الإثنين 2022/05/30

آخر تحديث: 15:47 (بيروت)

نجاة عون بين كسر النمطية و"الأستذة" في حضرة "الأستاذ"

الإثنين 2022/05/30
نجاة عون بين كسر النمطية و"الأستذة" في حضرة "الأستاذ"
لم ارَ في بلد جيشين وسلاحين ودويلة تغلب الدولة (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
تَعرّف الناس إلى نجاة عون صليبا من خلال إطلالاتها التلفزيونية ، كخبيرة وأستاذة جامعية تهتم بقضايا البيئة وتلوث الهواء وكيمياء التبغ وغيرها. اكتسبت ثقة المشاهدين. فهي أولاً أستاذة في الجامعة الأميركية في بيروت، بكل ما لهذه الجامعة من ثقل علمي ومعنوي لدى اللبنانيين. وهي ثانياً، بدت كمن تكسر الصورة النمطية للسيدات بشعرها القصير جداً، وأسلوب أناقتها.
لكن هذا شأن والنيابة شأن آخر. فهل نجاة عون ظاهرة تلفزيونية ناجحة انتقلت إلى الشأن العام؟
لا يستفزها السؤال. تجيب "صحيح أن الناس تعرفوا عليّ من خلال الإعلام، لكنني كنت أقدم عملي ونتائج أبحاث ودراسات تُجنّب البلد مزيداً من الأزمات والكوارث".

قرار الترشح
إحدى هذه "الكوارث" كانت سبباً لترشحها على الانتخابات النيابية. تقول: "بعد انفجار المرفأ، لم استوعب مقدار الفساد والإهمال واللامبالاة بحياة الناس، التي سمحت بتخزين نيترات الأمونيوم إلى جانب كل المواد المتفجرة الأخرى. كان قراري بالمساهمة بطرح نهج بديل وإعادة الثقة للناس بإمكانيتهم والتأسيس لمستقبل أفضل".
لكن "الدكتورة" نجاة التي تلقى احترام المشاهدين، تصبح تحت مرمى انتقادهم، لا بل "تنمّرهم" حين تصبح النائبة نجاة. وما كان مصدر إعجاب يتحول، أقله، إلى تساؤلات كثيرة: ألا تعطي انطباعاً بـ"الأستذة" والتعالي وهي تنظّر على المشاهدين؟ هل تملك "الأستاذة" أدوات "الصراع" المتكافئ في حضرة "الأستاذ" رئيس المجلس العتيد؟ هل إذا كانت جامعية كفوءة يعني أنها تملك القدرة على العمل في الشأن العام، تحديداً في هذه الفترة المصيرية في حياة البلد؟ ماذا تعرف حاملة الجنسية الأميركية وخريجة جامعاتها والمقيمة فيها لسنوات، عن معاناة اللبنانيين اليوم في المعاش اليومي؟

ابنة الجامعة اللبنانية
لا تبذل عون جهداً لتنمّق كلامها. نسألها عن مسيرتها فتبدأ من قصة والدها "الفلاح ابن الدامور الذي كان يزرع الموز والليمون. وسّع زراعته فاستأجر أرضاً في الزهراني من مطرانية صور، ولاحقاً أرضاً أخرى في القاسمية. لذا كانت وجهتي دائما جنوباً". وجنوباً، حملتهم الحرب والتهجير عام 1975. كانوا ستة أولاد. كبيرهم في السادسة عشرة من عمره وهي الثانية ولم تتجاوز الرابعة عشرة. تستعيد تلك المرحلة بابتسامة رغم مرارة التهجير. لكّن دمعة تتسلل إلى عينيها وهي تتذكّر كيف كانت في ليال كثيرة تقرأ مع والدها كتباً طبعت مراهقتها. هو الأب نفسه الذي سيحمل لها لاحقاً كوب الشاي وينظر إليها منهمكة في دراستها ليلاً لتواظب على عملها في التدريس نهاراً.
تسجلت في الجامعة اللبنانية، لكن التهجير مجدداً، دفع عائلتها إلى الاتجاه شمالاً هذه المرّة. سافر الشقيق البكر، وكان على الابنة الكبرى أن تساعد العائلة "كي لا نحتاج أحداً". تركت الجامعة. علّمت في ثلاث مدارس. ولاحقاً تقول "عدت إلى الجامعة. أدرُس ليلاً وأُدرّس صباحاً. لذا احتجت لأكثر من ست سنوات لأنهي تخصصي. ويوم تعطّل البلد بسبب حرب الإلغاء، سافرت عند شقيقي إلى الولايات المتحدة من مرفأ جونيه، باتجاه قبرص، في أسوأ أيام وظروف".

المغامرة الأميركية والحنين
مرة جديدة غيّرت الظروف مسارها. تعرّفت إلى زوجها عصام صليبا، الأميركي الجنسية، وعاشت هناك. أكملت الماجيستير والدكتوراه، وهي تحفظ لزوجها "تفهمه ودعمه وكوب الشاي الذي كان يأتيني به وأنا أدرس، فابتسم لطَيف والدي".

لم يمنعها التغيير الجذري في حياتها من "الحنين" إلى لبنان. وحين أتيحت لها فرصة العمل في الجامعة الأميركية عام 2001، لم تتردد. يومها أنشأت "أهم مختبر في الدول العربية يقوم بأبحاث ودراسات حول الغلاف الجوي وتلوث الهواء. لاحقاً، سبقتنا دول كثيرة".
عام 2018 باعت وزوجها كل ما يملكون في الولايات المتحدة واستقرا في لبنان. هل تندم؟ تجيب على الفور: "لا. عشنا 4 سنوات حلوين".

أنجيلا ميركل مثالي
محمّلة بهذه التجارب والخيارات، تدخل نجاة عون صليبا المجلس النيابي. تؤكد "لست طوباوية.على العكس أنا إنسان علمي وعملي. المطلوب أسلوب جديد في التعاطي الشفاف، مبني على معطيات ومعلومات تصب في مصلحة البلد". تعطي أنجيلا ميركل كمثال لامرأة خدمت بلادها بعلمها وبشفافية وصدق وحسم في التعاطي في الشأن العام، بعيداً عن الفساد. وتبتسم قائلة "أنجيلا ميركل أيضاً حائزة على شهادة بالكيمياء".
وهل تتشبهين بميركل؟
تجيب" يحق لي أن يكون لديّ  مثال يحتذى (idole)".
عن أولى خطواتها في المجلس النيابي تقول عون "الأولوية للخبز. لا يمكن أن يتواصل الصراع السياسي على مناصب في حين أن الناس مهددة بالجوع. هذا إجرام. يفترض إبقاء جلسات مجلس النواب مفتوحة لإيجاد حلول لأزمات الناس. يجب كسر دوامة الفساد والبدء بوضع المؤسسات على الطريق الصحيح".
ماذا عن الأسئلة "الصعبة". عن سلاح حزب الله مثلاً؟ تجيب "لا أرتبك من أي سؤال. أقول قناعاتي. كل سلاح خارج الجيش اللبناني سلاح غير شرعي. لم أر في بلد جيشين وسلاحين، أو دويلة تغلب الدولة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها