الثلاثاء 2022/11/01

آخر تحديث: 17:48 (بيروت)

يوم البخاري البقاعي: مُفتون ومطارنة ونواب و"مجتمع مدني"!

الثلاثاء 2022/11/01
يوم البخاري البقاعي: مُفتون ومطارنة ونواب و"مجتمع مدني"!
أُغرق البخاري بشتى عبارات التبجيل بـ"مملكة الخير" (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease
حط سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد البخاري اليوم في البقاع، بزيارة استمرت ساعات طويلة، تنقل خلالها بين جناحي المحافظة، من حدود لبنان الشرقية إلى قضاء المحافظة الجنوبي، حيث الحاضنة الأكبر للطائفة السنّية، التي لا تزال تشعر بيتمها منذ انسحاب تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري من الحياة السياسية.

الصبي وأمه
الاحتفالية السنية بالزيارة بدت لافتة. وقد أُغرق البخاري بشتى عبارات التبجيل بـ"مملكة الخير"، وبدا واضحاً التعلق بحبالها في سد فراغ ما ينقذ الطائفة التي وصفها مدير عام الأوقاف الإسلامية في البقاع محمد عبد الرحمن "بأنها كانت أم الصبي فإذا بها تبكي الصبي، إما لأنه مات أو في طريقه إلى الموت".

بدت زيارة البخاري إلى منطقة البقاع إذاً، بمثابة زيارة "سفير فوق العادة". وقد حملت بكل هواجس اللبنانيين في ملفات الاقتصاد والفساد والتربية والسياسات الداخلية والإقليمية.. فيما حاول البخاري بالمقابل أن يتجنب الخوض بالملفات الداخلية، حاصراً كلامه بالدور "المبدئي" للسعودية في لبنان.

على خلاف زيارته السابقة إلى البقاع عشية إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة، بدا عنوان جولته البقاعية اليوم أقرب إلى الجمع منه إلى التفرقة. ومع أن المشرفين على تنظيمها رفضوا تحديد هدف واضح لها، فإن عناوينها حددتها طبيعة اللقاءات التي جمعت معظم مكونات المجتمع البقاعي، ولم يستثن منها إلا المكون الشيعي السياسي.

غياب "المستقبليين"
من أزهر البقاع بدأت الجولة عند الثامنة صباحاً، وحضرها أئمة البقاع ورؤساء مساجدها إلى جانب النائبين حسن مراد وبلال الحشيمي، ورؤساء بلديات القضاء. وكان لافتاً غياب رئيس بلدية مجدل عنجر التي تحضن مؤسسات الأزهر سعيد ياسين، وهو أيضاً منسق تيار المستقبل في البقاع، رغم توجيه الدعوة له لحضور اللقاء، إلى جانب تغيب كل من منسق التيار في البقاع الغربي محمد هاجر ورئيس بلدية مجدل عنجر المنتمي لتيار المستقبل.

الأجواء المحيطة بزيارة البخاري إلى أزهر البقاع، حاولت أن توحي بأنها تشكل تزكية لأحد المرشحين لمنصب المفتي خلفاً للمفتي الراحل خليل الميس. إلا أن مصادر مواكبة لجولة البخاري، نفت أي اهتمام للسفير بانتخابات دار الإفتاء بالبقاع، بل وقوفه على مسافة بعيدة منها.

في أزهر البقاع سمع البخاري شكوى المنتجين من إقفال باب المملكة بوجه الصادرات اللبنانية، وهي شكوى تكررت في أكثر من محطة للبخاري. وقد رد عليها بالتأكيد على "أن المملكة السعودية وضعت آلية معالجة، وطلبنا بتنفيذ هذه آلية معالجة في قرار منع دخول البضائع الذي اتخذ لوقف الصادرات من لبنان، وسوف يتم إعادة النظر بالقرار في وقت قريب، عندما يتم تشكيل حكومة ويكون هناك آلية لطرح المعايير ومعالجة المواضيع".

وكان الكلام واضحاً في الأزهر حول طلب مساعدة المملكة لمؤسسات الطائفة التربوية، أسوة بالمساعدات التي تتلقاها المدارس الكاثوليكية من رعاتها كما لفت الشيخ عبد الرحمن.

دفاعاً عن الطائف
إلا أن الكلام السياسي الأقوى للبخاري كان بعيداً عن كاميرات وسائل الإعلام التي أقلَّ البخاري من تصريحاته لها.

ولم يستفض البخاري في الكلام إلا في لقاء جمعه مع ممثلي المجتمع المدني في الطائفة السنية، والذي شكل متابعة للقاءات دورية تجريها السفارة معهم تحت مبادرة "جسور"، للاستماع إلى هواجس المجتمع المدني في لبنان، ولا سيما بعد خروج النائب سعد الحريري وتياره من الحياة السياسية.

فتوقف البخاري عند اتفاق الطائف الذي اعتبر أنه "يشكل قيمة أخلاقية، لما يشكله من ضمانة للحفاظ على الأمن والسلم الأهلي، والتأكيد على صيغة العيش المشترك الذي لا يسمح بالمس بأي مكون من مكونات المجتمع". مؤكداً أن "المملكة هي الضامن للجميع ودورها لا ينحصر بنطاق محدود".

وشدد البخاري على أن "سياسة المملكة في الملف اللبناني واضحة ولن نتعامل مع لبنان إلا من خلال منطق الدولة وليس مشروع الدويلة".

وكان لقاء شتورا مع الشباب التغييريين قد أعقب لقاء عقده البخاري مع النائب التغييري ياسين ياسين، ولقاء جمعه في دار الحنان مع النائب حسن مراد، إلى زيارته لمنزل النائب جمال الجراح، قبل أن ينتقل لزيارة النائب بلال الحشيمي في مدرسة أفروس كولدج التي يرأسها. وقد تفوق الحشيمي في مظاهر الترحيب بضيفه السعودي، بعد أن رفع اللافتات المرحبة بسفير "مملكة الخير"، ورفع تلاميذه رايات المملكة ونشيدها الوطني.

علم زحلة وغداء البردوني
في المقابل تلقى البخاري في مطرانية زحلة الكاثوليكية هدية راعي الأبرشية المطران إبرهيم إبرهيم الذي قدم له علم زحلة كأول جمهورية تأسست في الشرق، بالإضافة إلى كتاب "زمان يا زحلة". وقدم البخاري لأساقفة الطوائف كافة الذين حضروا للقائه كتاب "علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية" الذي تمنى على الأساقفة قراءته، قبل أن ينتقل البخاري إلى مقاهي البردوني، حيث أقام مأدبة غذاء جامعة أيضاً، دعا إليها 12 من نواب البقاع الغربي و13 من الأوسط، واستثني منها نائب حزب الله رامي أبو حمدان. فيما اعتذر عن تلبية الدعوة كل من النواب جورج بوشيكيان وغسان سكاف بداعي السفر، ولم يحضر النائب وائل أبو فاعور. علماً أن السفير السعودي زار أيضاً السيدة ميريم سكاف في دارتها بزحلة، بالإضافة إلى لقائه مع النائب السابق محسن دلول في علي النهري.

وكان يفترض بالبخاري أن ينهي زيارته في بلدة الفاعور، إلا أن تبديلاً حصل ببرنامج الزيارة في الدقائق الأخيرة، ذكر أنه لأسباب أمنية، ما جعل موكب البخاري يعود أدراجه. فتسبب بغضب أهالي البلدة من العشائر المجنسة. فبعدما أعدّوا له الاستقبالات الترحيبية، سرت مطالبة بإقالته، وقال أحدهم وسط الجموع "نحن لا نريد من المملكة إلا سلامتها، لا نريد مساعدات، ولا مدارس، نحن كرامتنا وعنفوانا وشهامتنا أهم من كل شيء."

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها