الإثنين 2022/01/31

آخر تحديث: 12:33 (بيروت)

سمير جعجع وحيدًا

الإثنين 2022/01/31
سمير جعجع وحيدًا
يحاول جعجع أن يقنع الناخبين أنه لا ينتمي إلى المنظومة (Getty)
increase حجم الخط decrease

في معراب لا صوت يعلو على استحقاق أيار الانتخابي، كل التصريحات والنشاطات والفعاليات والتحركات واللقاءات، تهدف إلى تحسين وضع القوات في الانتخابات النيابية المقبلة، ومحاولة الوصول إلى أكبر كتلة مسيحية نيابية. ولكن كل هذا الضجيج يخفي نقاط ضعف قاتلة، ليس لمعارك القوات الانتخابية فقط، وإنما للوجود المسيحي في هذا البلد.

العدو الواضح
يستعمل جعجع خطابًا قديمًا سبق أن سمعه المسيحي مع كل معركة انتخابية، فحينما يقول إن مجرد انتخاب مرشحيه سيؤدي إلى انخفاض سعر الدولار، يذكر بما سبق أن قاله التيار إن حصوله على أكبر كتلة نيابية يعني خروج لبنان من أزماته كافة. وهذا ما لم يحصل. لا بل على العكس من ذلك، فقد دخلنا في أتون من المشاكل لم ينته.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى يضع جعجع أمام جمهوره عدوًا واضحًا، يجب التخلص منه للخروج من ما نعانيه، ألا وهو حزب الله، الذي أدخل لبنان في المحور الإيراني. هو تكتيك قديم لطالما استعمل من قبل، تبسيط المشكل عبر خلق عدو واضح. أما تعقيدات التركيبة اللبنانية فلا مجال لذكرها. وبخصوص مشاركة هذا العدو في المجلس النيابي والحكومات لسنوات، فينبغي إلقاء قنابل دخانية لكي لا يتذكرها الناخب. وحينما ينادي نواب القوات بضرورة الابتعاد عن إيران وبقاء لبنان في الحضن العربي، هل يستطيعون أن يصارحوا ناسهم بأنهم اقتنعوا أن لبنان عربي الانتماء وأنهم لن يدخلونا في حرب جديدة من أجل تحديد هويته؟

"قوة" معراب
يحاول جعجع أن يقنع الناخبين أنه لا ينتمي إلى المنظومة التي أوصلتنا إلى هذا الدرك من المأساة، ولكنه لا يعمل أي مجهود كي يمد يده إلى القوى الجديدة المنبثقة عن التحركات الشعبية. لا بل يتهمها بالخيانة وأنها تحاول سرقة نضاله. فحينما خرج من المنظومة أو حينما أخرجه منها طمعُ جبران باسيل وقصر نظره، أمل أن يكون زعيمًا أو قائدًا للثورة، إلا أن حلمه اصطدم برفض الناس له قائدًا أو زعيمًا. لذلك فهو يكره المستقلين والثوريين، بمقدار كرهه لمن ينافسه من الطبقة الحاكمة. إن قوة ساكن معراب الداخلية الوحيدة اليوم هي بتصرفات منافسيه. سليمان فرنجيه قرر أن يبقى زعيمًا شماليًا، لذلك يستطيع جعجع أن ينافسه في معقله الزغرتاوي. أما جبران باسيل، فضائع حائر، يغرق كلما تحرك برمال متحركة، دخلها طوعًا ومن دون تردد. لم يبقَ لديه سلاح إلا تصويب سهام النقد على جعجع. وهذا ما يثلج قلب الأخير ويضحكه، لا بل يجعل منه ضحية من ضحايا حليف حزب الله الأول في الشارع المسيحي. ولكنه لو استطاع أن يتزعم الثورة، لكان اليوم موضع ثقة في الشارع والمحاور الوحيد للمعارضة مع الغرب والشرق.. إلا أن هذا الحلم ضاع منه. وقد يضيع أكثر في حال توحّدت المعارضة حول مشروع واحد، ولو أن جعجع يصلي ليلاً ونهاراً ليكون هذا الأمر بعيد المنال.

رئاسة الجمهورية
يتجنب جعجع والقوات اللبنانية إخبار مناصريهم عن مشروعهم السياسي. ففي حال جاهروا بأنهم يريدون المحافظة على الطائف، يخسرون جمهورًا مسيحيًا، وفي حال رفعوا لواء الفيدرالية يخسرون حليفهم الانتخابي الوحيد وليد جنبلاط، إضافة إلى الجمهور السنّي المتفلّت من زعامة الحريري المعتكف. يدرك جعجع أن المنطقة أمام تطورات كبيرة. من هنا، فإن الهدف أمامه واضح، وهو نيل أكبر كتلة برلمانية تمثل -برأيه- الغرب والقسم الأكبر من العرب، وتفاوض الثنائي الشيعي لتقاسم السلطة، وتحقيق حلم قائد القوات اللبنانية بالوصول إلى سدة الرئاسة أو تعطيل وصول أعدائه، ولا سيما سليمان فرنجية إليها. وكل ما عدا ذلك –برأيه- مضيعة للوقت. والوقت من ذهب.

قد يخرج سمير جعجع من الانتخابات بأقل الخسائر. ولكنه سيكون وحيدًا. حتى حليفه الانتخابي وليد جنبلاط سيتخلى عنه. وأمام التطورات الداخلية والخارجية سيتبخر حلم الرئاسة. وقد يخرج بأكبر كتلة مسيحية. ولكن هؤلاء سيخسرون سنوات ستضيع من أمامهم في معارك وهمية، كونهم تركوا مجددًا مصيرهم معلقًا بين السيىء والأسوأ.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها