الخميس 2021/07/15

آخر تحديث: 15:06 (بيروت)

سعد الحريري المضجِر

الخميس 2021/07/15
سعد الحريري المضجِر
لن يصنع الحداد سيفاً من خشبة متفسخة (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease

سقط سعد الحريري بقوة الميليشيات بأيار عام 2008، ثم سقط بقوة التبعية بكانون الأول عام 2009 لحظة معانقته للقاتل بشار الأسد، وسقط مرة جديدة في كانون الأول 2011 بقوة انقلاب الثلث المعطل، وبعدها أُسقط بالقوة أيضاً في الرياض عام 2017.. وأخيراً سقط بقوة الشارع في تشرين الأول 2019.

شكّل حكومته أو لم يشكّلها فهو سقط مجدداً اليوم في تموز 2021. هذه المرة، بقوة الخواء والتفاهة اللذين طبعا السياسة اللبنانية على امتداد العقد الأخير، على الأقل. فلا هو فعلاً قادر على تأليف فريقه الحكومي الذي يشتهيه، ولا هو قادر على الخروج من لعبة المغلوب على أمره. لقد تحول إلى سياسي عاجز عن الحكم وفاقد لشرعية المعارضة في آن معاً.

ولذا، السقوط المتكرر بات إدماناً أو هو امتياز لسيرته السياسية.

لم يعد بمقدور سعد الحريري أن يمثل حقاً نقيض "العهد" ولا هو ذاك الذي يعارض "الممانعة" وحزبها. بقاؤه على قيد الحياة، سياسةً أو حتى شخصاً، مناط ببقائه هكذا مكلفاً بإدارة الخواء، تحت "العهد" وبرفقة "الممانعة".

أما تلك الورقة التي تضم "تشكيلة" حقائب وأسماء، واللعب فيها طوال تسعة أشهر بين ميشال عون وجبران باسيل ونبيه برّي وسعد الحريري، فهي ليست حكومة ولا مجلس وزراء. بأحسن الأحوال هي وصفة استنساخ شربل وهبة (الفضيحة) أو يوسف فينيانوس (العقوبات) أو محمد شقير (الانهيار) أو علي حسن خليل (الإفلاس) أو جبران باسيل (التعطيل).

وعلى الأرجح، في هذه الحال، سيكون الحريري أكثر شبهاً بحسان دياب، فيما ميشال عون سيصبح أشدّ شبهاً بميشال عون نفسه قبل يوم واحد من 13 تشرين الأول 1990.

لا بديل عن سعد الحريري لأن "السقوط" والمداومة على السقوط هو الخيار الوحيد المتاح في النظام السياسي اللبناني الراهن. وليست مزحة تلك "ضريبة الواتساب" الشهيرة ليلة 17 تشرين 2019، بوصفها القرار الأهم والأخير الذي استطاعت اتخاذه سلطة الخواء والتفاهة.

كان هذا هو التتويج الاستراتيجي للمسار المبتدئ بعد "الفتوى" غير المعلنة باغتيال رفيق الحريري عام 2005، وابتداء الهدم للكيان اللبناني ونظامه ووجوده السياسي والاقتصادي والثقافي.

لا حكومة.. مهما كانت نتيجة هذا اليوم الحاسم، تأليفاً أو اعتذاراً. إذ لن تصنع النحلة عسلاً من وردة ميتة، ولن يصنع الحداد سيفاً من خشبة متفسخة، ولن يقوم اليعازر من دون معجزة المسيح. ثم أن لا سعد الحريري أوتو فون بسمارك موحد ألمانيا، ولا ميشال عون شارل ديغول محرر فرنسا.

اليوم سقط مجدداً سعد الحريري.. مثلما سقط ميشال عون لحظة انتخابه رئيساً للجمهورية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها