الأربعاء 2021/08/25

آخر تحديث: 16:03 (بيروت)

المعلوف وضاهر.. وخروج زحلة على "القوات" والعونية

الأربعاء 2021/08/25
المعلوف وضاهر.. وخروج زحلة على "القوات" والعونية
خسرت زحلة كتلتها المستقلة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease
على رغم الضجة التي أثارها النائب سيزار المعلوف بمواقفه المتمايزة عن القوات اللبنانية، وفجرت الخلاف بينهما على خلفية بواخر النفط الإيرانية والترحيب بها من قبله، لم يتسبب الأمر بصدمة كبيرة في صفوف قواتيي زحلة. فلا فرق في أوساط كوادر قوات زحلة التنظيمية بين أن يبقى المعلوف من تكتل الجمهورية القوية أو يخرج منه. فالمعلوف لم يحتسب صوتاً نيابياً مضمونا لتكتله النيابي، حتى قبل أن يوصله حاصل لائحته المدعومة من القوات إلى الندوة البرلمانية. ومواقفه التي سبقت الانتخابات وتلتها، جعلته –برأيهم- أقرب إلى "خط الممانعة" منه إلى خط القوات وحلفائها. وعليه، فالضجة التي أثارها حول بواخر النفط الإيراني، ومواقفه ضد السفيرة الأميركية، لا تكشف سوى مزيد من تموضعه السابق، وتناغمه تارة مع رئيسة الكتلة الشعبية ميريم سكاف، وطوراً مع محور الممانعة المتحالف مع رئيس الجمهورية.

وفي الأساس لا يمكن لسيزار المعلوف أن يدين للقوات اللبنانية بفوزه. فالقوات جردته من أصواتها التفضيلية، واستفادت من الحاصل الإضافي الذي وفره بأمواله الإنتخابية. وحتى لو تفلتت بعض أصوات القواتيين لمصلحته، فلا يمكن القول إنه خرج من قاعدتهم.

ضاهر والمعلوف
ولكن المعلوف ليس الأول الذي ينشق عن تكتله في زحلة. فقد سبقه النائب ميشال ضاهر بانفصاله عن تكتل "لبنان القوي" العوني. ومع أن المعلوف لم يكن بوضوح نائب زحلة الكاثوليكي، في إعلانه الانسحاب من تكتله، فهما لم يتشابها فقط في أن يرسي كل منهما "استقلاله" عن التكتل اللذي تحالف معه، وإنما يتشابهان أيضاً في معادلة نتيجة تنافس حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر على مقاعد زحلة السبعة. فباتت النتيجة حالياً واحد بواحد.

وكان ضاهر قد سبق المعلوف في الاستقالة من التكتل، بعد انفجار 4 آب 2020، "أمام الكارثة الإنسانية وانسجاماً مع قناعتي ومواقفي السابقة" كما قال حينها. أما المعلوف فلم يتسنَ له النطق بكلمة الطلاق، ولو أنه عناه في تبريره موقفه من الباخرة الإيرانية، واضعاً الكرة في ملعب القوات اللبنانية لفصله من التكتل "من دون أن تفعل ذلك رسمياً حتى الآن".

المكتوب إذاً يقرأ من عنوانه: فلا ضاهر كان يوماً مع العونيين، ولا المعلوف كان مع القوات. وكلاهما أُلزم بـ"مرّ" تحالفاته، نتيجة قانون انتخابي حصر الترشيحات باللوائح، ولم يسمح بوصول لائحة متجانسة واحدة إلى البرلمان، فخسرت زحلة "صوتها الموحد".

نواب أحزاب الطوائف
وصبت أصوات القوات اللبنانية التفضيلية للنائب الكاثوليكي جورج عقيص حصراً في الانتخابات الماضية، وصار مديناً لها بكرسيه، بعد نيله ثاني أكبر عدد من الأصوات التفضيلية. بينما حل أنور جمعة أولاً بحصوله على معظم أصوات الثنائي الشيعي التفضيلية. ومثلما هي حال النائب العوني الملتزم سليم عون -حل خامساً بأصوات تياره التفضيلية، مستفيداً من مساهمة النائب ميشال ضاهر الذي حل ثالثاً بأصواته التفضيلية- في رفع حاصل لائحته لضمان فوزه. علما أن أرقام ميشال ضاهر جاءت أعلى من عون الذي أعطاه العونيون أصواتهم، فحصل على 9742 صوتاً مقابل 5567 صوتاً لسليم عون.

وهكذا صار نائب زحلة الشيعي من حصة حزب الله، والنائب الكاثوليكي من حصة القوات، والماروني من حصة التيار العوني، والنائب السني من حصة تيار المستقبل. فيما لم يزد نائبها الأرمني صوتاً واحداً على أصواته الـ77 التي أوصلته إلى البرلمان، تحت مظلة "القانون الانتخابي الفطحل"، ولم يفز من النيابة إلا براتبها، مختفياً تماماً عن الساحة السياسية، حتى نسي الزحليون من يكون النائب الأرمني في المدينة. وكأنه "توفي" -لا سمح الله- مع صانع نيابته بيار فتوش.

"وجع رأس" كتلتين
أما النائبين "المستقلين" في لوائحهما، ميشال ضاهر وسيزار المعلوف، فباتا خارج التكتلين اللذين ساهما برفع حاصلهما. ويتزامن خروجهما على أبواب انتخابات نيابية، قد يجد فيها كل منهما حاجة لإعادة التموضع، بما يتلاءم مع القناعات التي عبرا عنها بأكثر من مناسبة، ولا سيما النائب سيزار المعلوف، الذي لن يكون صعباً عليه أن يفوز مجدداً بجمهور حزب الله ومحور والممانعة، هو الذي ظهر تكراراً من حصة الرئيس نبيه برّي، بعدما خالف تكتله وسماه رئيساً لمجلس النواب، خلافاً لإجماع أعضاء تكتله.

في تحالفاتهما السابقة كان النائب ميشال ضاهر "وجع رأس" لتكتله، بطروحاته الاقتصادية المخالفة لتكتله. وهذه حال النائب سيزار المعلوف الذي لم يتوان عن تفجير الخلافات مع تكتله في العلن.

ومن حق النائبين الرجلين أن يكونا متمايزين عن تكتلهما، طالما أنهما لا يدينان للحزبين اللذين تحالفا معهما انتخابياً بأي من اصواتهما التفضيلية. لا بل على العكس، جرت محاولات لحجب هذه الأصوات عنهما.

لكن اللافت أن المعلوف لم يلجأ لكسر الجرة مع تكتله، إلا متى شعر أن احتمال تحالفه مجدداً مع القوات اللبنانية باتت شبه معدوم. وخصوصاً مع بدء الحديث عن تسمية مرشح أرثوذكسي آخر في مدينة زحلة. وبدأ القوات اللبنانية في زحلة بتسويق ترشيح مدير عام شركة كهرباء زحلة أسعد نكد.

وكان أسعد نكد قد تفوق على سيزار المعلوف بأصواته التفضيلية التي بلغت 4138 صوتاً، لكن لائحة "العونيين" التي حجبت عنه الأصوات لصالح حصتها من المقاعد، جعلت المقعد يؤول إلى المعلوف مع أنه نال 3554 صوتاً. 

أول الأصوات المواجهة لترشيح نكد المحتمل حالياً، في اللائحة المواجهة للتيار العوني، كان من مكتب المعلوف، على خلفية ملف الكهرباء المتأزم بالمدينة. وليستدرج المعلوف الطلاق النهائي من خلال مواقفه من الباخرة الإيرانية، انفصل عن القوات قبل أن تفصله.  

أين تقف زحلة من هذه التموضعات؟
لا شك في أن زحلة خسرت كتلتها المستقلة، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتمدد الأحزاب في المناطق. فمن أصل 7 نواب يمكن أن يشكلوا في حال توافقهم بيضة القبان التي تميل دفة النقاشات لصالح هذا الطرف أو ذلك، صارت حصة القضاء حاليا صفر نائب.

وعليه فإن خروج المعلوف وضاهر من هذه التموضعات، يطرح السؤال: هل لذلك ارتباط باجتماعات ونقاشات تدور لاستعادة زحلة نوابها، أقله في لائحة تشكل محلياً، لا تخاصم الأحزاب، لكنها لا تنصهر فيها. وفي الوقت نفسه تكون قادرة على كسب الصوت الصامت في المدينة التي تملك قدرة على تدوير الزوايا وعلى الظهور كسند مادي لبيئتها.

تفتقد زحلة لمثل هذا الصوت الجامع المدوي خلال الأزمات المتكررة التي يمر بها لبنان. وآخرها أزمة البنزين والفوضى والذل العارمين على أبواب المحطات. فنواب المدينة الحاليون عاجزون عن عقد اجتماع ولو افتراضي واحد، للخروج بموقف موحد يطالب بوضع حد لهذه الفوضى المهددة بالانفجار اقتتالاً مذهبياً ومناطقياً.

شخصيات محلية مستقلة
وانطلاقا من هذا العجز تُفهم محاولات إلقاء اللوم على بلدية زحلة. وهي، على رغم "انفصال" مكوناتها السياسية عمودياً، من القوات اللبنانية إلى التيار العوني والكتائب والمستقلين، لا تزال تحافظ على وحدة صفها محلياً، لتأمين خروجها بقرارات توافقية. لكنها لا تملك فعلياً (البلدية) إمكانات استعانتها بدور الدولة وأجهزتها، ولا غطاءً سياسياً موحداً يسمح باستدراج الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى مساندة البلدية، أقله في محاولتها تنظيم الفوضى المستفحلة على أبواب محطات الوقود.

وعليه، فإن زحلة تبدو اليوم شديدة الحاجة إلى تجانس نيابي، واستعادة صوتها في الدوائر المركزية، حتى لو كان قوام التجانس يقتصر على "كتلة زحلية" تعتمد على "السيرة الفردية" للشخصيات التي تؤلفها. وهذا قد يلغي الامتيازات التي نعمت بها الأحزاب، من خلال دعم شخصيات مستقلة تتعاطى الشأن العام، ولها حيثياتها الانتخابية، وتوظيف قدرات هذه الشخصيات وإراداتها، لمصلحة زحلة، بدلاً من تبديدها على طاولات الأحزاب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها