الأربعاء 2022/11/09

آخر تحديث: 16:59 (بيروت)

"المدن" تكشف تفاصيل تفكيك الخلايا الداعشية: عناصر انغماسية

الأربعاء 2022/11/09
"المدن" تكشف تفاصيل تفكيك الخلايا الداعشية: عناصر انغماسية
الأجهزة الأمنية: الوضع الأمني تحت السيطرة بفضل العمليات الاستباقية (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

عاد ملف خلايا داعش إلى الواجهة، في توقيت سياسي متوقع ومدروس مع دخول لبنان حالة الفراغ الرئاسي، والفوضى التي تعصف مختلف مؤسسات الدولة. ويلحظ خبراء أن ثمة تسابقًا تنافسيًا محمومًا بين الأجهزة الأمنية في إعلان القبض على هذه الخلايا، بينما تنفي مصادر إحداها لـ"المدن" ذلك، وتتحدث عن تنسيق أمني عالي المستوى في تتبع خيوط هذه الخلايا، وتحديدًا بين مخابرات الجيش وشعبة المعلومات التابعة لقوى الأمن الداخلي.  

أسئلة كثيرة
وهذه المرة، تطل هذه الخلايا، وفق معلومات "المدن" من مخابرات الجيش، على هيئة عناصر إنغماسية، وأن بنك أهدافها محدود ذات طابع انتقامي يطال قتل الأفراد للعبث بالأمن، وعلى رأسهم، كهدف مركز، اغتيال عناصر أمنية تتولى مهمة تتبعهم والاستخبار عنهم.  

وعمليًا، يتلقى اللبنانيون الخائفون على أمنهم وسلامتهم من أيادي التخريب، الروايات الأمنية الرسمية وحسب، ويثير البعض الشكوك حول مضمون وتفاصيل وأهداف بعضها، نظرًا للتجارب السابقة مع إعلان عمليات القبض على خلايا تابعة لتنظيم داعش. وهي روايات غالبًا ما تأتي مبتورة وغير متماسكة، ولا تجيب على جميع الأسئلة في زمن سياسي خفت فيه وهج داعش، وتراجعت قدرته على التحرك أو "تحريكه" إلى الحدود الدنيا. ولعل أهمها حول كيفية قدرة هذه العناصر "الداعشية" التي تلقي الأجهزة اللبنانية القبض عليها على التحرك العابر للحدود بين لبنان وتركيا وسوريا والعراق، ويتبين أن معظمهم كانوا من نزلاء سجن رومية! 

"إنجازات" شعبة المعلومات  
بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده الثلاثاء وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، بسام الملوي، صدر اليوم الأربعاء بيان عن قوى الأمن الداخلي، تحدث عن "عمليات دقيقة وغير مسبوقة لشعبة المعلومات"، أدت إلى تفكيك 8 خلايا إرهابية تابعة لتنظيم داعش خلال 4 أشهر".  

وأوضحت المديرية أن "المعلومات" نفذت عملياتها الاستباقية الدقيقة خلال صيف عام 2022، (اعتبارًا من شهر تموز لغاية شهر تشرين الأول)، وتمكنت من رصد وتحديد وتوقيف ثماني خلايا إرهابية في مختلف المناطق اللبنانية، وذكرتها وفق الآتي: البقاع - بيروت - الشمال - الجنوب - جبل لبنان، وقالت أن أعضاءها ينتمون إلى تنظيم داعش.  

ومن دون ذكر تفاصيل عن خلفيات أعضاء الخلية وآلية القبض عليهم، أشار بيان المديرية إلى أن مجموعهم يبلغ 30 فردًا، وغالبيتهم من الجنسية اللبنانية، وآخرون من الجنسيات السورية والفلسطينية، وواحد من الجنسية المصرية، وقد أحيلوا جميعاً إلى القضاء المختص.  

وخلال التحقيقات معهم، حسب المديرية، تبين "أنه خلال تواصلهم مع قيادات التنظيم في الخارج، كانوا يطلبون تسهيل أمر خروجهم من لبنان للذهاب والقتال في سوريا أو العراق، فكانت تلك القيادات تشدد على بقائهم في لبنان بغية تنفيذ أعمال إرهابية فيه، كون الظروف في هذا البلد قد أصبحت مؤاتية لذلك".  

وبررت المديرية تأخرها بإعلان القبض على هذه الخلايا، "لعلمها أن ذلك قد يؤثّر سلباً على حركة السيّاحة وموسم الاصطياف". ووضعت ما فعلته قياسًا للظروف الراهنة بإطار "الإنجازات"، كدليل واضح على جهوزية المؤسسة، والأجهزة الأمنية الأخرى.  

المخابرات أيضًا  
وفي السياق عينه، كانت مخابرات الجيش قد أعلنت مطلع تشرين الثاني الحالي، أنها أوقفت بتاريخ 18 تشرين الأول المواطن (أ.خ.) لانتقاله بتاريخ 20 كانون الأول 2021 إلى سوريا بهدف الالتحاق بتنظيم داعش الإرهابي والقتال إلى جانبه، ولعودته خلسة إلى لبنان وتجنيده أشخاصًا لمصلحة التنظيم، وإرسال بعضهم إلى مناطق النزاع، وتحضير البعض الآخر لارتكاب اعتداءات في الداخل اللبناني، وذلك من خلال إعدادهم ذهنيًا وجسديًا، وشراء أسلحة ورمانات يدوية لهم كي ينفذوا مخططاته. وقالت المديرية أيضًا أنها تمكنت من توقيف المتورطين معه وعلى رأسهم المدعو (ع.ر.) الذي كان يتهيأ لتنفيذ مخطط إرهابي.

وعلى مدار أسبوع، توالت الأسئلة حول قصة هذه الخلية التي ألقت مخابرات الجيش القبض عليها وخلفيات.  

وحسب مصدر مسؤول في المخابرات، يفيد "المدن" أن الرأس المدبر هو أيمن خوجة، البالغ 30 عامًا ويتحدر من طرابلس، وكان من نزلاء سجن رومية، ودخله عدة مرات بتهم إرهاب مختلفة بين أعوام 2015 و2018، وتنقل بين لبنان وسوريا وتركيا والعراق، وهو أحد المعاونين للقتيل عبد الرحمن المبسوط، الذي نفذ عملًا إرهابيًا ليلة عيد الفطر في 3 حزيران 2019، في طرابلس، وذهب ضحيته أربعة شهداء من عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني.  

وتمكنت المخابرات من توقيف خوجة كرأس مدبر "داعشي" متهم بتجنيد أفراد، مع 4 آخرين كانوا يتحضرون لتنفيذ أعمال إرهابية في مناطق ومختلفة، وأولويتها قتل عناصر بمخابرات الجيش انتقامًا من ملاحقاتهم لهم والاستخبار عنهم، حسب المصدر.

أيمن خوجة 



خطط وعمليات قتل
واللافت، حسب مصادر المخابرات، أن خوجة نفسه كان على ارتباط وتنسيق مع المدعو خالد عبد المجيد، الذي سقط قتيلًا أثناء تنفذه عملية الهجوم على محل هواتف في طرابلس في أيلول الفائت، وراح ضحيتها كل من صاحب المحل محمد خضر (أبو علي) من جبل محسن، والعاملين فيه عمر الحصني وشقيقه محمد الحصني من بلدة ببنين- عكار.    

ولدى المخابرات لائحة بأهداف هذه الخلفية والمناطق الموجهة فيها، ويصفهم المصدر بـ"الانغماسيين"، إذ كان يخططون لإطلاق النار، كما حصل بمحل الهواتف، نحو أفراد بأماكن عامة، لاستدراج عناصر أمنية إلى المكان ومن ثم قتلهم. أي على الطريقة التي قتل بها العنصر السابق في مخابرات الجيش، أحمد مراد، الملقب بـ"أبو زياد"، عند طريق المئتين في طرابلس في آب 2021.  

وأكد المصدر أن خوجة الموقوف راهنًا لدى مخابرات الجيش في وزارة الدفاع، اعترف بالأفعال التي كان يحضر لها، وهو انتقل من العراق إلى تركيا ثم تسلل إلى لبنان عبر سوريا، بتوجيه وتكليف من أحد قياديي داعش المدعو محمد حميد الموجود في سوريا، وأنه هو من أمن حركة خوجة في لبنان.  

ويقول المصدر إن المخابرات تمكنت من تتبع خوجة والقبض عليه بكمين، وهو كان يعمل على تجنيد عدد من الشبان لتنفيذ العمليات، وتحضيرهم بدنيًا ونفسيًا. ويؤكد المصدر أنه وفقًا للتحقيقات، لا أهداف استراتيجية كبرى لدى هؤلاء على المستوى السياسي العام، وإنما أفعالهم وبعضها انتحاري محدودة بتأثيرها وموضعية، لكنها كفيلة بإحداث خلل أمني، نظرًا لقدراتهم اللوجستية المحدودة.  

وفي معلومات خاصة، يكشف المصدر لـ"المدن" أن مخابرات الجيش حاليًا بصدد تتبع خلية أخرى تابعة لداعش في لبنان، وتمكنت من القبض على رأسها المدبر، وكانت تحضر لتنفيذ عملية أمنية خطيرة في إحدى الثكنات العسكرية!  

لبنان وداعش عراق  
ويبدو أن الأجهزة الأمنية تضع هذه الاكتشافات للخلايا الداعشية، بإطار تداعيات موجة الالتحاق الواسعة لشبان من طرابلس بتنظيم داعش في العراق منذ نهاية العام 2021.  

حينها، توالت الأخبار في طرابلس عن اختفاء العشرات من الشبان والقاصرين، ومعظمهم من منطقتي باب التبانة والقبة، ثم تبين تباعًا أنهم موجودون في العراق. وكشفت "المدن" حينها أنهم توجهوا إلى العراق هربًا، عن طريق البرّ عبر سوريا، ما عزز التساؤلات حول مسهّلي هذا الهروب، وعدم تتبعهم أو كشفهم من قبل الأجهزة الأمنية (راجع "المدن") وبعد أشهر قليلة، ارتفعت حصيلة قتلى شبان من طرابلس مفقودين في العراق، بعد تداول معطيات أمنية وميدانية عن التحاقهم بتنظيم داعش هناك (راجع "المدن").

ووسط خوف شديد من عودة التسويق لموجات الالتحاق بخلايا داعش، يترقب كثيرون مفاعيلها الأمنية، ويخشى آخرون من استثمارها للعب بالأمن، في ظرف دقيق سياسيًا، وفي بلد يشهد كل فصول التفكك والانهيار والانحلال بعيش اللبنانيين ومرافق الدولة.  

وهنا، يقول مصدر أمني لـ"المدن": "ثمة تنسيق كبير بين مخابرات الجيش وشعبة المعلومات في عمليات القبض على الخلايا الإرهابية، والوضع الأمني تحت السيطرة بفضل العمليات الاستباقية لأي فعل جرمي تنوي هذه الخلايا تنفيذه". 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها