الثلاثاء 2022/03/08

آخر تحديث: 11:14 (بيروت)

ترف انتخابي لسلطة جائرة

الثلاثاء 2022/03/08
ترف انتخابي لسلطة جائرة
المجموعة الحاكمة لديها ترف تحدي الناس في بؤسهم (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

من يتابع تعاطي أحزاب السلطة مع الانتخابات النيابية، عليه أن يطرح سؤالاً أساسياً: هل يدرك أركان الأحزاب الوضع الميؤوس منه الذي يمر به لبنان؟ أي هل يدركون بأننا نعيش في شبه دولة تنهار يوماً بعد يوم، وتكاد تضمحل. السؤال وجيه، لا بل واجب، ليس لأن رؤوساء وأمناء عامون أحزاب لا يقرأون الأحداث ولا التطورات المحلية والإقليمية، ولا يعيشون مع مصائب ناسهم فقط، وإنما لإصرارهم على تبرئة أنفسهم مما وصلنا إليه. والدليل على ذلك، أنهم لم يغيروا حرفاً واحداً من خطابهم السياسي أو الانتخابي. فاستمروا في تخوين بعضهم البعض، وتحميل الآخرين المآسي التي نعيشها، وكأنهم لم يكونوا جزءاً من مجموعة سيطرت على المجلس التشريعي وعلى السلطة التنفيذية طوال السنوات الماضية، وأن قراراتهم أو تلكؤهم عن اتخاذها في الوقت المناسب، أوصلتنا إلى ما نحن عليه من بؤس. يضاف إلى ذلك نغمة إلقاء التهم على المؤامرات الخارجية والحصار الجائر الذي يتعرض له لبنان، "حصار يمنع تقدمنا وتطورنا"! هي لغة أقل ما يقال فيها إنها "خشبية"، كي لا نقول لغة "بلهاء" تستعمل خطاب انتخابات 2009-2018 نفسها. وقياساً على الخطاب المستعمل، فإن إنتاجية المجلس النيابي الجديد لن تكون أفضل من مجلس نودعه من دون ندم.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن هذه الأحزاب غير مستعدة أن تبدل أحصنتها الانتخابية. فترشيحات الأحزاب تشي بأن القديم سيبقى على قدمه. ولعل ترشيحات الطرف الأهم في المنظومة، أي حزب الله، تفضح باقي الأحزاب والقوى. والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل متابع: كيف تستطيع هذه الأحزاب إقناع ناخبيها بإعادة انتخاب هؤلاء النواب، الذين لم ولن يقدموا شيئا يستحق الذكر؟

وهذا التصرف لا يدل على قوة أو شجاعة، وإنما على استخفاف وعدم إدراك بأننا نعيش في بلد قد تصدّع بأكمله، وأن مفاعيل البركان الذي انفجر فيه تتعاظم، وحممه لن تتوقف...

وكأن كل التصرفات أعلاه لا تكفي، فجاء ترشيح صاحب مصرف على إحدى لوائح السلطة، ليؤكد على وقاحة من رشحه. فأصحاب المصارف الملاحقين قانونياً في لبنان والخارج، والمكروهين من شعب مظلوم يرى مدخراته قد تبخرت، سوف يتمسكون بترشح زميلهم ما يؤمن لهم حصانة دستورية ومعنوية في حال نجح في الانتخابات.

باختصار، إنها المجموعة الحاكمة التي لديها ترف تحدي الناس في بؤسهم وضياعهم وعذابهم. وبالتأكيد، فإن هذا المجلس لن يكون على قدر التحديات التي يمر بها لبنان. فالمكتوب يقرأ من عنوانه. وعنوان المرشحين -ومن ورائهم- أسود وكالح تماماً كأيام لبنان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها