الثلاثاء 2022/05/10

آخر تحديث: 11:42 (بيروت)

امتحان الديموقراطية بالجنوب: سلوك "الثنائي" تجاه المعارضة

الثلاثاء 2022/05/10
امتحان الديموقراطية بالجنوب: سلوك "الثنائي" تجاه المعارضة
هل يتيح "الثنائي" للمعارضة وناخبيها بحرية العمل والتعبير والاقتراع؟ (Getty)
increase حجم الخط decrease

أيام قليلة تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي المنتظر بكثير من الهواجس، منها ما يتعلق بالسياسة ومنها ما يتعلق بالمجتمع اللبناني، المنقسم حسب الطوائف حيناً، أو حسب العصبيات الحزبية أحياناً، وهو ما يمكن أن يخلق نزاعات وإشكالات في 15 أيار المقبل.

بعض المناوشات الحزبية والطائفية البسيطة وقعت في انتخابات المغتربين، وهو ما يؤشر إلى حماوة الاستحقاق من جهة، وطبيعة اللبنانيين التي، مع الأسف، تحوِّل كل اختلاف سياسي أو ديني إلى خصومة وعداء. لذلك ينبغي اعتبار الأحد المقبل فرصة إيجابية لمن أراد، وسلبية لمن لا يُبالي.

فبعد حادثة الصرفند، والإشكال الذي حصل بين مؤيدين لحركة أمل ومؤيدين للائحة المعارضة، أصدرت كتلة "التحرير والتنمية" بياناً أدانت فيه ما حدث. ولكي لا يتكرر الأمر مجدداً نهار الأحد المقبل، على قيادات حركة أمل وحزب الله تنبيه الجمهور وتوعيته على خطورة هذا النهار، واعتباره فرصة لتقديم صورة مختلفة عن النشاط السياسي والانتخابي. صورة تسمح للجميع بخوض الاستحقاق بحرية وديموقراطية، على أن يفوز من يستحق بأصوات الناخبين.

بين جيران وأقارب
لا يجوز أن يُفسد الخلاف السياسي بين مطلق لبنانيين اثنين بالودّ قضية، فكيف بالحري بأبناء القرية الواحدة، والجيران، والأقارب. فهل يجوز أن تُبنى العلاقات بين هؤلاء على أساس الانتماء الحزبي؟

هناك معلومات متداولة من بعض القرى الجنوبية بخصوص وجود "خوف" لدى المواطنين الداعمين للوائح المعارضة من الاقتراع لصالح من يرغبون، و"قلق" لدى مندوبي هذه اللوائح من العمل لصالحها في المراكز. فهل سيتم تدارك هذه الأمور قبل وقوع التصادم، الذي سيكون مؤذياً للثنائي الشيعي وجمهوره بالدرجة الأولى.

حقوقنا وحقوق غيرنا
"كما نحن نرفض التعدي على حقوقنا، كما حصل معنا في دول الاغتراب من قمع "مقنّع" لتواجد مندوبينا وحرية ناخبينا بالاختيار، نرفض التعدي على حقوق أي طرف في أي دائرة انتخابية في لبنان"، يقول مسؤول المكتب الإعلامي المركزي في حركة أمل، رامي نجم، مشيراً في حديث لـ"المدن" إلى أن الحركة "لم تمنع يوماً أحد من التعبير عن رأيه، وحجم الأصوات التي سجلتها اللوائح المعارضة في انتخابات الجنوب عام 2018 قد تكون خير دليل على ذلك، وتترك للناخبين حرية الاختيار حسب توجهات المرشحين وخطابهم السياسي والانتخابي. فالناخب هو المخوّل إسقاط كل مرشح يملك توجهاً سياسياً لا يتلاءم وتاريخ المنطقة المقاوم".

ويُشير نجم إلى أن "الدعاية الإعلامية أحياناً تصنع واقعاً مغايراً للواقع الحقيقي، وفي أحيان أخرى يتم تضخيم ممارسات فردية لتصويرها على أنها تمثل التوجه الرسمي العام"، مشدداً على أن الحركة عممت على عناصرها ومناصريها "التعاطي" بروية مع كل الأحداث المرافقة للانتخابات، وعدم التعرض للاستفزاز من أي شعارات، والتعاطي بروح ديموقراطية لإنجاح الاستحقاق وإخراجه بصورة تترجم حقيقة الواقع في المجتمع.

لا ينفي نجم وقوع إشكالات في استحقاقات سابقة في عدد من القرى، وهي كلها مُدانة وغير مقبولة لدى قيادة حركة أمل، حسب قوله، لكنه ينفي علمه وقيادة الحركة بأي تهديد أو منع لأي مندوب من التواجد في المراكز الانتخابية الأحد المقبل في أي بلدة جنوبية، داعياً من يتلقى تهديدات من هذا النوع من قبل عناصر من حركة أمل، للتواصل مع المعنيين بالحركة في البلدة أو المنطقة أو على صعيد مركزي، للعمل على تصحيح الأمور، متمنياً أن يشكل نهار الأحد "استفتاءً انتخابياً ديموقراطياً على خيار المقاومة".

التخوين
ليست اللوائح المُعارضة في الجنوب "إسرائيلية"، ولا المرشحون عملاء للموساد، والأهم ليس جمهور هذه اللوائح، والمعترض على سياسة الثنائي، من مشجعي "عنصرية جيش الاحتلال الإسرائيلي وداعميه في معركته بوجه المقاومة"، ولا يجوز تحت أي ظرف من الظروف اتهام الجار والقريب والصديق باتهامات تخوينية لأسباب انتخابية وسياسية تنتهي عند الساعة 7 بعد إقفال صناديق الاقتراع، لأن تُهم كهذه كفيلة بتدمير مجتمع بكامله، مع الوقت ومع تراكم الأيام والسنوات، تخلق الحقد والكره بين أبناء القرى، وتفكك الأسر.

في البلدات الجنوبية، هناك انتخابات، يسميها البعض، نسبة للنتيجة المحسومة، استفتاءً على خيار المقاومة، وهذا حقّ الثنائي وجمهوره، إنما هل تقبل قيادة "الثنائي" أن لا يكون الاستفتاء ديمقراطياً، فقط بسبب تصرفات البعض في القرى ورفضهم لوجود مندوبين للوائح المعارضة على سبيل المثال، كما كان يجري بالسابق في بعض البلدات، علماً أن المندوبين سيكونون من أبناء البلدة الواحدة مع مندوبي لوائح الثنائي. والمقترعون للمرشحين المعارضين من أقارب وأصدقاء وجيران مقترعي مرشحي الثنائي؟

هل تقبل القيادة الواثقة من فوزها في الانتخابات، بأن يُقال بأنها مارست الترهيب بوجه الخصوم، فتكون النتيجة مشبوهة ومشوّهة أمام الرأي العام المحلّي والدولي، خصوصاً بظل إعلان هذه القيادة أن الأنظار تتوجه إلى مناطق تواجدها، وأن المراقبين المحليين والدوليين والإعلام ينتظرون الأخطاء للإضاءة عليها والتصويب على "غياب الديموقراطية" وتشويه النتائج.

إن هذه الأسئلة برسم المعنيين في حركة أمل وحزب الله الذين يتحملون مسؤولية "الصورة" التي تُرسم عن مجتمعهم، لأن القوى الأمنية غير مؤهلة لتواكب هذه العملية الانتخابية بكامل تفاصيلها، التي بدأت منذ فترة ولن تنتهي الأحد المقبل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها