الثلاثاء 2022/05/31

آخر تحديث: 12:38 (بيروت)

الصراع بعد الانتخابات: كسر الاصطفافات ومنع بيع أصول الدولة

الثلاثاء 2022/05/31
الصراع بعد الانتخابات: كسر الاصطفافات ومنع بيع أصول الدولة
الأهم هو تأسيس جبهة سياسية واسعة (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
بدأت تتوضّح صورة المجلس النيابي الذي يشهد تحدّيات وقرارات أساسية تحدد شكل الدولة ومسارها لسنواتٍ مقبلة،.

أولويّات قوى النظام
كتل النظام، أو كتل أحزاب الطوائف، التي تشكّل الأكثرية في المجلس، حافظت على اصطفافها وخطابها القائم على انقسام 14 و8 آذار، وحول عناوين السيادة وسلاح حزب الله والسياسة الخارجية. إلّا أنّ هذه القوى اتّفقت على تحميل الدولة والمجتمع خسائر الانهيار الاقتصادي والمالي، كما تبيّن من أداء (لا سيّما في لجنة المال والموازنة) وبرامج وتصريحات رؤساء أحزابها ونوابها في السنتين الأخيرتين. إضافة إلى ذلك، يستكمل حزب الكتائب وحلفاؤه هذا النموذج من الاقتراحات بطرح مشروع "الصندوق السيادي" حلًا للأزمة الاقتصادية والانهيار الحاصل. والجدير بالذكر أنّ جمعية المصارف كانت قد بدأت بالترويج لهذا الطرح منذ فترة. فهو يقضي ببيع أصول الدولة وخصخصة الأملاك العامة، وبالتالي تحميل الدولة والأغلبية الساحقة من الشعب الخسائر التي تسببت فيها الحلقة المالية في البلد. بمعنى آخر، أصبح المشهد واضحًا: تتّجه قوى السلطة إلى إعادة إنتاج اصطفاف 14 و8 آذار (ولكن مع "نكهة" مضافة) من جهة، وتتكاتف هذه القوى مع أصحاب النفوذ المصرفي والمالي استكمالًا لحربهم على المجتمع، من جهة أخرى.

حزب الله: هيمنة بالعنف؟
بيّن نهج حزب الله وخطاباته أن حملاته الانتخابية ارتكزت على الترهيب والتخوين، وصولاً إلى العنف في بعض المراحل. وبيّن خطاب النائب محمد رعد بعد الانتخابات، قيامه على التهديد والوعيد وتخوين كل من يعارض حزبه، إضافة إلى استخدامه التهديد بالحرب الأهلية. وبعد خسارة حزب الله وحلفاؤه الأكثرية في المجلس وغيابها عن الأطراف كلها، يبقى السؤال: كيف يردّ حزب الله في حال صدر عن المجلس النيابي والحكومات المقبلة تشريعات ومراسيم تتنافى مع أولويّاته وتتعارض مع سلاحه ومنظومته الأمنية، كما حصل سابقاً في 7 أيار 2008؟

فمع غياب الأدوات المباشرة لهيمنة حزب الله التي كانت تتمثل بالأكثرية في المجلس النيابي وتعطيل الحكومات مع حلفائه، ومع بروز جو معارض في مراكز نفوذه، تبلور بالخرقين اللذين تحققا في دائرة الجنوب الثالثة ونسبة أصوات جيّدة نسبيًا للائحة المعارضة في دائرة الجنوب الثانية، تبقى لحزب الله الأدوات المباشرة للهيمنة المتمثلة بالتوجّه نحو العنف. فهل تسمح الظروف الإقليمية في المنطقة وأولوياته بالعودة إلى مسلسل الاغتيالات التي شهدتها الفترات السابقة؟ وهل يستخدم حزب الله سلاحه من جديد في الداخل كما فعل في 7 أيّار 2008 في حال مُسّت مصالحه؟ يبقى خيار العنف واردًا في ظل ميليشيا تهدف إلى فرض هيمنتها على البلد لمصلحة أولويات مشروعها الإقليمي مهما كان الثمن.

رد نواب وتنظيمات المعارضة
لا شكّ في أن قوى المعارضة حصدت نتائج فاقت التوقعات من حيث أرقام الانتخابات الأخيرة. فمع حصولها على عدد جيّد من النواب، أصبحت قادرة على إزعاج النظام من الداخل، بالرغم من أن عددًا من هؤلاء النواب لم يحسموا خيارهم في مسائل أساسية، وأهمّها مسألة توزيع الخسائر. وعلى المقلب الآخر، ولكن بدرجة أخفّ، موضوع سلاح حزب الله والسيادة. وعلى الرغم من ذلك، لا ينبغي أن يرتكز دور المعارضة في المرحلة المقبلة على هؤلاء النواب فحسب، لا بل الأهم هو تأسيس جبهة سياسية واسعة تضم مجموعات وتنظيمات المعارضة، والأفراد أصحاب الحيثية في العمل السياسي. وذلك بهدف خلق إطار تنسيقي مع نواب المعارضة من جهة، ودعمهم في الشارع خلال خوض المعارك السياسية والتشريعية، بهدف الضغط على النظام وفرض مواجهة حقيقية مع قواه من جهة أخرى.

أمّا بالنسبة لأولويات المعارضة في المرحلة المقبلة، فيبقى الانحياز للناس والأغلبية الساحقة من المجتمع فوق أي اعتبار. ومن هنا تبقى المعركة الأهم هي معركة تحميل الخسائر لكل من جمع وراكم الثروات، على ركام السياسات والنظام المالي والاقتصادي المهترئ، الذي قاد إلى الانهيار على مدى السنوات الماضية.

شرعية 17 تشرين
بمعنى آخر ينبغي تحميل الخسائر لأصحاب المصارف وأصحاب النفوذ المالي ورفض أي محاولة للمسّ بأصول الدولة وبيعها أو خصخصتها بغية حماية مصرفيي النظام. مع ذلك، لا بديل عن فرض مواجهة حقيقية مع حزب الله بعيداً من نهج قوى 14 آذار المتمثلة بالقوات اللبنانية وحلفائها ومصالحها الفئوية لصالح "التسوية الناقصة" مع حزب الله في المرحلة المقبلة. وذلك لفرض مواجهة ترفض منطق الميليشيا وتهدف للتصدي لعنف حزب الله الأمني والعسكري، الذي قد يستخدمه في أي لحظة بهدف عرقلة أي مسار ديموقراطي في البلد خارج عن إرادته.

بمعنى آخر، العنوان العريض لأولويات المعارضة في المرحلة المقبلة ينبغي أن يكون "استرجاع أدوار الدولة في الأمن والاقتصاد والمجتمع وعلى الأصعدة كافة". واسترجاع هذه الأدوار من نظام المصارف والميليشيا وأحزاب الطوائف بغية إرساء دولة ذات شرعية شعبية، نابعة عن لحظة 17 تشرين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها