الخميس 2022/10/20

آخر تحديث: 23:58 (بيروت)

بين دعوة السفارتين: إبراهيم منيمنة يُخوَّن لثبات مبادئه!

الخميس 2022/10/20
بين دعوة السفارتين: إبراهيم منيمنة يُخوَّن لثبات مبادئه!
استعانوا بـ"العشائر" لأن لا أحد استطاع أن يقنع أهل بيروت بالوقوف ضد منيمنة (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
يتعرّض النائب في كتلة التغيير إبراهيم منيمنة منذ يومين لحملة تحريضية ممنهجة، لها خلفيات سياسية ليست وليدة اليوم، إنّما نتيجة لتراكمات بدأت عقب نتائج الانتخابات وبداية العمل البرلماني والميداني الجديّ.

فلماذا هذه الحملة "السنّية" على منيمنة اليوم ومن يطلقها؟

بين دار الفتوى والسفارة
في 23 أيلول من العام الجاري، دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان النوّاب السنّة إلى اجتماع في دار الإفتاء، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية. أي أن الدعوى في وقتها كانت "طائفية" قبل أول جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

أمام هذه، لا بد من التذكير بحصول منيمنة على أكثر نسبة من الأصوات في دائرة بيروت الثانية، بعد انسحاب تيار المستقبل من الساحة السياسية، وعلى ثاني أعلى نسبة بين النوّاب السّنة على صعيد لبنان. هذا ليس تفصيلاً، إنّما يعتبر أمراً لافتاً بعد انسحاب الرئيس سعد الحريري من الواجهة السياسية، كزعيم سنّي له شعبيته على صعيد بيروت خصوصاً، ومناطق لبنانية أخرى عموماً.

رفض منيمنة الدعوة، ولم يذهب إلى دار الفتوى، تمسّكًا بفصل الدين عن الدولة أولاً، والثبات على مبدأ الدولة المدنية، وأن المرجعية السياسية لا يجب أن يكون لها "غطاء طائفي". إذاً، لم يحضر الاجتماع ولم يلبِّ بطبيعة الحال مأدبة الغداء التي رتبها السفير السعودي ضمن مسعى "توحيد الصف السّني" في البلد.

في الموقف عينه، سارع النائب وضّاح الصادق لحضور الاجتماع، وكان قد سبق ذلك زيارته للمفتي، صرّح فيها أنّه مرجعيته الأساسية، محاولاً استعطاف الطائفة السّنية التي تفتقد إلى زعيم صريح، ومقرّباً نفسه من المحور السعودي.

صحيحٌ أن البعض امتعض من موقف منيمنة، إلاّ أن الشارع السّني في بيروت لم يبدِ اعتراضاً ملحوظاً عليه. بل أن قبوله وتجيير الأصوات له في الانتخابات، وحصوله على أكبر عدد أصوات، يشير إلى أن البيارتة يئسوا من التكريس لزعيم طائفة خذلهم مرّات عدّة، فلا بدّ من تجديد الدّم. وهذا أيضاً ليس تفصيلاً.

هذه كانت نقطة انطلاق الحملة الممنهجة على منيمنة، تفاقمت إلى حد تخوينه وتكفيره فقط لرفضه الدعوة، وتفضيل تعزية أهالي المهاجرين على القوارب، إثر غرقهم قبالة شواطئ طرطوس- سوريا.

السفارة السويسرية
تطوّرت الأمور فيما بعد، وأصبح التصويب على منيمنة عالي النبرة بعد دعوة السفارة السويسرية إلى عشاء يضمّ نواب من الطوائف كافّة. وعادة ما تحصل هكذا دعوات كنوع من العادات السياسية والبروتوكولات لفتح مجالات التواصل بين الدول.

اعتبر البعض أنّ منيمنة تعامل بازدواجية معايير، رفض دعوة السفارة السعودية التي يجب أن تكون أولوية ومرجعية طائفية، وفضّل الذهاب إلى السفارة السويسرية. وكانت علّة هؤلاء أنه يجب أن يخضع لقانون "الكل أو لا شيء" في حال كان الاعتراض على تدخّل الدولة أجنبية في شؤون لبنان.

واقعياً، لم يصرّح منيمنة علناً ما إذا كان سيذهب إلى الدعوة السويسرية أو لا، كما أن الفارق بين دعوة الاثنين مفادها مختلف. الأولى دعت إلى اجتماع طائفي وجرى فيه النقاش برئاسة الجمهورية والحكومة. أمّا الثانية فلم يكن لها أي تدخّل صريح بسياسة لبنان أو بطرح اسم رئاسة حكومة ورئاسة للجمهورية. كما أن النواب المدعوّين لعشاء السفارة السويسرية من الطوائف كافّة وخلفيات سياسية متنوّعة.

لم يكتفِ الهجوم بهذا القدر، إنّما بُعثت فجأة "قوة سياسية" جديدة لم تظهر على الساحة السياسية من قبل، وهي "العشائر العربية" حين نشرت بياناً لتعميم الحملة على منينمة وتخوينه مذهبياً ودينياً. والملاحظ هنا، أن الاستعانة بالعشائر يعني أن لا أحد استطاع أن يقنع أهل بيروت بالوقوف ضد منيمنة. كما أن استخدام التحريض الديني لم يأت بالنتيجة المتوخاة.  

لبّ المشاكل
كما ذكرنا سابقاً، المشاكل بين نواب التغيير ليست بجديدة، فالخلاف يشمل المقاربات السياسية المختلفة والتي يصعب وجود أرضية مشتركة لها. والنزاع اشتدّ بالخلاف الذي روّج له الصّادق تجاة منيمنة، لتكون دعوة السفارة السويسرية الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

حتى اليوم، يقدّم منيمنة مثال النائب الثابت على موقفه وبرنامجه الانتخابي، وخسارته للجنة المال والموازنة قد تكون ضريبة هذا التشبّث بالمواقف وعدم "مسايرة" الأطراف الأخرى طمعاً بالمراكز والمناصب لمكسب شعبوي.

اليوم، وبعد الإخفاقات الكثيرة والمتكررة، هل من الممكن أن نشهد إعادة اصطفاف قوى التغيير، خصوصاً وأن استحقاقات مفصلية بانتظار البلد؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها