الثلاثاء 2022/12/06

آخر تحديث: 10:47 (بيروت)

الروم الكاثوليك... بحث عن دور وزعامة صادرتهما الأحزاب

الثلاثاء 2022/12/06
الروم الكاثوليك... بحث عن دور وزعامة صادرتهما الأحزاب
طالما كانت زحلة "عاصمة الكثلكة" وثقل الطائفة وسبقت الزعامات البيروتية
increase حجم الخط decrease

في بلد الطوائف وتوازناتها يشعر "الروم الملكيين الكاثوليك" في لبنان بيُتم يطال مواقعهم في الصيغة اللبنانية، وببعض الظلم المقصود بتهميش دورهم ماضياً وحاضراً. "كأن يتم تناسي دور البطريرك كيريللوس التاسع مغبغب في نشوء لبنان الكبير، ودور البطريرك مكسيموس الرابع وعدد من الاساقفة في التحضير للمجمع الفاتيكاني الثاني"، على ما يقول أحد آباء الكنيسة .

طالما تغنى الكاثوليك بأن ثقلهم الثقافي والإقتصادي وحضورهم الإجتماعي، كانوا دوماً اكثر تأثيرا من عددهم.

اليوم، يشهد الكاثوليك مزيداً من تراجع اعدادهم بسبب الهجرة، كسائر الطوائف عموماً، والمسيحية خصوصاً. وهم يعتبرون أنه انتُزعت منهم، بعد الطائف، مواقع سياسية وأمنية بارزة كوزارة الخارجية والمغتربين أو أمانتها العامة ووزارة الدفاع ورئاسة جهاز الأمن العام وقيادة الدرك ورئاسة الجامعة اللبنانية وغيرها...ولا من يطالب.

يقرّ احد مطارنتهم بأننا "نتحمل، ربما، جزءاً من المسؤولية لاننا مسالمون ولا نحاول عرقلة عمل المؤسسات أو شلّ الدولة تحصيلاً لمنصب أو تكريساً لموقع مستحق، كما قد يفعل آخرون من كل الطوائف".

صراع على الزعامة
لكن الكاثوليك، يشبهون سائر الطوائف في صراعاتهم الداخلية وتنافسهم على السلطة والمناصب. وهذه كانت أبرز الاسباب التي جعلت البطريرك يوسف العبسي يقدم على سابقة بتعطيل المجلس الأعلى للروم الملكيين الكاثوليك منذ نحو سنتين إلى اليوم، لان أعضاءه من نواب ووزراء حاليين وسابقين وشخصيات  نقلوا اليه خلافاتهم حتى صار أحياناً يتعذر عليهم إصدار بيان الا في العموميات.

منذ تلك المرحلة، مروراً بالانتخابات النيابية وصولا إلى الوقت الراهن، و"البطولات" المستجدة للوزير هكتور حجار في مجلس الوزراء، يحاول كثر القيام ب"حصر إرث"  لزعامة الطائفة وسط توزع سبعة من نوابها الثمانية على الأحزاب. وهم في "القوات اللبنانية" جورج عقيص، ملحم رياشي وغادة أيوب. وفي "التيار الوطني الحر"  نقولا الصحناوي ، غسان عطالله وسامر التوم. أما النائب ميشال موسى الذي، صحيح أنه لا ينتمي إلى "حركة أمل"، الا أنه عضو في تكتلها أي "التنمية والتحرير". ويبقى ميشال ضاهر، النائب المستقل الوحيد في الطائفة.

كل ذلك، معطوفاً على وجود المركز البطريركي للروم الكاثوليك في سوريا، يجعل من الصعب جداً اليوم استيلاد زعامة كاثوليكية تعيد للطائفة دوراً يتراجع وتأثيراً سياسياً يتضاءل في لبنان.

حركة كاثوليكية جديدة
من أواخر المحاولات قيام رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي شارل عربيد بالتعاون مع مجموعة من "أبناء الطائفة" باطلاق "التجدد للوطن" والإعلان عن وثيقتهم التأسيسية  وعنوانها 'الروم الكاثوليك، من ريادة التأسيس الى هواجس المصير'' في احتفال حاشد ضم إلى البطريرك العبسي عددا من المطارنة وحشداً سياسيا واجتماعيا.

لا تغيب الحسابات والطموحات الشخصية عن اللقاء. فالارض الكاثوليكية خصبة لملء شغور لم يُعوّض بعد أفول المرجعيات الكاثوليكية التاريخية المتركزة اساسا في بيروت أو في زحلة "عاصمة الكثلكة" في لبنان ومهدها .

لذا سيضاف هذا اللقاء إلى لقاءات وحركات أخرى متعددة تُنتج أوراقاً وتضخ أفكاراً تنتهي مفاعيلها من دون ثقل يُذكر.

معتمد بطريركي؟
قد تكون الكنيسة المحلية أكثر من يُشجع على تكثيف مثل هذه اللقاءات التي تجمع أبناء الطائفة وتُظهّر الحاجة المتزايدة إلى التلاقي وخلق "لوبي" يسهم في تحقيق مطالب الطائفة في الدولة ومؤسساتها، ولكنه في الوقت نفسه يُظهر الحاجة الملحة إلى أن يكون للطائفة "معتمد بطريركي" في لبنان يكون متحللا نسبياً من "الحسابات" السورية التي لدى البطريركية الموجودة في دمشق.

ويشكل ذلك مطلبا قديما متجددا لدى كثيرين من أبناء الطائفة، خصوصاً بعد ان غابت المرجعيات السياسية التقليدية ولم تستطع القوى الجديدة أن تكرس "زعامة" تحتاج إلى وقت وشروط وظروف.

بين زحلة وبيروت

طالما ارتبطت الزعامة الكاثوليكية بمنطقة زحلة. يعود ذلك إلى بدايات قدومهم من سوريا واستقرارهم في بعلبك قبل أن ينتشروا في معظم البقاع الأوسط وتحديداً في الفرزل وزحلة وبعض الجوار. وقد تكرس انخراطهم بالسياسة ، وتحولها إلى زعامة مع جوزف سكاف وتالياً نجله الياس. وآل سكاف يتحدرون من عائلة الحاج شاهين إحدى العائلات السبع الشهيرة في زحلة وهي: معلوف، بو خاطر، بريدي، غرّة، مسلّم وجحا . فيما عرفت بيروت عائلات كاثوليكية هي فرعون، بسترس، الصحناوي، ابو عضل ، اليازجي، يارد وغيرها كان لها شأن في حياة المدينة والبلد على الصعيدين السياسي والإقتصادي. حاول عدد من أبناء تلك الأسر البورجوازية تكريس زعامة بيروتية ونجحوا في فترات، الا أنه بقيت لزحلة الأرجحية. وهو ما يفسر اليوم كيف تحولت مطرانية زحلة للروم الملكيين الكاثوليك إلى "متقدمة بين متساويين" حتى على مطرانية العاصمة.
وفي وقت انتقلت "زحلة: من الزعامة الوطنية إلى الزعامة الملحقة" وفق عنوان دراسة للراحل الدكتور ملحم شاوول، لم تستطع بيروت أن تنهض بهذا الدور. 
ومع غياب الزعامة الكاثوليكية يبرز دور كاتدرائية سيدة النجاة، وهي المقر الأسقفي، كمرجعية تحاول أن تجمع بين ابنائها الذين كلما التقى اثنان منهم كان الصراع على السلطة ثالثهما، على غرار "العادات" اللبنانية الراسخة.

المئوية الثالثة
قد يكون الصراع "جينة" لبنانية، الا أن كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، التي تتحضر للاحتفال بمئويتها الثالثة عام 2024 (1724-2024) تحتاج إلى "توحيد جهود ابنائها ليُسمع صوتها وتستعيد بعضاً من حضور كانت فيه سبّاقة إلى العلم والتنوير وكسر بعض المفاهيم الخاطئة"، على ما يقول الأسقف ويختم"لم يكن لبنان يوماً قائما على الأعداد بل على توازنات دقيقة تجعل كل مكوّن من مكوناته فريداً ومغنياً لسائر المكونات. وقد تكون تجربة الروم الملكيين الكاثوليك بهذا المعنى من أغنى التجارب التي يُحتذى بها، سواء لجهة انتشارهم في كل لبنان أو لجهة براعتهم على كل الصعد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ينقصهم فقط أن يتعاضدوا لتُسمع كلمتهم في القضايا السياسية التي لا تكون الا لمصلحة كل لبنان".

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها