الجمعة 2022/10/07

آخر تحديث: 12:00 (بيروت)

اتفاق الترسيم محاصر بالتهديدات العسكرية والفوضى السياسية بإسرائيل ولبنان

الجمعة 2022/10/07
اتفاق الترسيم محاصر بالتهديدات العسكرية والفوضى السياسية بإسرائيل ولبنان
عملية المصادقة على الاتفاق قد تطول (Getty)
increase حجم الخط decrease
رأى المحللون العسكريون في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الجمعة، أن إعلان إسرائيل على لسان وزير الأمن، بيني غانتس، أمس، أنه أوعز للجيش بالاستعداد لتصعيد محتمل مقابل حزب الله، في أعقاب رفض إسرائيل ملاحظات لبنان بشأن مسودة ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، من خلال وساطة أميركية، أنه يأتي في إطار المفاوضات ومن أجل أن تحصل إسرائيل على اتفاق أفضل.

إنذار استراتيجي
وأشار المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يكن بحاجة إلى إعلان غانتس، "فقد وضع الجيش إنذاراً استراتيجياً بشأن احتمال التدهور إلى حرب في الشمال منذ أربعة أشهر، إثر تقدم المفاوضات مع لبنان حول منصات الغاز، وهو في حالة تأهب مرتفعة في مجمل الأجهزة ذات العلاقة، الاستخبارات وسلاح الجو وسلاح البحرية وقيادة المنطقة الشمالية، منذ فترة طويلة، ولم يتم رفع حالة التأهب هذه، أمس، في أعقاب الإعلان".

وأضاف يهوشواع أنه "بالإمكان النظر إلى هذا الإعلان كأمر برفع آخر للتأهب استعداداً لمواجهة محتملة مقابل حزب الله، ولكنه أيضاً جزء من المفاوضات التي تجريها إسرائيل مقابل حزب الله من أجل الحصول على اتفاق أفضل، والتلميح للجانب الآخر بالطبع، عن الجهوزية لاحتمال خطوة هجومية من جانبه".

ولفت يهوشواع إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، تغيب بشكل غير مألوف، أمس، عن مراسم إحياء ذكرى الجنود الإسرائيليين القتلى في حرب تشرين أول-أكتوبر العام 1973، وأنه تواجد في مداولات تقييم الوضع بشأن التطورات مقابل لبنان وسبل العمل حيالها.

المبادرة بيد لبنان
إلا أنه ليس متوقعاً حدوث تدهور أمني في الوقت القريب، إذ أبلغ الجيش رؤساء السلطات المحلية في شمال إسرائيل بمواصلة الحفاظ على مجرى الحياة الاعتيادية، وأنه "لا توجد تعليمات جديدة"، مع اقتراب عيد المظلة اليهودي، الذي يبدأ بعد غد ويستمر لأسبوع كامل ويتوقع أن يتنزه عشرات آلاف الإسرائيليين في المنطقة الشمالية.

وحسب يهوشواع، فإن "المشكلة الإسرائيلية هي أن المبادرة انتقلت بكاملها إلى الجانب الآخر، في شروط المفاوضات، التي بموجبها تطلع إسرائيل كل صباح بواسطة الصحافة اللبنانية على مدى تشدد الموقف، وكذلك في موضوع المبادرة العسكرية الموجودة بأيدي حزب الله، الذي من شأنه أن يقرر إذا كان، ومتى، وبأي شكل سيرد وينفذ تهديداته".

مناكفة نتنياهو
من جانبه، أشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أنه في أعقاب تقديم الوسيط الأميركي، آموس هوكشتاين، مسودة الاتفاق، قبل أسبوع، كانت الأمور تبدو مختلفة، وردود الفعل في كلا الجانبين إيجابية. "لكن عندها، بدأت الأمور تتعقد. فقد هاجم رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، الحكومة بشدة، بادعاء استسلامها للبنان وحزب الله".

وأضاف أن "رئيس الحكومة، يائير لبيد، بات متوتراً على ما يبدو، واستدرج إلى سجال لا ضرورة له مع حزب الليكود. وبدلاً من محاولة إزالة الخلافات من الأجندة، بالغ لبيد ومستشاروه في خطاب حماسي، ووصف الاتفاق بأنه استراتيجي، وتشبيهه باتفاقيات أبراهام، ومناكفة نتنياهو بأنه لم ينجح طوال عشر سنوات في تحقيق ما حققه لبيد خلال شهرين".

وتابع هرئيل أن الحكومة الإسرائيلية تعاملت مع مسودة الاتفاق "ببرودة أعصاب وموضوعية، وقررت تقديم تنازلات مالية بهدف إخراج حقول الغاز، وسحب ذريعة مركزية لتصعيد محتمل من حزب الله من معادلة المواجهة. إلا أن الصفقة لم تُبرم حتى النهاية، لا داخلياً ولا خارجياً. واتضح للبيد وغانتس أن عملية المصادقة على الاتفاق قد تطول أكثر مما اعتقدا، وأنه لا يزال بإمكان معارضيهما عرقلة الاتفاق بواسطة تقديم التماسات إلى المحكمة العليا".

ورأى أنه "على هذه الخلفية تراجعت الحكومة، أو أنها تظاهرت بأنها انسحبت من الاتفاق". وأشار هرئيل إلى أنه فيما وصف لبيد الملاحظات اللبنانية على مسودة الاتفاق بأنها "جوهرية" ورفضها، رأت الإدارة الأميركية أنها ملاحظات صغيرة.

فوضى سياسية
وفيما يتعلق بإعلان إسرائيل عن بدء استخراج الغاز من منصة "كاريش" عندما يكون ذلك ممكناً من الناحية التقنية، لفت هرئيل إلى أن هذا متعلق بتعاون من جانب صاحبة الامتياز لاستخراجه، وهي شركة "إنرجيان" البريطانية – اليونانية. "وتبقى أن نرى إذا كان لبيد سينجح في إقناع رؤساء الشركة بإرسال عامليها إلى كاريش في حال استأنف حزب الله تهديداته باستهداف المنصة".

وبحسبه، "يبدو حالياً أن احتمالات توقيع الاتفاق والمصادقة عليه قبل انتخابات الكنيست (مطلع الشهر المقبل) تراجعت بشكل كبير. ومن السابق لأوانه التحدث عن حرب، فهذه لا تبدو كمصلحة لأي من الجانبين، لكن لا شك في أن مستوى التوتر ارتفع والجيش الإسرائيلي يستعد بجدية لاحتمال استفزاز آخر من جانب حزب الله قرب المنصة".

ورجح المحلل العسكري في "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، أن الإدارة الأميركية وجهات أخرى ستبذل جهداً في الأيام القريبة المقبلة من أجل إنقاذ الاتفاق، وأن ثمة سببين ملحين لذلك. الأول يتعلق بـ"الفوضى السياسية" في إسرائيل، إذ ليس واضحاً متى وكيف ستنتهي جولات الانتخابات، وكذلك في لبنان، حيث ليس واضحاً إذا كانت ومتى ستنجح بانتخاب خلفاً للرئيس ميشال عون. والسبب الثاني أمني، ويتعلق بالتخوف من أن عدم وجود اتفاق سيقود لتصعيد عسكري.

واعتبر ليمور أن إعلان غانتس، أمس، يهدف إلى إرسال رسالة ردع للبنان ولحزب الله بأن إسرائيل لا تخشى الحرب. وتوقع أن يرد أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، على ذلك قريباً، "وتحدي الأعصاب الإسرائيلية بطرق مختلفة، بدءاً بكلمات وانتهاء بإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ".

وأشار إلى أنه "لهذه الخطوات قد تكون ديناميكية سلبية. ورغم أنه يوجد توازن رعب بين الجانبين، وكلاهما ليسا معنيين بحرب، لكن في الواقع الذي تتواجد فيه إسرائيل ولبنان في لعبة من يتراجع أولاً، قابل للاشتعال، وقد تكون له تبعات أوسع بكثير من حقول الغاز في البحر المتوسط".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها