رازي الحاج ابن الطبقة الوسطى ونائبها

النائب الشاب المولود عام 1984، سمّاه والده الطبيب وديع الحاج (1939-2009) تيّمناً بالطبيب العربي الشهير، أبو بكر الرازي. لكنه لم يرث شغف والده بالطب. اكتفى بـ"جينات" الشأن العام والسياسة، وتخصص في العلوم الاقتصادية والسياسية.

بين قمة جبل "صنين" شرقا ونقيضها "وادي الجماجم" جنوباً، نشأ رازي في بسكنتا في سنواته الأولى، قبل أن تهجّرهم الحرب إلى جونيه، مسقط رأس والدته سيلفا العضم. 

مشروع انتخابي قديم
ابن الطبقة الوسطى يرى فيها "عنصراً أساسياً من عناصر الهوية الثقافية والاقتصادية للبنان". من هنا حمل مشروعه الانتخابي للعام 2018 عنوان "مشروع إحياء الطبقة الوسطى وبناء المواطنية في لبنان".
يومها ترشح أيضاً على لائحة مدعومة من "القوات اللبنانية" ولم ينجح.
في الانتخابات الأخيرة لم يكتب مشروعاً انتخابياً جديداً. اكتفى بالقديم. "فالعناوين، مع الأسف، بقيت هي نفسها، وإن كانت الوقائع والأرقام صارت أكثر مأساوية".
يعرف الحاج أن "ما ينتظرنا عمل كثير. التحدي الأول، إطلاق خطة التعافي الاقتصادي ليرتاح الناس ويستعيدوا التفكير العقلاني. فلا يمكن أن نطالب الإنسان بمناصرة أي حق وهو معدوم الحقوق. والناس الذين يلهثون وراء أمورهم الأساسية يصيرون أكثر تعصباً وطائفية".
ترشح الحاج "مع القوات لأنني أريد أن أكون قادراً على نقل أفكاري وترجمتها ضمن تكتل كبير. وأتمنى أن نستطيع تشكيل جبهة سيادية موسعة في المجلس النيابي".
يرفض التعميم الذي تبناه خطاب "التغييريين". يقول: "الناس لا تتطابق. والعمل هو الفيصل". يؤكد أنه سيقارب "كل المواضيع الاقتصادية من منظور علمي  ممنهج. ليس من مؤامرة دولية علينا. على اللبنانيين أن يعملوا على إنقاذ بلدهم من خلال العمل الجدي الذي يضع الشعارات موضع التنفيذ".

الاقتصاد أولاً
لا يتهرب الحاج من أي كلام في السياسة لكنه يؤكد: "لا يمكن أن أتبنى أي طرح لا يملك خلفية اقتصادية وتوجهاً واضحاً لمعالجة كل التحديات التي تواجهنا على ثلاث محاور: نقدية، مالية واستثمارية. من هنا يبدأ كل بناء".
يرسم ملامح المرحلة المقبلة، مشدداً على "وجوب الإسراع بإعادة الدورة الاقتصادية، عبر إعادة هيكلة المصارف اللبنانية وجذب مصارف أجنبية من جديد إلى البلد. مع الإشارة إلى أن مغادرة المصارف الأجنبية للبنان كانت أولى المؤشرات على نفخ هذا القطاع بشكل عشوائي وخاطئ". يضيف "يفترض أن يتزامن ذلك مع خطة التعافي واتفاق مع صندوق النقد لتكوين احتياطي إلزامي بالعملات الصعبة". ويقول "ليس من وظائف المصرف المركزي القيام بهندسات مالية والتدخل اليومي بسوق القطع. وقد ارتُكبت أخطاء كثيرة. لكن ممنوع أن يتهرب أحد من المسؤولية. الجميع مسؤول. اين دور المجلس المركزي، ونواب الحاكم الأربعة، ومدير عام وزارة المالية ومدير عام وزارة الاقتصاد، ومفوض الحكومة وغيرهم من لجان رقابة؟".

لا يُخفي رازي الحاج حماسته للعمل العام، هو الذي غامر باكراً جداً في البحث عن إطار لحركته وحراكه. كان في  الثالثة عشرة من عمره حين أسس مع رفاق له "شباب النهضة اللبنانية"، كحركة تهتم بأمور إنمائية ونشاطات شبابية.
عام 2006 أسس "مستقلون". وهي كما يُعرِّف عنها "حركة شبابية شاركت بفعالية بأنشطة المجتمع المدني والسياسي". اختير وزيراً للاقتصاد والتجارة في حكومة الظل الشبابية الثانية. وكان تعيينه منسقاً عاماً لها، وتعاونه في عدد من المشاريع مع وزارة الاقتصاد والتجارة، أحد أسباب التحاقه للعمل في الوزارة كمستشار وخبير اقتصادي عام 2010.

لعيونك وعيونها
يكتشف متابعو صفحات النائب الجديد على وسائل التواصل الاجتماعي سريعاً، إعجابه الكبير بوالده وتأثره به. غداة فوزه بالانتخابات نشر له صورة كتب عليها "لعيونك". وهو أسس عام 2009 مع عائلته وبعض الأصدقاء "مؤسسة الدكتور وديع الحاج"، تكريماً له. وتضم مركزاً طبياً في بسكنتا يؤمن الرعاية الصحية المجانية في جرد المتن، إضافة إلى مركز إسعاف، كما أطلقت المؤسسة "البطاقة الصحية الاستشفائية".
يفاخر رازي أن "مؤسسة الدكتور وديع الحاج نموذج العمل الاجتماعي غير الزبائني. لا أعرف، ولا أريد أن أعرف من يستفيد من خدماتها".
مع ذلك، وإلى فترة قريبة كان كثر في المتن يظنون أنه ابن منير الحاج، الرئيس الأسبق لحزب الكتائب (1999-2001)، زمن الوصاية السورية وانقسام الحزب.
عن هذا الالتباس يجيب "منير عمي. له خياراته في السياسة وهو اليوم خارج لبنان. قد يكون مرد الالتباس أن عمي كان السياسي المعروف في العائلة". لا يضيف، لكن في طي كلامه وتعابير وجهه ما يعكس عدم رضى عن تلك الخيارات.

ينتظر رازي الحاج وزوجته الدكتورة سارة فرنسيس أول مولودة لهما قريباً. و"لعيونها"، وعيون أبناء المتن خصوصاً، واللبنانيين عموماً يفرش عشرات المشاريع التي ينوي العمل عليها. يبدأ من "استراتيجية التحوّل الرقمي من أجل إدارة عصرية ومستدامة، ولا ينتهي بإحياء مشروع لينور (تطوير الساحل الشمالي لبيروت) من نهر بيروت إلى نهر الكلب وما بينهما الكثير".