الحريري أكد زعامته الطرابلسية: المدينة تقاطع.. والاقتراع بالمال

عند ساحة التل في طرابلس، استوقفنا مجموعة من الشبان في العشرينات من عمرهم بعد أن لاحظنا تنقلهم من مركز اقتراع إلى آخر، من دون الإدلاء بأصواتهم. نسأل أحدهم عن انطباعه إزاء هذه الانتخابات، فيجيب سريعًا وساخرًا: عن أي انطباع؟ نتجول بين الماكينات والمندوبين لتقاضي ثمن أصواتنا، وننتظر مساء حتى تبلغ الأسعار ذروتها. يسحب من جيبه كدسة مئات آلاف الليرات للتصديق على كلامه، مع بعض الدولارات القليلة، ثم يتابع قائلًا: "ينصبون علينا كل الأيام وننصب عليهم يومًا وحدًا"، ثم يمضي مع رفاقه.   

تدني المشاركة
حتى الساعة الأخيرة من مهلة الانتخاب، لم تتجاوز نسبة الاقتراع في دائرة الشمال الثانية 22.09%، وفق أرقام وزارة الداخلية، منقسمة كالآتي: المنية نحو 23.7%، الضنية نحو 25.01% وطرابلس هي الأدنى نحو 21%.

وتتحدث بعض التقديرات لـ"المدن" أن الحاصل في هذه الدائرة وفق هذه الأرقام قد لا يتجاوز 7 آلاف صوت، في حين كان في 2018 نحو 14 ألف صوت.   

وهذه النسبة هي وفق كثيرين مدفوعة الثمن من قبل معظم المرشحين، الذين لديهم حظوظ بالنجاح. ووفق تقديرات عدد من الماكينات التي زارتها "المدن"، قد لا ترتفع المشاركة كثيرًا في الساعات القليلة المتبقية. في حين، تتصدر عمليات شراء الأصوات الشارع في طرابلس، وأضحت العروض للناخبين تقدم علنيًا.  

وحتى الآن، ما زالت تشكل نسبة الاقتراع المتدنية جداً في طرابلس والشمال، صدمة بمختلف الأوساط، نظرًا لدلالاتها السياسية وتداعياتها المرتقبة، والتي تصب أولًا وأخيرًا بقرار واضحٍ بتوسيع رقعة المقاطعة السنية، تماهيًا مع موقف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، بتعليق عمله السياسي والانتخابي.   

شراء الأصوات
وخارج نطاق مراكز الاقتراع وأمام باحتها، بدا المشهد العام في طرابلس باهتًا ومشلولًا، واقتصرت على حركة المندوبين، وتصدرها النائب فيصل كرامي وجمعية المشاريع الاسلامية وكريم كبارة وأشرف ريفي، وعدد من مندوبي المرشح إيهاب مطر.   

في حين، بدت المناطق الشعبية بحالة شبه إحجام عن الاقتراع، وهي التي كانت تشكل خزانًا شعبيًا لتيار المستقبل.   

في هذا الوقت، كان ملحوظًا مستوى اغداق المال السياسي للنائب فيصل كرامي، إذ استقدم عددًا من الباصات لصب أصواتها للائحته، وتتحدث بعض المعلومات أنه في فترة بعد الظهر أصبح المندوبين يدفعون مقابل الصوت أكثر من مليوني ليرة لبنانية، ومثله فعل الأحباش، وكذلك لائحة ريفي-القوات، ومندوبي لائحة كبارة- ميقاتي، بمبالغ متفاوتة.  

ورصدت "المدن" مشاركة كثيفة للمسيحيين في طرابلس والميناء، ما يعكس احتدامًا بالمعركة على المقعدين الماروني والأورثوذكسي.   

وواقع الحال، أضحت تدور المعركة السياسية الفعلية في الشمال الثانية بين 3 لوائح: لائحة كرامي-الأحباش-المردة، لائحة ريفي-القوات، ولائحة كبارة- ميقاتي، مع احتمال حدوث خروقات من إحدى اللوائح الأخرى.   

وعليه، فإن دائرة الشمال الثانية، تخبئ الكثير من المفاجآت بنتائجها، التي قد تصب بصالح أصحاب البلوكات وموزعي المالي الانتخابي، في وقت كانت نسبة الاقتراع في هذه الدائرة في 2018 لا تقل عن 40%.