ما تنجح به القوى التقليدية هو حصرها الخلافات بالصراعات السياسية غير القابلة للحلّ. وهذا ما ظهر في إطلاق التهديد المبطن على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد والنائب حسن فضل الله. وهو تهديد موجه لقوى المجتمع المدني. وتلا التهديد مسارعة حزب الله إلى الانفتاح على تلك القوى، سواء من خلال إطلالات إعلامية أو زيارات التهدئة. يتوازى ذلك مع محاولات كثيرة لإغراق القوى التغييرية في الصراع على عناوين سياسية أو اقتصادية، لشرذمتها.
قوى التغيير تواجه
في المقابل، تبدو القوى التغييرية قادرة على الالتفاف على تلك المحاولات. وذلك باتباعها نهجًا يقيم الترابط والتكامل بين المسائل والمعضلات في سياق سياسي موحد لا تنفصم عراه. والخطوة الأولى لتحقيق ذلك، تكتل القوى التغييرية في تجمع واحد لتفعيل العمل النيابي، وإسقاط مشاريع أو تمرير مشاريع أخرى.
ومن الضروري خلق آليات تواصل سياسي مع الناس، يؤدي إلى التعبير مباشرة عن تطلعاتهم خارج المجلس النيابي وفي داخله. وثمة قواعد تحكم بالعمل النيابي بالتأكيد، وقد تضطر القوى التغييرية إلى العمل بموجبها، رغم تعرضها للمزايدة عليها. وذلك على غرار محاولات استدراجها إلى مواقف تصعيدية تتعلق بانتخاب رئيس المجلس النيابي، أو مقاربة سلاح حزب الله، أو من خلال المشاريع التي تطرح.
التحدي الأول والأساسي هو استحقاق انتخاب هيئة مكتب المجلس. ويبحث التغييريون في إمكان عدم تمرير الجلسة وفوز الرئيس بالتزكية. وهم يعملون على فرض رؤيتهم بإدخال ديناميكية جديدة مختلفة جذريًا عن ما كان عليه الوضع سابقًا.
كذلك لا يزال لبنان عالقًا في قضايا عدة، أبرزها السيادة الخارجية والداخلية. وهنا مكمن التحدي الأساسي الذي يفرضه حزب الله. ومن أبرز التحديات أيضًا إصلاح المؤسسات بفرض إيقاع جديد في مواجهة آلية المغانم المفروضة، وصولًا إلى موضوع أكثر أهمية: كيفية معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وفي حال ترك الانقسام السياسي القائم على حاله، يستمر لبنان في دوامة الأزمات، وفي تكريس التدهور الاجتماعي وتنامي سياسة الإفقار لسنوات مديدة، فتندثر الطبقة الوسطى.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها