الأربعاء 2022/10/26

آخر تحديث: 12:47 (بيروت)

اللبنانيون أضاعوا فرصتهم: فراغ مديد حتى يتذكرنا العالم

الأربعاء 2022/10/26
اللبنانيون أضاعوا فرصتهم: فراغ مديد حتى يتذكرنا العالم
سينشغل اللبنانيون بالأزمات المتناسلة التي تنسي كل جديدة منها ما سبقها (المدن)
increase حجم الخط decrease
مرة جديدة أضاع اللبنانيون الفرصة لـ"لبننة" استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، في الموعد الدستوري قبل 31 تشرين الأول.
كانت مؤشرات وعوامل كثيرة قد تضافرت لترفع إمكانية الإتيان برئيس صُنع في لبنان، بتوافقات الحد الممكن وسط تعقيدات التركيبة اللبنانية.
فالتوازنات السياسية داخل مجلس النواب، منذ اتفاق الطائف إلى اليوم، لم تكن مرة بمثل هذا التقارب.
والوضع المأزوم على المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي يجعل كل الأطراف -أقله نظرياً- بحاجة إلى طوق نجاة يبعد عنها تهمة التعطيل والتسويف وتحمل مسؤولية الانهيار الكبير.
حتى علاقات المجموعات-الطوائف بين بعضها البعض، وصلت إلى حدّ من فقدان الثقة، ما عاد ينفع معها "ربط النزاع"، ولا عاد ينفع عرض عضلات "الرئيس القوي"، التي تبين أن لا ترجمة واقعية لها سوى التعطيل.

تبدّل التأثير الخارجي
وعلى قدر تبدّل المشهد الداخلي وتوازناته، تبدّل كذلك المشهد الخارجي. لم تعد سوريا الناخب الأول والحاسم في انتخاب الرئيس. وبالتالي، لم تعد هي الجسر الذي تمرر عليه الدول المعنية إرادتها وتوافقات مصالحها.

إيران المشغولة بـ"دوزنة" خطواتها في الطريق الشاق إلى الاتفاق النووي، كان يمكن أن تسمح بـ"دوزنة" مماثلة في الداخل اللبناني.
للسعودية أولوياتها التي تبدأ من اليمن ولا تنتهي بالتباسات العلاقة مع الولايات المتحدة، مبقية على حرص الحدّ الأدنى على التطورات اللبنانية.
أما العالم، وفي طليعته الولايات المتحدة، فأجندته مختلفة، يكاد يندرج لبنان في أواخر بنودها، خصوصاً بعد الانتهاء من ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، وفتح صفحة سياسية-اقتصادية-أمنية مختلفة في المنطقة.
أوروبا عموماً، وفرنسا تحديداً، لها من المشاغل الاقتصادية الداخلية ما يجعل تركيزها شبه محصور في هذا الشق حتى في علاقاتها الخارجية، ومنها لبنان. و"خيبة" كثير من اللبنانيين، وبعض من الطبقة السياسية، إثر زيارة الرئيس الفرنسي إلى لبنان غداة انفجار المرفأ لا تزال منسحبة إلى اليوم من "الأم الحنون".
أما الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من المجتمع الدولي وصندوق النقد فلا تشمل "سلتها" الاستحقاق الرئاسي.
وليس في الأفق لا "طائف" جديداً ولا "دوحة"، والخفة التي اعتمدت في "العشاء السويسري" لا توحي بالاهتمام الجديّ بالملف الرئاسي اللبناني.

عَود على بدء
وسط هذا المشهد، ماذا فعل الساسة اللبنانيون؟ هل التقطوا الفرصة؟ هل ترفّعوا قليلاً عن حسابات المصالح وأوهام القوة والاستقواء وانتخبوا رئيساً للبلاد؟
هي أيام ست وتنتهي ولاية الرئيس ميشال عون، فيشغل منزله الجديد في الرابية، مخلفاً وراءه شغوراً في بعبدا.
وما كان ممكناُ قبل 31 تشرين الأول لن يعود كذلك من بعده. البلد يسير مترنحاً نحو "فوضى مضبوطة" دستورية، اقتصادية وأمنية. والضياع يتحكم بكل الطبقة السياسية المأزومة والمسبّبة للأزمات.

فقد اللبنانيون اللحظة، ودخلوا مرحلة الانتظار الطويل، ليبلور لهم الخارج اسم الرئيس الآتي على صهوة فراغ بدأت الاجتهادات حول مدته. فمنهم من يربطها بتاريخ انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان في أواخر أيار من العام المقبل، ومنهم من يحيلها إلى التوافق الأميركي-الإيراني، وآخرون ينقلون كلاماً عن سفيرة دولة كبرى تؤكد فيه أن "الفراغ سيكون لسنة كحدّ أدنى". ولكل سيناريو مبرراته وحججه.

وفي الانتظار، سينشغل اللبنانيون بحوار تقطيع الوقت، والأزمات المتناسلة التي تنسي كل جديدة منها ما سبقها، في استهلاك مخيف لما تبقى من هيكل الدولة ومؤسساتها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها