الإثنين 2021/07/19

آخر تحديث: 13:22 (بيروت)

هآرتس: سرّ الهدوء المديد على الحدود مع لبنان

الإثنين 2021/07/19
هآرتس: سرّ الهدوء المديد على الحدود مع لبنان
أي حرب مع لبنان ستحتم اجتياحاً برّياً (Getty)
increase حجم الخط decrease

أحيت إسرائيل الذكرى الخامسة عشرة لحرب تموز 2006 يوم الإثنين الماضي بهدوء نسبي. وكما جرت العادة، أُقيمت مراسم الذكرى السنوية لقتلى الحرب من الجنود، لكن بحضور إعلامي خجول هذا العام. وعقد الجيش الإسرائيلي إحاطة للصحافيين، كما يفعل كل عام تقريباً، حول الدروس المستفادة من الحرب، في وقتٍ يمر فيه لبنان بحالة هرج ومرج جعلت فيه الحياة بالكاد تُطاق.

احتمالات التصعيد
ورغم تركيز الإعلام الإسرائيلي المكثف في الآونة الأخيرة على الأزمة اللبنانية الخانقة، تطرق المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عاموس هرئيل، إلى الدروس المستفادة من حرب تموز، وانعكاسات الأزمة الراهنة في لبنان واحتمالات أن تتمخض عنها جولات عنفٍ على الحدود الشمالية.

وكشف هرئيل في تقريره، بأن مسؤولي الدفاع الإسرائيليين، يعتبرون الأزمة اللبنانية عاملاً مقيداً فيما يتعلق باحتمال وقوع صدام عسكري آخر، لأن أجندة الأطراف اللبنانية بمن فيهم حزب الله هي تقريباً محصورة بالشقيّن المدني والاقتصادي. وفي هذه المرحلة، يرى رجال المخابرات الإسرائيليين أن خطر بزوغ رغبة عند الحزب في الهروب من الأزمة عن طريق الاحتكاك مع إسرائيل يبدو منخفضاً جداً.

غايات إيران من التهدئة
وشدّد هرئيل على أن الهدوء النسبي على الحدود الشمالية منذ حرب عام 2006، والذي ربما يكون أطول فترة هدوء مع لبنان منذ سبعينيات القرن الماضي، لا يعكس بالضرورة نجاح حرب تموز بتحقيق التهدئة المنشودة. إذ يعزو المحلل العسكري السبب الرئيس للتهدئة بأولويات إيران، التي كمنت رغبتها في فترة معينة بالحفاظ على قوة حزب الله لتوجيه ضربة مضادة إذا ما هاجمت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية. ثم في مرحلة لاحقة بعد ذلك، استفادت من التهدئة لإرسال مقاتلي الحزب من لبنان لإنقاذ نظام الأسد في الحرب الأهلية السورية.

كما يذّكر هرئيل بأن لدى الإسرائيليين مصلحة أيضاً في التهدئة، تتمثل بالردع متبادل. ومثلما يخشى حزب الله من الدمار الذي يمكن أن يلحقه الجيش الإسرائيلي بلبنان، تُردع إسرائيل بقوة نيران حزب الله والأضرار التي قد يُلحقها بمناطق مدنية في وسط البلاد.

حتمية الاجتياح البري
المحادثات التي أجراها هرئيل مع قادة فرق عسكرية شاركت في حرب تموز، أفضت إلى استنتاجين أساسيين، فأولاً، هم يعتقدون أن الجيش كان يعمل في تلك الحرب بطريقة فوضوية أكثر مما كان يُعتقد سابقاً. وثانياً، يرون أن الاستعدادات قبل حرب محتملة في لبنان أو غزة في المستقبل يجب أن تستند إلى تصحيح أخطاء عام 2006. وتبرز الدروس المستقاة في عدد من المجالات، وهي كالآتي: تلميع الخطط التنفيذية، وتبسيط إنتاج واستخدام المعلومات الاستخبارية، وتحسين عمل مراكز القيادة.

ويلفت هرئيل أنه رغم قرار هيئة الأركان العامة بعدم استخدام سلاح المشاة والمدرعات في حرب غزة الأخيرة، الذي كان منطقياً ويعكس تجنب إسرائيل الانجرار إلى حرب طويلة أو إسقاط نظام حماس. إلّا أن الرأي السائد في الجيش الإسرائيلي فحواه أن المشهد سيكون مختلفاً في لبنان، لأنه لا يوجد بديل عن هذه الخطوة. وببساطة، ستولد قوة النيران التي يتم إطلاقها من الشمال على المدنيين الإسرائيليين ضغطاً كبيراً على الحكومة أيما كانت تركيبتها، لإرسال الجيش إلى جنوب لبنان في مناورة واسعة وعدوانية.

هل تتبدل التكتيكات العسكرية في الحرب المقبلة؟
مع ذلك، بقيت بعض الأسئلة على حالها من دون إجابات وافية منذ حرب 2006، ومنها: هل يخاطر السياسيون في تل أبيب بخطوة من هذا القبيل، تنطوي على خسائر عسكرية كبيرة؟ وهل ستبدي القيادة العليا ثقة كافية للسياسيين بقدرة الوحدات البرية على إنجاز المهمة؟

يحاول هرئيل استذكار ما جرى في حرب تموز، حين تم استخدام القوات البرية على نطاق ضيق ومتأخر. ولمدة شهر تقريباً، انحصر عمل ألوية المشاة والمدرعات في مداخل ومخارج عند شريط ضيق شمال السياج الحدودي. وفي الستين ساعة التي سبقت الإعلان عن توقف الأعمال العسكرية، أرسلت حكومة إيهود أولمرت الوحدات إلى الأمام، في خطوة غير ضرورية ويائسة وفاشلة. كما ظهرت حينها بوادر عدم محاولة اللجوء إلى أي مناورة أوسع.

وشمل جزء من التحرك حينذاك إنزال قوات من فرقة النخبة 98 بطائرة هليكوبتر في القطاع الغربي من جنوب لبنان. وتوقفت هذه العملية في الليلة الثانية بعد أن أسقط حزب الله مروحية من طراز "يسعور" ما أدى إلى مقتل خمسة جنود فيها. وعلى مر السنين التي تلت ذلك، واصل الجيش الإسرائيلي عمليات الهبوط بالمظلات للقوات البرية في مؤخرة صفوف العدو، وهي خطوة تُعرف في المصطلحات العسكرية باسم "التطويق العَموديَّ".

وختم هرئيل بالإشارة أن وفداً عسكرياً إسرائيلياً سيشارك هذا الأسبوع في إحياء ذكرى هانا سزينيس ورفاقها المظليين (متطوعة يهودية شاركت في القتال ضد النازيين وتم إعدمها بعد أَسرِها)، عبر القفز بالمظلات في المكان نفسه الذي هبطت فيه هي ومقاتلون يهود آخرون في سلوفينيا خلال قتالهم في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية. وقد أثار هذا العرض انتقادات كبيرة، داخل وخارج الجيش الإسرائيلي. إذ قال المتشائمون في هيئة الأركان العامة هذا الأسبوع إن هذا يُعد مؤشراً على اتباع الجيش التكتيكات العسكرية نفسها في السنوات المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها