الإثنين 2022/01/17

آخر تحديث: 13:21 (بيروت)

..وماذا يريد حزب الله؟

الإثنين 2022/01/17
..وماذا يريد حزب الله؟
إلى أين يريد أن يصل حزب الله بتخوين كل من يعارضه عبر اتهامه بالعمالة للسفارات؟ (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

السؤال المركزي والأساسي الذي تطرحه شريحة كبيرة من اللبنانيين: ماذا يريد حزب الله؟ وقد تفاقم طرح السؤال مع ارتفاع الهواجس اللبنانية النابعة من تصرفات الحزب غير المفهومة إزاء الحراك الشعبي، الذي انطلق عفوياً في العام 2019.

هل يريد الحزب استغلال الظرف الداخلي المتأزم للانقضاض على اتفاق الطائف، وتجاوزه نحو نظام يكرس حكم الثنائي الشيعي للبنان، وإدخاله لبنان في زمن التحكم الشيعي؟ وهل هذا الفتح الموعود يتم بإضعاف مؤسسات الدولة المركزية التي تنهار الواحدة تلو الأخرى؟ يكفي أن نتأمل واقع السلطة القضائية، التي تكاد تسقط على وقع الهجوم الشرس الذي يمارسه عليها حزب الله وحلفائه، أو نتأمل أحوال حكومة الميقاتي التي تتجاذبها أمواج عاتية، بفضل المقاطعة الشيعية لجلسات مجلس الوزراء والعودة المتأخرة المشروطة. والأهم من ذلك، هل يدرك حزب الله أن الامتيازات التي يؤمنها له النظام الحالي، قد تسقط كلها في حال استلامه لزمام الحكم، وهل يدرك أن هذه التركيبة تؤمن له حرية أن يفعل ما يشاء وساعة يشاء من دون حسيب أو رقيب؟

هل يريد الحزب أن يقضي على النظام الاقتصادي الذي رافق لبنان منذ إنشائه، أي نظام المصرف والجامعة والمستشفى وسائر الخدمات. وإذا كان هذا الأمر صحيحاً، فأي مشروع اقتصادي يملكه الحزب باستثناء اقتصاد "زرع الأسطح" و"التوجه شرقاً"؟ علماً بأن هدم النظام الاقتصادي الحالي قد طال الفئة التي تدور في فلك الحزب، خصوصاً أولئك الذين يعملون في الدول الإفريقية، وكانوا يرسلون أموالهم إلى لبنان. ألم يحن الوقت ليكشف الحزب عن برنامجه الاقتصادي، إذا كان لديه برنامج، ونحن في وسط داومة الانهيار، والخروج منها بات صعباً بل من سابع المستحيلات؟

هل فعلاً أن الحزب غير متورط بالفساد الذي أوصلنا إلى هذا الدرك من المأساة التي لم يعرفها لبنان منذ تأسيسه؟ من المؤكد في هذا المجال أمران. الأول، أن الحزب لم يقم بأي مجهود من أجل مكافحة الفساد. لا، بل على العكس من ذلك، فقد تحالف مع فاسدين وشجعهم وشد من أزرهم. والثاني، أنه كان يجلس إلى طاولة مجلس الوزراء منذ العام 2005، ووزراؤه شاركوا بإقرار كل المراسيم التي تفوح منها رائحة فساد مقونن، وهي بالمئات، من دون أي اعتراض منهم أو انسحاب من الاجتماعات أو استقالة التي استعملها الحزب أكثر من مرة لأسباب سياسية.

إلى أين يريد أن يصل حزب الله بتخوين كل من يعارضه عبر اتهامه بالعمالة للسفارات؟ ألا يدرك أن التنوع والحيوية هي ميزة لبنانية بامتياز، لا يمكن العيش من دونها؟ وأن الحراك الشعبي المعارض له هو نتيجة خطايا ارتكبت بحق كل اللبنانيين طوال سنوات، وكان الحزب جزءاً من التركيبة السياسية التي أوصلتنا إلى حيث نحن؟ وهل صحيح أن لبنان حزب الله لا يمكنه أن يتحمل هكذا تنوع وهذه الحيوية ولا مكان فيه لمعارضيه؟

في لبنان، لا أحد إلّا ويقر بوجود حزب الله وأهميته. المشكلة، أن الأخير أقفل منذ العام 2019 جميع أبواب الحوار. ولا يريد أن يعترف بأحد، إلا إذا كان تابعاً أو متملقاً له ولسياسته. والمشكلة الأهم، أن حزب الله يتصرف كأن لبنان الوطن الذي نعرفه لا يهمه إلا بمقدار ما يؤمن له من تغطية لمشاريعه الخارجية.

في العصور القديمة كان الحاكم الصالح يتنكر ويمشي بين الناس ليسمع همومهم وشكواهم، ورأيهم الحقيقي بحكمه. اليوم، المسؤولون يهربون من الناس. ويبدو أن حزب الله قد اعتمد هذه السياسة، ولكنه أضاف إليها لغة متعالية وفوقية غير مفهومة، إلا هروباً من السؤال الذي بات يطرحه معظم اللبنانيين: ماذا يريد حزب الله من وللبنان؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها