الأحد 2022/05/15

آخر تحديث: 20:30 (بيروت)

زحلة: سلاح وأجراس كنائس.. وغياب سنّي ينشر الإحباط

الأحد 2022/05/15
زحلة: سلاح وأجراس كنائس.. وغياب سنّي ينشر الإحباط
تميزت انتخابات زحلة بصدامات بين القوات اللبنانية وحزب الله (المدن)
increase حجم الخط decrease
لولا المشاكل التي افتعلت في محيط بعض أقلام الاقتراع في دائرة زحلة، لكان يوم انتخاباتها الطويل مر بملل شديد، شعر به بعض رؤساء الأقلام والمندوبين، الذين شكوا بمعظمهم من تدن في عدد الناخبين، قبل أن ترتفع نسبة الاقتراع جزئياً بعيد الرابعة من بعد الظهر.

حزب الله: رقص وأناشيد وسلاح
منذ بداية اليوم الانتخابي، كان يمكن تنسم رائحة الاستفزازات بمحيط بعض مراكز الاقتراع، ولا سيما مركزي حوش الأمراء والمعلقة، وهما مركزان كبيران يضمان خليطاً من الناخبين، ومن بينهم مناصرين لحزب الله والقوات اللبنانية.

وصدحت الأناشيد من مكبرات الصوت التي ثبتها الطرفان بمحيط المركزين، في مخالفة واضحة للقوانين. ومع ذلك لم تتحرك أي من الأجهزة الأمنية لإزالتها. إلى أن وقع المشكل الأول في مركز المعلقة. وكان امتداداً لمشكل بدأ بمحيط مركز الميكانيك في منطقة المعلقة أيضاً، حيث ذكر شبان كانوا حاضرين في المكان، أنه جاء بعد محاصرة سيارتين يستقلهما مؤيدون لحزب الله، عقب الاشتباه بشرائهم الأصوات، فتطور إلى عراك بالأيدي، وتمدد إلى محيط مركز المعلقة الانتخابي انتقاماً من خيمة القوات اللبنانية، التي كانت تبث الأناشيد الحماسية بمواجهة الأناشيد التي يبثها حزب الله على الطرف الثاني من المركز.

وكاد المشكل يكون الوحيد، لولا عملية استفزاز ثانية وقعت في فترة بعد الظهر بثانوية حوش الأمراء. فذكر أن مسلحاً تابعا لحزب الله دخل المركز، ولدى اعتراض مندوبين من القوات اللبنانية أُخرج من الباحة. وحضر شخص مع راية لحزب الله وأخذ يرقص في باحة الثانوية، ثم اقترع للائحته ولوث جميع أصابعه بالحبر وراح يقوم بحركات استفزازية من نافذة المركز.

وانتقل المشكل معه إلى خارج المدرسة تراشقاً بالحجارة، فلم يتوقف إلا بعد تدخل قوة كبيرة للجيش. أصيب أيضاً أحد عناصره بوابل من الحجار التي قذفت. وقد أدى المشكل لتعطيل العملية الانتخابية لدقائق، وامتناع بعض الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم وتفضيلهم المغادرة.

أجراس كنائس القوات
في هذه الأثناء كان هاجس العاملين في الماكينات الانتخابية لمعظم اللوائح من انعكاسات سلبية لهذه المشاكل على نسبة الاقتراع، التي بقيت حتى فترة ما بعد الظهر دون الثلاثين بالمئة، في كل قرى وبلدات زحلة وفي المدينة. وقد بدأ مناصرو هذه الماكينات يتلمسون محاولة لحصر المعركة بين لائحتي القوات اللبنانية وتحالف حزب الله والتيار العوني.

إلا أن نسبة الاقتراع المتدنية بقيت تقلق جميع الأطراف، وحتى القوات اللبنانية التي كانت تتحدث أوساطها قبل أيام عن تسونامي مسيحية. وهو ما دفع مناصرين للقوات إلى قرع أجراس كنائس مدينة زحلة، في دعوة أخيرة للناخبين من أجل التوجه إلى مراكز الاقتراع، من دون أن يتبين الأثر المباشر لذلك على الناخبين الزحليين، وخصوصاً ممن أبدوا عدم حماسة للمعركة الانتخابية، وحافظوا على صمتهم الذي أحبط لوائح القوى التغييرية قبل الحزبية.

الغياب السني والمال الانتخابي
إلا أن نسبة الاقتراع المتدنية لم تكن مفاجئة في زحلة، ولا في القرى السنية التي انعكس غياب المرجعية السياسية على شارعها، بمحاولات اختراق بشتى الوسائل، من دون أن ينجح أي من الأطراف المتنازعة على الصوت السني في دائرة زحلة في تأمين أكثرية لمصلحته. ولا حتى النائب ميشال ضاهر، الذي بدت ماكينته محاصرة من أكثر من طرف. ولم تقتصر هذه المحاولات على بث الشائعات، وإنما تطورت إلى اعتداءات على مكاتبه.

وبدا واضحاً تحرك عنصر المال في الشارع السني بعيد منتصف النهار، مع توجه الناخبين مجموعات، وخصوصاً إلى الأقلام التي تصوت فيها العشائر المجنسة. وكان ذلك وسط تفاقم الحديث عن دور المال، ومحاولة تعطيل دوره في هذه الانتخابات من خلال افتعال سلسلة من المشاكل أيضاً. وعامل المال عكسته أيضاً كثرة أعداد الناخبين المتقدمين في السن، والذين حضر معظمهم مع مرافقة من مندوبين لحقوا بهم إلى خلف العوازل، بحجة مساعدتهم وصوتوا عنهم. وكذلك فعلوا مع ذوي الحاجات الخاصة. وبدا أن هناك ماكينات طلبت من مندوبيها إثبات حضور هؤلاء، فالتقطوا لهم الصور بعد عملية الاقتراع وحفظوها في هواتفهم.

وكانت محاولات توثيق عملية شراء أصوات قد تطورت إلى إشكال في بلدة مجدل عنجر، ما لبث الجيش أن طوقه.

ضجيج شيعي أقوى من الاقتراع
وكما في الشارع السني، بقي الكل ينتظر المفاجآت التي يخفيها الثنائي في الشارع الشيعي، حيث كان الضجيج خارج أقلام الاقتراع المخصصة للناخبين الشيعة أقوى بكثير من نسبة الاقتراع داخل أقلام الاقتراع. وربط ذلك بتكتيك يعتمده الثنائي، الذي يحتفظ عادة ينسبة تصويته العالية لفترة المساء.

وهكذا مر اليوم الانتخابي، بخيبة لأطراف كثيرة. وباستثناء تواصل الحديث عن المال السياسي وشراء الأصوات، وعن المشاكل التي بدا أن بعضها يصب في مصلحة لائحتي "زحلة السيادة" و"زحلة الرسالة" اللتين تخوضان المواجهة المباشرة، بدت معركة زحلة فاقدة للعناوين المحفزة، أو أن الناس بلغوا حد الإحباط الفائق.

مخالفات فاضحة
في الأثناء سجل مراقبو سير العملية الانتخابية مخالفات فاضحة لجهة الحملات الدعائية بمحيط أقلام الاقتراع: عدم خبرة رؤساء الأقلام والكتبة ومعرفتهم بالعملية الانتخابية. عدم أهلية بعض رؤساء الأقلام، وتواطؤ المندوبين في تمرير المخالفات خلف الساتر، على طريقة "مرقلي لمرقلك"، خصوصاً أن من هيمنوا على الجو العام داخل أقلام الاقتراع كانوا مندوبي اللوائح المدعومة سياسياً ومالياً. فيما لوائح التغيير وخصوصاً "زحلة تنتفض" التي حاولت أن تخوض معركة نظيفة، بقيت تعتمد بشكل أساسي على المتطوعين، الذين أنفق بعضهم من جيبه حتى لتأمين الطعام والشراب.

قبيل السادسة مساء بدأت بعص قنوات القوات تروج لارتفاع نسبة الاقتراع. إلا أن ذلك يبقى رهناً بالأرقام الرسمية التي ستعلنها وزارة الداخلية، لينصرف بعدها الجميع الى عملية فرز الأصوات التي لا بد أن تحمل الخبر اليقين بعد ساعات قليلة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها