الثلاثاء 2022/05/17

آخر تحديث: 15:40 (بيروت)

بيروت تخلع الزعامة وتتحدى "الثنائي": عاصمة التغيير

الثلاثاء 2022/05/17
بيروت تخلع الزعامة وتتحدى "الثنائي": عاصمة التغيير
أثبت أهالي بيروت في الاستحقاقيْن الأخيريْن أنّهم يحاسبون (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
انتهت الانتخابات النيابية، وانتهت معها كلّ التكهنات والإحصاءات لتعلن النتائج الرسمية التي لم تكن ضمن التوقّعات. وأبرز التغيّرات والمفاجآت كانت من نصيب دائرة بيروت الثانية، إذ بقيت ضبابية حتى اللحظة الأخيرة مع إعلان النتائج النهائية. فتعادلُ الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) مع قوى التغيير (بيروت التغيير) بالمقاعد، قلب موازين القوى رأساً على عقب.

مفاجأة المعارضة
في الأيام الأخيرة قبل الاستحقاق يوم الأحد 15 أيار، بدا واضحاً تقدّم لائحة بيروت التغيير على سائر اللوائح المتنافسة في الدائرة. لكن حتى اللحظة الأخيرة، كان التعويل على نسبة الاقتراع مع الحديث عن مقاطعة بعض الأهالي السنّة.

حاصل واحد كان مضموناً لقوى المعارضة التغييرية في هذه الدائرة، وهو للنائب المنتخب إبراهيم منيمنة. وأشارت المعلومات أنّه في حال كان الاقبال على التصويت كثيفًا، فيمكن ضمان الحاصل الثاني والحصول على مقعد آخر غير سنّي. وكان الترجيح بين المحامي ملحم خلف ونهاد يزبك. فكانت الحصّة من نصيب النائب المنتخب خلف.

ما لم يكن بالحسبان، الحصول على مقعد سنّي ثانٍ سلب من لائحة بيروت تواجه المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة. إذ كان من المتوقّع فوز رئيسها الوزير السّابق الدكتور خالد قبّاني. هذا يشير إلى أنّ بيروت حاولت الخروج من عباءة الزعامة السّنية المحصورة بآل الحريري منذ التسعينيات، ولم يختر المقترعون زعامات تقليدية مثل السنيورة، بل توجّهوا نحو وجوه تغييرية جديدة.

صفعة لزعامات السّنة
حاول تيار المستقبل حتى اللحظات الأخيرة الترويج لفكرة المقاطعة، اقتناعاً منه بعدم وجود زعيم سنّي بديل، خصوصاً الرئيس سعد الحريري.

لكن الواقع أتى عكس ذلك. فرغم مقاطعة بعض أهالي الطريق الجديدة واعتبار يوم الانتخابات غير مهمّ، هناك من اختار المشاركة وبكثافة للقول أنّ بيروت ليست محصورة بسعد الحريري أو بفؤاد السنيورة. واللافت أنّ الدول العربية الخليجية ودار الفتوى حثّتا في الأسبوع الأخير على ضرورة اقتراع السّنة، وأذيعت الرسالة عبر المنابر في صلاة الجمعة. وفي الصالونات السياسية الداخلية، كانّ العمل على الترويج للائحة "بيروت تواجه". لكن الصوت البيروتي يبدو أنّه رفض ذلك ضمناً، إذ حصلت اللائحة على نائب واحد، وهو فيصل الصايغ والذي يعتبر من حصّة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط.

تراجع الثنائي
قُلبت الطاولة رأساً على عقب. فالثنائي الذي عمل، منذ انسحاب الحريري من الحياة السياسية، على السيطرة على بيروت انتخابياً، كان يعوّل على حصوله على أغلبية المقاعد مع حلفائه من جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش).

لكن الدعوات المحذّرة من إعطاء بيروت لحزب الله على طبق من ذهب، يبدو أنّها نجحت. فحصل على ثلاثة نوّاب فقط. ومع النائب المنتخب عدنان طرابلسي يكون قد حصد 4 مقاعد، فيما حصلت قوى التغيير على ثلاثة مقاعد ونافست أمين شرّي، الحاصل على أعلى عدد من الأصوات في العام 2018، حتى أنّ منيمنة تفوّق عليه.

لا ينحصر هذا التراجع بالتصويت للائحة بيروت التغيير فقط. فلائحة هيدي بيروت التي تضم قدامى تيار المستقبل والجماعة الإسلامية، ساهمت بتكثيف الدعوات الى التصويت وشدّدت على أهميتها. وهذا يبرّر حصولها على مقعدين، الأول لرئيس اللائحة نبيل بدر والثاني لرئيس المكتب السياسي في الجماعة الإسلامية عماد الحوت.

ولوحظ أيضاً عدم تجوال مناصري حزب الله وحركة أمل بمسيرات كثيفة، كما حصل في العام 2018. وذلك لتثبيت الفوز. في هذا الاستحقاق، تميّزت بيروت بشيء من الهدوء خلال العملية الانتخابية وبعدها. وذلك يدلّ على أنّ الثنائي اعترف ضمناً بالتراجع والخسارة في بيروت.

المخزومي ليس زعيماً
حسم الأمر، وللمرة الثانية على التوالي. حاول النائب المنتخب فؤاد المخزومي فرض نفسه بديلاً للحريري، بتوزيعه مساعدات مالية وصناديق إعاشة وتأمين وظائف. وهو حشد العديد من أهالي بيروت للعمل معه في الانتخابات النيابية مقابل بدل مالي. لكن هذا لم يترجم على أرض الواقع، رغم تغير خطابه تجاه حزب الله، معتبراً سلاحه غير شرعي، إضافة إلى الخطابات التي وجّهها ضدّه طمعاً باقتناع أهل السّنة عموماً، وبيروت خصوصاً بخطابه. وتوقّعت ماكينته الانتخابية الحصول على أربعة حواصل، لكن من البداية كان ذلك مستبعداً.

في النهاية، أمّن  المخزومي حاصلاً واحداً. أي كل الأوهام التي حاول بيعها لنفسه، وكلّ المجهود الذي بذله لاقناع الناس بأنه قد يكون بديلاً، قد فشلت.

ضارّة نافعة
أثبت أهالي بيروت في الاستحقاقيْن الأخيريْن أنّهم يحاسبون. في العام 2018 حاسبوا سعد الحريري بعد التسوية الرئاسية وتحالفه مع رئيس التيار العوني جبران باسيل، ولو كان ذلك على حساب فوز حزب الله. واليوم، أخرجت بيروت نفسها من مبدأ "العباءة الزعامية" التي سادت لسنوات طويلة. فأسقطت حزب الله وربّحت قوى التغيير، كما أنّها وزّعت أصواتها للوائح أخرى. وبهذا قد يكون انسحاب الحريري عن الساحة السياسية ضارّة نافعة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها