السبت 2022/11/26

آخر تحديث: 00:03 (بيروت)

المهمّة الشاقة: صون التهدئة وتجنّب إعلان حزب الله مرشحه

السبت 2022/11/26
المهمّة الشاقة: صون التهدئة وتجنّب إعلان حزب الله مرشحه
كل المؤشرات تفيد بأن التسوية متأخرة والشغور الرئاسي مستمر (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

تجمع القراءات المختلفة على أن الفراغ الرئاسي سيكون طويلاً. طوال هذه الفترة سيسمع اللبنانيون بسيناريوهات كثيرة واجتراح تسويات وصيغ حلول. بناء عليه، ثمة من ينصح بعدم ترك حزب الله يعلن عن موقفه بتبني مرشحه بشكل رسمي ونهائي، لأنه حينها لن يتراجع. في الوقت نفسه لا يريد الحزب أن يعلن تبنيه لمرشحه وهو سليمان فرنجية قبل الوصول إلى مرحلة التأكد من القدرة على إيصاله للرئاسة، وإنضاج التسوية حوله مع الحلفاء ومع الخصوم أيضاً أو بعض الوسطيين.

حزب الله بين فرنجية وعون
تشهد الساحة اللبنانية عملية رصد سياسية وديبلوماسية للمواقف والسيناريوهات. على المستوى السياسي، سليمان فرنجية هو المرشح المتبنى من قبل حزب الله وحركة أمل وعدد من النواب الآخرين. في المقابل، خصوم الحزب يستمرون حتى الآن بدعم ميشال معوض. يسعى الحزب مع التيار الوطني الحر لإقناعه بخيار فرنجية، إلا أن هناك تضارباً في وجهات النظر الداخلية والخارجية حول هذا الأمر، على قاعدة أن انتخاب فرنجية لا يعطي انطباعاً تجديدياً، ولا بد من خيارات جديدة، كما أن انتخابه غير مضمون، حتى وإن تمكن الحزب من إقناع التيار الوطني الحرّ، خصوصاً أن المشكلة ستكون حول تأمين النصاب. وهذا لا يمكن أن يتوفر إلا بحصول اتفاق خارجي كبير.

مواقف نواب حزب الله تستحق الوقوف عندها، خصوصاً بعد الجلسة النيابية الأخيرة، لا سيما موقف النائب محمد رعد، القائل بأن الحزب لا يضع فيتو على قائد الجيش. وموقف النائب علي عمار، الذي أشاد بأداء قائد الجيش ودوره. تمثل هذه المواقف إشارات واضحة حيال النظرة الإيجابية لدى الحزب تجاه جوزيف عون أولاً، وثانياً لا يخفى التواصل القائم بين الطرفين. وهذا ما يعني أن الحزب يبقي الباب مفتوحاً أمام أي احتمال، خصوصاً في حال عدم التمكن من تأمين فرص نجاح فرنجية. مواقف نواب الحزب قد تشكل عناصر ضغط على جبران باسيل، والذي قد يتحسّب لبناء علاقة قوية بين الجانبين تقود جوزيف عون إلى بعبدا. وهو بوصوله قد يغرف من صحن التيار الوطني الحرّ، لما تمثّله رمزية البزة العسكرية في وجدان العونيين. بهذه المواقف، ربما يدفع الحزب بباسيل إلى تبني خيار فرنجية كأضمن الخيارات.

الواقعية الفرنسية
بالنسبة إلى وضعية قائد الجيش، فهناك من يعتبر أن طريقه سالكة إلى القصر الجمهوري، وأنه كلما طالت الأزمة سيكون الشخص الأسهل للوصول إلى توافق حوله.. بينما آخرون يعتبرون أن ذلك مستحيل، أولاً بسبب فيتو باسيل، وثانياً لأن هناك جهات تفضل عدم تكريس ظاهرة وصول قادة الجيش إلى رئاسة الجمهورية، فهذه ستمثل المرة الرابعة. ومما لا شك فيه أن عون يحظى بمقومات الثقة لدى الفرنسيين، السعوديين، المصريين، الأميركيين والقطريين.

فرنسا لا تزال الأكثر تحركاً في هذا الإطار. وبعد زيارات كثيرة لمسؤولين لبنانيين إلى باريس ولقاءات متعددة، كان الفرنسيون يشددون على ضرورة انتخاب أي رئيس للجمهورية، ولو كان ذلك يقضي انتخاب فرنجية. وحاولوا إقناع جهات متعددة به، إلا أن اعتراضات متعددة قد استمرت. والآن ثمة من ينقل عن الفرنسيين بأنهم لم يعودوا عاملين بحماسة لأجل إيصال فرنجية، إلا إذا تغيرت بعض الظروف والمعطيات. وهذا الموقف لا يمكن أن يكون نهائياً، لأن العمل في "البورصة" اللبنانية أصبح بشكل مياوم، وبالتالي المواقف قد تتغير وتتبدل كل يوم. يقول البعض إن الواقعية الفرنسية تعود باتجاه قائد الجيش أيضاً.

أسماء "تجديدية"
من السيناريوهات المتداولة أيضاً، أو التي لا تزال محطّ عمليات الرصد، هي في الذهاب نحو خيار "تجديدي" ذات اهتمامات اقتصادية وسياسية. هنا تبرز أسماء عديدة، من بينها رجل الأعمال اللبناني المقيم في باريس، سمير عساف، والذي زار بيروت قبل فترة وعقد سلسلة لقاءات. في المقابل، يبرز اسم زياد بارود كمرشح يحظى بقبول فرنسي وبدعم من قبل رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. إسم ثالث يتم التداول به جدياً وبطريقة غير علنية ويومية، هو رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، والذي يتمتع بعلاقات دولية قوية. كما أنه يحظى بثقة العديد من الأفرقاء اللبنانيين. وهو شخصية إقتصادية ومالية مسيسة لديها تجربتها.

من يطرح أزعور يعتبر أنه يمكنه تشكيل مظلة ثقة وأمان للجميع، خصوصاً في مرحلة ما بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومة. فالرجل ذات الخلفية المالية لن يكون لديه مشكلة في من سيكون حاكماً للمصرف المركزي، نظراً للتكافؤ بينهما. وبالتالي، يمكن أن يكون حاكم المصرف المركزي محسوباً على أي جهة سياسية طالما أن أزعور موجود لمواكبة التطورات النقدية والاقتصادية. كذلك الخلفية الاقتصادية ستبعده عن الدخول في سجالات التحاصص والصراعات على تعيين قائد جديد للجيش في المرحلة المقبلة، وبعض المواقع والمناصب الأمنية، لأنها كلها خارج دائرة اهتمامه. كذلك الأمر بالنسبة إلى التعيينات في المواقع الأخرى والتشكيلات القضائية. وبالتالي، هو لن يكون في صراع هدفه صناعة زعامة سياسية أو حزب جديد يكون في مواجهة مع الأحزاب والقوى الأخرى.

كل المؤشرات تفيد بأن التسوية متأخرة، لا سيما أن الوضع الإقليمي يزداد توتراً، وتشهد الملفات المختلفة عملية تصعيد واضحة على وقع التطورات الحاصلة. كل ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تأخير إنجاز الاستحقاق في لبنان، خصوصاً في ظل التباعد في المواقف، وفي عدم قدرة أي طرف على المبادرة باتجاه نقطة وسطية. يبقى الأهم، انتهاز فرصة حقيقية لتكريس تهدئة بدلاً من انعكاس التصعيد على الساحة المحلية، وكي لا يصل حزب الله إلى مرحلة يعلن فيها مواقف تصعيدية، يتبنى فيها خيارات لا يكون من السهل عليه التراجع عنها، وحينها تكون الفرصة قد ضاعت.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها