا لقناعاتهم".

وتستغرب المصادر في المقابل محاولة الإيحاء بأن السنة لن يشاركوا في الانتخابات، وتؤكد بأن تيار المستقبل ترك الحرية لمناصريه. علماً أنه متأكد أنه لو رغب بالمقاطعة لكان القسم الأكبر من الناخبين سيمتنع عن التصويت، خلافاً لأي صوت مخالف يصدر عن أي مرجعية أخرى سواء أكانت دينية أم مدنية.

ميريم و"القوة الثالثة"
كلام الأوساط القريبة من المستقبل يجعل خيارات جمهور المستقبل في دائرة زحلة محصورة إما بلائحة "سياديون مستقلون" التي يرأسها النائب ميشال ضاهر، أو لائحة "الكتلة الشعبية" التي ترأسها ميريم سكاف. علماً أنه في اللائحتين تركيز مشكِّليها هو على تأمين حاصل على الأقل يؤمن فوز المرشح الكاثوليكي أولاً.

وفي هذا الإطار لوحظت المشاركة الكثيفة لجمهور قرى قضاء زحلة الذين رافقوا المرشح السني محمد حمود إلى جانب فعاليات المدينة ومناصري الكتلة الشعبية في المهرجان الانتخابي، والذي شددت الكلمات خلاله على ضرورة استعادة قرار زحلة لزحلة، مع التركيز على الدور التاريخي لبيت "سكاف" السياسي.

وكانت أبرز الكلمات التي ألقيت بالمهرجان لسكاف، التي وزعت هجومها على كل من القوات اللبنانية وتحالفها مع الرئيس فؤاد السنيورة، وعلى النائب ميشال ضاهر التي كررت اتهامه بالترشح للانتخابات بحثاً عن حصانة قضائية وعلى العهد "الذي وعد بجهنم" وتحالفاته. كما خصت القوى التغييرية بحصة من الانتقادات وتوجهت إليهم بالقول "وضعتم حدوداً مع الناس الشرفاء، واعتبرتمونا سلطة وإقطاعاً وعهداً قديماً، من دون أن تقرأوا تاريخ العائلة التي عمرها مئة سنة بخدمة الوطن. خاصمتم قوى تقويكم، كان أملنا أن نضع يدنا بيد البعض لنشكل قوى تشبه لبنان". معتبرة أنهم "ضيعوا فرصة على القوة الثالثة التي كانت قادرة على تعطيل مشاريع فساد، ومع هذا لا نصنفكم خصوماً ونتمنى لكم خروقات على كل الدوائر. ولكن لا تصنفونا بدوركم".

يبقى أنه بعد اكتمال مشهد الاحتفاليات باللوائح، سينصرف المرشحون فردياً وجماعياً خلال الأسبوع الأخير الذي يفصل اللبنانيين عن فتح صناديق الاقتراع، إلى مزيد من المحاولات لإقناع ناخبي زحلة ودائرتها الإدلاء بأصواتهم لمصلحتها، وسط مبارزة تتخذ طابعاً أكثر حدة بين حلفاء اللائحة الواحدة، الذين يسعى كل منهم لتأمين حاصل لنفسه، ضماناً لمقعده في المجلس النيابي المقبل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها