الجمعة 2022/01/14

آخر تحديث: 11:16 (بيروت)

لبنان على كف فيينا

الجمعة 2022/01/14
لبنان على كف فيينا
لا يزال رئيس الحكومة يأمل في أن ينجح في جمع مجلس الوزراء (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

دخل لبنان في هذه الفترة حالة من انعدام الوزن والتوازن المتصاعد، بشكل غير مسبوق. فإضافة إلى تحليقه وانخراطه المستمر في حالة جهنم، كما سبق أن توقع ووعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فإنه الآن بات في حالة فريدة لم يسبق أن عاشها في تاريخه الحديث، وربما يصح تسميتها حالة، ما بعد بعد جهنم.

حكومة "معاً للإنقاذ" برئاسة نجيب ميقاتي، التي انتظرها الشعب اللبناني أكثر من عام واستهلكت للوصول إليها رئيسين للحكومة، هما مصطفى أديب وسعد الحريري، والكثير من الخسائر والأيام الضائعة، ما لبثت أن تعطلت قبل أن تنطلق، بفعل مطلب تعجيزي وغريب من قبل الثنائي الشيعي، حركة أمل وحزب الله، أي مطلب قبع القاضي والمحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت، طارق البيطار.

أغرب ما في الأمر، أن هذا المطلب لو أرادت الحكومة تحقيقه لما استطاعت ذلك، لأنه لا يقع ضمن صلاحياتها المنصوص عنها في الدستور.

الحكومة عادة لا تقوم بتعيين المحقق العدلي، بل إن مجلس القضاء الأعلى هو من يقوم بذلك. وإذا ما أقدمت الحكومة على مثل هذه الخطوة، فإنها تكون في هذه الظروف كمن أقدم على الانتحار وقتل نفسه بنفسه.

إذا أقدمت الحكومة على هذه الخطوة، تكون عطلت بيدها المهمة التي أتت من أجلها، أي الإنقاذ، لأنها بذلك تقدم دليلاً على عدم أهليتها لأي ثقة بها من قبل الرأي العام اللبناني والعربي والدولي، الذي يفترض أنه يتحضر وهو على استعداد لمساعدة لبنان مالياً واقتصادياً في وقف حالة التدهور والانهيار، والمشاركة في عملية الإصلاح المنشود.

رئيس الحكومة الذي يعرف تماماً تداعيات مثل هذه الخطوة، التزم الموقف المتحفظ والأصول الدستورية، وابتعد عن الحفرة الجديدة، على أمل أن يجنب حكومته السقوط المدوي، منصرفاً إلى معالجة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، مستعيناً بالصديق إيمانويل ماكرون، الذي بادر إلى زيارة العربية السعودية وحرر الحكومة من مأزقها الأول.

الذي جرى، أن الصفحة الجديدة التي وعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بفتحها مع لبنان، سرعان ما أغلقت وفتحت مقابلها صفحة أخرى للمعارضة البحرينية في بيروت، عبر إطلالة لجمعية الوفاق البحرينية المحظور نشاطها من قبل الحكم في المنامة. وكل ذلك بدفع ومباركة من حزب الله المنخرط في المواجهة الإيرانية السعودية في اليمن.

محاولة الصديق ماكرون مع بن سلمان لم تسعف لبنان ولا ميقاتي أو حكومته. وقد تفاقم الأمر باستمرار التصعيد النضالي في ساحة بيروت، من قبل حزب الله وقادته، بوجه المسؤولين في العربية السعودية، وصولاً إلى اعتبار السيد حسن نصر الله في توصيف غريب وفريد، أن اللبنانيين الذين يعملون ويعيشون ويعتاشون في العربية السعودية ودول الخليج العربي، بمثابة رهائن لدى هذه الدول؟!

بالتزامن ومع استمرار مسيرة التدهور المالي والاقتصادي والاجتماعي، تذكّر رئيس الجمهورية المقترب من نهاية ولايته الرئاسية الناجحة جداً، أن هناك جملة من المواضيع والقضايا المهمة يجب التحاور بين اللبنانيين بشأنها، بهدف إعادة غسل وتنظيف كل الثياب التي تلطخت خلال المواجهات العبثية مع أغلب الأطراف اللبنانية منذ وصوله إلى سدة الرئاسة، محملاً في حديث صحافي الحلفاء في الثنائي بشكل عام، والشريك الثاني لحزب الله في الثنائية الرئيس نبيه بري وحركة أمل بشكل خاص، مسؤولية الفشل المتضخم والإفشال المتعمد للعهد ووريثه السياسي. ومن أجل إنجاح الحوار الفاشل سلفاً، أجرى رئيس الجمهورية جولة مشاورات أعاد فيها النائب محمد رعد تذكير المدعوين إلى الحوار "بأننا أسياد هذا البلد"؟!

حبل التطورات الدراماتيكية لم يقف عند حدود الانفلات المخيف في سعر انهيار العملة الوطنية أمام الدولار، وما يستتبعه ذلك من انعكاسات معيشية، بل أضيف إليه استضافة حزب الله مؤتمراً للمعارضة السعودية والخليجية، في ذكرى مقتل الشيخ نمر باقر النمر، والذي تم إعدامه في السعودي قبل سنوات، وذلك على وقع هتافات "الموت لآل سعود" والتي صرخ بها المشاركون في المؤتمر، لإنجاحه.

بالتوازي مع دخول البلاد هستيريا الانتخابات النيابية، ترشيحاً وتسويقاً وابتزازاً إعلامياً وسياسياً ومالياً، لا يزال رئيس الحكومة يأمل في أن ينجح في جمع مجلس الوزراء لإقرار الموازنة، في إصرار يستحق التشجيع والمساندة بالدعاء إلى العلي القدير أن يحوّل مظاهر الحمل الحكومي الكاذب إلى حمل حقيقي بطفل المعجزة اللبنانية، الذي بات مصيره على كف عفريت فيينا، وتحت رحمة المواجهة المستعرة بكل أشكالها بين إيران والدول الغربية، والتي ستتحكم نتائجها بأغلب شؤون لبنان والمنطقة.

لذلك لا داعي للهلع على الإطلاق، فان نتائج محادثات فيينا في جولتها الثامنة لا بد أن تنتهي وتخبرنا بما هو آت على المنطقة ولبنان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها