الجمعة 2021/07/16

آخر تحديث: 18:52 (بيروت)

جبل محسن ليس بعيداً عن طرابلس: الاحتجاج بالدم

الجمعة 2021/07/16
جبل محسن ليس بعيداً عن طرابلس: الاحتجاج بالدم
تعيش معظم مناطق طرابلس والشمال حالة من الاحتقان الشديد (Getty)
increase حجم الخط decrease

بعد يومٍ على اعتذار الرئيس سعد الحريري عن مهمته لتشكيل الحكومة، عاد التوتر الأمني إلى طرابلس، وعنوانه الغضب من الوضع المعيشي، وليس اعتراضًا أو دفاعًا عن الحريري، الذي لم يتفاعل الشمال معه هذه المرة، خلافًا لسنوات رحلته بالتكليف والتأليف أو الاعتذار.  

في جبل محسن، اندلعت ظهر الجمعة 16 تموز، مواجهات بين عشرات المحتجين وعناصر من الجيش اللبناني، أسفرت على جرح نحو 4 مدنيين أحدهم بحالة حرجة، وكذلك أصيب بشظايا مصور صحافي جرى نقله إلى المستشفى، إلى جانب إصابة 10 عسكريين بجروح، بعد تعرضهم للرشق بالحجارة، وفق ما صدر عن قيادة الجيش.  

الكهرباء وأمور أخرى
هذه المواجهة التي حولت الجبل لبعض الوقت ساحةً للتوتر والكر والفر، كانت خلفيته تحرك عفوي انضم إليه تباعًا العشرات من أهالي الجبل، وفق ما يروي أحد شهود العيان لـ"المدن".  وعند الثانية عشر ظهرًا، توافد إلى ساحة الجبل مجموعات من أهله، احتجاجاً على انقطاع الكهرباء من المولدات الخاصة، التي تتذرع بفقدان مادة المازوت.  

والجبل الذي يضم حوالى 5 مولدات خاص، توجه المحتجون نحو صاحب أكبر مولد، وهو علي القاضي، فوقع تلاسن معه وطالبوه بتخفيف التقنين، لأن معاناتهم تتفاقم بسبب انقطاع الكهرباء.  

وبعد أن تطور التلاسن بينهم، تدخل الجيش لتفريق المحتجين، فعمدوا إلى قطع سكة الشمال في جبل محسن، ورددوا الشعارات المنددة بتدهور الوضع المعيشي وانفلات سعر صرف الدولار بالسوق السوداء، ما ضاعف مأساتهم وصاروا عاجزين عن توفير الحاجات الأساسية، من غذاء وداوء ومحروقات ومختلف الضروريات.  

وعندما حاولت قوة من الجيش إعادة فتح الطريق، وقع تدافع بينها وبين المحتجين، الذين رشقوا العناصر بالحجارة، ثم أطلق العناصر الرصاص في الهواء لإبعادهم، ما أدى لتمدد رقعة الإشكالات التي سقط ضحيتها الجرحى المدنيين والعسكريين، وجرى إلقاء قنبلة صوتية، إلى أن أحكم الجيش السيطرة على الأرض. 

باب التبانة يتضامن
ولاحقًا، وصلت تعزيزات عسكرية عبر ملالات الجيش إلى جبل محسن، بينما استمرت مجموعة من المحتجين باعتصامهم في الساحة، وتضامن معهم أهالي باب التبانة بقطع طريق شارع سوريا الفاصل بينهما، كذلك قطعت مجموعة من شبان البداوي الطريق تضامنًا مع الجبل، كما ندد كثيرون باستخدام القوة لقمع المحتجين.  

وخلال الإشكال، حاول رئيس مجلس الإسلامي العلوي محمد عصفور تهدئة الوضع ميدانيًا، كذلك فعلت بعض فاعليات المنطقة وناشطيها، تداركًا للتدهور الأمني بمواجهات مع الجيش.  

ويقول أحد الناشطين في الجبل لـ"المدن"، أن الوضع المعيشي الذي يتشارك به أهالي جبل محسن مع مختلف المناطق المهمشة في طرابلس، هو ما دفعهم للتحرك، خصوصاً أن معظم أبناء المنطقة من المياومين، أو يعملون بالمؤسسة العسكرية، وبالتالي خسرت مداخيلهم الزهيدة كامل قيمتها. 

المطالبة بتحقيق
وفي السياق عينه، يقول معاون أمين عام الحزب العربي الديمقراطي، علي فضة، أن ما حصل في جبل محسن هو مجرد صدى لسوء الأوضاع المعيشية، خصوصاً أن المنطقة مع مختلف ما يسمى بالعشوائيات في طرابلس، تعيش منذ أيام بلا كهرباء، ولا تأتي إلا لساعات قليلة متقطعة.  

وطالب فضة، في حديث لـ"المدن"، أن تفتح قيادة الجيش تحقيقًا شفافًا جراء إقدام بعض العناصر بإطلاق النار، ومن ثم الغاز المسيل للدموع، ما تسبب بالتوتر الأمني، فيما الناس نزلت للمطالبة بأبسط حقوقها، مؤكدًا على حرص الجبل عدم الانجرار لأي مخطط أمني مهما اشتدت الأوضاع، حفاظا على السلم الأهلي.  

وتعقيبًا على الأحداث، شدد النائب (عن جبل محسن) علي درويش على "أحقية التعبير السلمي"، ودعا أهالي جبل محسن إلى عدم الاحتكاك مع الجيش، مشيرًا أن أبناء المنطقة "لن يسمحوا بتظهيرهم وكأنهم بمواجهة مع الجيش تحت أي مسمى".  

في هذا الوقت، تعيش معظم مناطق طرابلس والشمال حالة من الاحتقان الشديد. وهو ما تجلى بالأسواق، حيث أغلقت معظم المحال أبوابها، بعد أن قفز سعر صرف الدولار إلى سقف الـ23 ألفاً، وهو ما فاقم حالة الفوضى والضياع والخوف من التوترات في الشارع على مسافة أيام من عيد الأضحى.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها