السبت 2022/04/09

آخر تحديث: 10:50 (بيروت)

ماذا بعد الانتخابات النيابية

السبت 2022/04/09
ماذا بعد الانتخابات النيابية
الكلام الشعاري يتخذ لدى مطلقيه ألواناً "قتالية" (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
طرح السؤال عن حقبة ما بعد الانتخابات، ليس قفزاً فوق المسافة الزمنية التي تسبقها، ولا تجاهلاً للصراع السياسي الذي يملأ أوقاتها، ولا تسليماً مبكراً بحالة حقبة الما بعد.
الواقع، أن الأمر لا هذا ولا ذاك، بل هو استدعاء للسجال في "الآن" السياسي، والدعوة إلى التفاعل معه وإلى الفعل فيه، إدراكاً لحقيقة أن الما بعد، سيكون حاملاً للكثير من الآن، واللاحق السياسي يجب أن يكون مدموغاً بعلامة ما سبقه من إرهاصات عامة.

ما المطروح الآن؟

اللافت أن الكلام الشعاري يتخذ لدى مطلقيه ألواناً "قتالية". كيف ذلك؟ تكفي مطالعة البيانات التي تغرف من ماضي الحقبات اللبنانية الصراعية للخروج بخلاصة تقول: إن اللبنانيين يتابعون حربهم الأهلية الماضية باستحضار انقساماتها، وباعتماد أدبياتها، وبتبني رموزها وأهدافها.. هكذا يعود كل الماضي عودة راهنة، ويثبت اللبنانيون المنقسمون مجدداً، أنهم لم يغادروا حربهم إلاّ لماماً، وأن تعايشهم الهادئ حالة مؤقتة، والمقيم الدائم بين جدرانهم، افتراق عميق.

لكن المفارقة الواجبة الذكر، هي أن أطراف الصراع الماضي تبدلت أسماؤهم، وفريقا الحرب الأهلية الماضية صاروا فريقاً نظامياً واحداً. هذا إذا أخذنا الأمر على الخلفية السياسية الطائفية. الكل الآن جهة واحدة بالانتساب، وهو فروع في التجزئة التوزيعية، أو التحاصصية. يؤكد ما نذهب إليه غياب الإطار اليساري الذي احتل موقع الطرف الثاني في الصراع مع إطار اليمين، فاليسار غاب ككتلة وكنفوذ وكخطاب جبهوي واحد، وكتنسيق له وجهة وأهداف وقيادة. بعض الغياب كان بالانكفاء إلى المحصلة النظامية اللبنانية الرسمية.

إذن، عندما يتوجه خطاب القوات اللبنانية مثلاً، إلى السجال مع فريق الممانعة، بخطاب "البشيرية"، أو بكلام "الزحلنة" السياسية، أو بالتذكير "بالمقاومة" الأصلية، يكون تصويبه خاطئاً، لأن فريق الممانعة، الذي هو الخصم الحالي للقوى "السيادية"، لا علاقة له بكل التاريخ الماضي، لسبب بسيط، هو أنه لم يكن موجوداً ككيان في ذلك التاريخ، أو لم يكن "مولوداً" من رحم الاجتماع اللبناني في ذلك الحين.

على ضفة السجال الممانع، لا يستطيع المساجلون هنا التوجه إلى شريكهم السيادي في الحكم بكلام ينتمي إلى حقبة السبعينيات من القرن الماضي.

عدم الاستطاعة يمتد حتى عشية البارحة، لأن الممانع شريك من يلقي التهم في وجهه. لنذكر، ولنتذكر: الفساد المالي والسياسي، الذي يصوّب عليه نواب الوفاء للمقاومة، جرت مياهه أمام أبصارهم، وسمحوا به في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وسامحوا الذين احتلوا المقاعد الأمامية في صفوف "مدرسته"، وسهّلوا الأمر لحلفائهم، ومكّنوا لهم المكوث في مواقع السلطة والمسؤولية.

خلاصة يجب ألاّ تغيب: ليس صحيحاً أن "الوفاء للمقاومة" لم ترد شيئاً "لحزبها"، بل الصحيح أنها أرادت إنفاذ رؤيتها السياسية، فغطت سياسياً، كل الذين ارتكبوا الأساسي من الموبقات السياسية. هكذا صرنا أمام فساد وإفساد، ومن تلازم "الإسمين" نشأت كل عوامل الانهيار الشامل الذي تنوء به البنية اللبنانية.

معاينة فريقي السلطة، الموزعين على حاكم ومعارض، لا تحجب معاينة مسؤولية شعارية الحراك الشعبي، ومسؤوليات مجموعاته. لقد وقعت شعارات "الاحتجاج" في الجزء الأعمّ منها، في الشعارية، وشابهت في سلوكها وكلامها من جعلتهم موضوع معارضاتها. في باب المشابهة، صارت المجموعات إلى اختزالية عامة، تبدو ملامحها جليّة في الموسم الانتخابي الحالي، كذلك لجأت إلى الإقصائية، عندما خاصمت الأحزاب عموماً، ولم ينجُ الشطر الغالب من مجمّع الاحتجاج، من "الخفّة" السياسية، حيال القريب المجموعاتي، وحيال البعيد الحزبي السياسي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها