الجمعة 2021/09/17

آخر تحديث: 11:13 (بيروت)

إنها الكهرباء يا عزيزي..

الجمعة 2021/09/17
إنها الكهرباء يا عزيزي..
أنفقت الدولة اللبنانية في 15 سنة الأخيرة على قطاع الكهرباء نحو 50 مليار دولار (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease

الكلام الذي أعلنه الرئيس نجيب ميقاتي بأنه أعاد التواصل مع دولة الكويت للبحث في إمكانية إعادة تحريك واسترجاع القرض الكويتي، لإصلاح واستنهاض قطاع الكهرباء هو الخطوة الثانية الإيجابية التي نجح في إطلاقها بعد إعلانه تشكيل الحكومة.

وفي حال نجح لبنان في استعادة القرض الكويتي لإصلاح قطاع الكهرباء، يكون بذلك قد نجح بشكل قوي جداً في الإعلان عن أنه على الطريق ليعود دولة طبيعية، تحوز القليل من الثقة بها من العالم والعرب، وأنها باتت على طريق التعافي الفعلي.

فالكويت ومنذ عشر سنوات كانت قد أعلنت عن نيتها منح لبنان قروضاً ميسرة بفوائد منخفضة جداً، عن طريق الصندوق الكويتي للتنمية، لإعادة بناء وإصلاح قطاع الكهرباء، بما فيها بناء معامل إنتاج جديدة. لكن لبنان، وبسبب موقف وزير الطاقة الدائم منذ 2009، صهر العهد، جبران باسيل، خسر فرصة الإقراض هذه. وفي الوقت نفسه، خسر فرصة إصلاح قطاع الكهرباء، وأوقع نفسه في أزمة وعجز تظهر فصولها في هذه الأيام السوداء التي يعيشها الشعب اللبناني.

أنفقت الدولة اللبنانية في 15 سنة الأخيرة على قطاع الكهرباء نحو 50 مليار دولار، أي ما يوازي نصف الدين العام. وفي الوقت عينه، لم تصل إلى تقديم خدمة طبيعية للمواطن، الذي يتلوى هذه الأيام في مواجهة أزمة مهينة ومذلة وموجعة، وفي ظل عتمة قاسية وعجز متفاقم ومتصاعد.

كانت حجة جبران باسيل يومها لعدم اعتماد القرض الكويتي أن الآلية المعتمدة لإقرار القروض وصرفها من الصناديق العربية بطيئة، وتحتاج لوقت سيتسبب بتأخير إنجاز وتنفيذ خطته! ولهذه الأسباب مارس ضغوطاً مع من يسانده من أقرباء وحلفاء، لكي يكون تمويل خطته عبر الاقتراض من السوق، ولو بفوائد مرتفعة وصلت إلى 7% وآجال قصيرة للسداد، على العكس مما كانت تتيحه القروض العربية الميسرة المنخفضة الفوائد 3% والطويلة الآجال.

النتيجة التي وصل إليها لبنان بفعل هذا الخيار، إضافة إلى اعتماد خيار البواخر التركية، ذات السمسرات والعمولات المرتفعة، هي عتمة شبه شاملة وديون متراكمة وأزمة لم يشهدها أي بلد قبل الآن، وضياع فرص التمويل والاقتراض من الكويت التي كانت متاحة بسهولة ويسر.

السؤال، هل ينجح الرئيس ميقاتي -الذي أعلن أن حكومته لا تحتوي على أي ثلث معطل ظاهر أو مستتر لأي طرف- في استرجاع التمويل الكويتي والعربي؟ ووضع قطاع الكهرباء على السكة الطبيعية للحياة.

أمام هذه الأهداف صعوبات ومطبات كثيرة، وتحقيقها من الأهداف الصعبة.

أولها: إن الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، لم تعد تميل لمساعدة لبنان الذي يشارك حزب الله في حكومته، وفي الوقت نفسه في حروب وأزمات عربية وفي مقدمها حرب اليمن.  

ثانيها: إن اقتصاد دولة الكويت ودول الخليج لم يعد يعيش الوفرة السابقة في ظل الأزمة الاقتصادية التي ولدتها جائحة كورونا.

ثالثها: إن أصواتاً سياسية وإعلامية واجتماعية كويتية، ذهبت تقول مؤخراً نحن أولى بالمعروف. وربما تتصاعد هذه الأصوات بفعل استمرار حرب اليمن وأزمات المنطقة.

المؤكد، أن الحكومة التي اسميت "معاً للإنقاذ" تنتظرها مهام كثيرة، أولها جمع الحطام الذي بات في قلب جهنم، في حوار شاق مع الدائنين من صندوق النقد الدولي إلى أصغر متبرع كريم يشفق على حالنا.

أن يبادر الرئيس ميقاتي إلى مباحثات عربية لاسترجاع القروض أو الوعد بها، ستخاض مفاوضات شاقة بدأت من الأمس لضمان معمل إنتاج كهربائي غب الطلب قريب من البترون وأهلها في سلعاتا، حاجة الخدمات الانتخابية.

ولا ضير بأكثر من معمل لتغويز الغاز حاجة التنفيعات والتوظيفات مع أن حاجة لبنان معمل واحد لا أكثر.

والخوف أن يستعاد الصراع القديم على خطط الكهرباء والسدود الفارغة، وتطبيق القانون الذي رفض باسيل تطبيقه، وتعيين الهيئة الناظمة التي عطل قيامها لكي تكون وزارة الطاقة والوزير في حرية حركة، ومن دون رقيب أو حسيب.

وبالمناسبة، لن يكون سهلاً القفز فوق السعي لتنفيذ بعض الإجراءات الانتقامية من بعض كبار الموظفين الذين قد يُرشحون أو يترشحون لمنصب الرئاسة الأولى.  

أمام الحكومة الجديدة الكثير من المهام التي ننتظرها، من الحصول على صفيحة بنزين بأموالنا من دون بهدلة وحرق أعصاب، إلى الظفر بعلبة بانادول أو إسبرين أطفال بيسر.

لكن، كل ذلك ليس في أولوية إعادة إطلاق ورشة تحسين الكهرباء انطلاقاً من الكويت، لأن الكهرباء هي الأساس يا عزيزي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها