السبت 2021/07/10

آخر تحديث: 20:40 (بيروت)

"نادي القضاة" بهيئة جديدة: هل يقود معركة إسقاط الحصانات؟

السبت 2021/07/10
"نادي القضاة" بهيئة جديدة: هل يقود معركة إسقاط الحصانات؟
المعركة الفعلية يجب أن تخاض في سبيل تعديل القانون لإلغاء مبدأ الحصانات (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
بعد 3 سنوات على تأسيسه في العام 2018، استطاع "نادي قضاة" لبنان كسر نمطية العمل القضائي. فشكل بقعة ضوء وسط حال انعدام ثقة اللبنانيين باستقلال السلطة القضائية وشفافيتها. ولعل حجم الضغوط السياسية والأمنية في ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، شكل دليلًا دامغًا، وفق كثيرين، على حال الحصار التي يمارسها أركان السلطة على القضاء والقضاة.  

ومع ذلك استمر النادي وحيدًا يغرّد خارج سرب التدخلات السياسية في الجسم القضائي، عبر طروحات ومواقف ورؤى، جعلت منه علامة فارقة، وإن كان وقعها العملي على الأرض ما زال محدودًا. لكنه شكل رافعة كبيرة في معركة المطالبة باستقلال القضاء، رغم كل المعارك التي جوبه بها، وتحديدًا من مجلس القضاء الأعلى، الذي حاول مرارًا انكار شرعية النادي.  

هيئة جديدة  
بهدف انتخاب هيئة إدارية جديدة لولاية تمتد 3 سنوات، حتى 2024، اجتمعت الجمعية العمومية لنادي قضاة لبنان، السبت 10 تموز، سندًا لنظامها الداخلي، وفاز كل من القضاة، وهم ثمانية أعضاء مع الرئيس: فيصل مكي رئيساً، والأعضاء مريانا عناني وجوزف تامر وفاطمة ماجد وطارق بو نصار ونور الدين صادق (عن القضاء العدلي)، و بولا هيكل (عن القضاء المالي) ونادين رزق (عن القضاء الإداري). 

ويشكل انتخاب الهيئة الجديدة انتصارًا للفكرة الأساسية التي قام عليها النادي: تكريس نفسه هيئة قانونية ومعنوية تعزز استقلال الجسم القضائي، واستئناف مسار تحقيق الأهداف التي وضعها أمامه منذ تأسيسه، وأبرزها إعلاء شأن السلطة القضائية، وحماية حق القضاة في إبداء الرأي والتعبير بما لا يتعارض مع القوانين، وتعزيز العمل القضائي وتطويره وحماية مكتسباته المادية والمعنوية.  

ونادي القضاة الذي يضم نحو مئة قاضٍ من أصل نحو 555 قاضٍ في لبنان، ثبّت بالانتخابات الجديدة - رغم تأثرهم ماديًا ومعنويًا بتداعيات الانهيار الكبير الذي يعصف البلاد - قدرة القضاة على خوض انتخابات ديمقراطية، بما يعبّر عن أنفسهم وينسجم مع مبادئهم، ويتنافى مع انتزاع هذا الحق عبر إخضاع مجلس القضاء الأعلى للتعيينات، بدل انتخاب أعضائه من القضاة أنفسهم.  

معركة الحصانات 
وللتذكير، فإن المطالبة برفع الحصانات عن المسؤولين، كانت من أبرز الشعارات التي رفعها النادي، وسجل حولها مواقف متقدمة، استنادًا إلى المادة 60 من قانون أصول المحاكمات، والتي تمنح قاضي التحقيق والمحقق العدلي، صلاحية تحريك الدعوى العامة بحقّ كل من يشتبه به، من دون حاجة لادعاء النيابة العامة التمييزية.  

وعقب انفجار المرفأ، اعتبر النادي في بيان له، أن قتل المواطنين العزل (القصد الاحتمالي) أو التسبب بقتلهم، لا يمكن أن يدخل بأي شكل من الأشكال ضمن نطاق الأعمال الوظيفية للمسؤولين. وبالتالي يمكن ملاحقتهم والتحقيق معهم كحالة الجرائم العادية. 

وهذا الأمر، يأخذنا إلى غضب اللبنانيين عمومًا وأهالي ضحايا انفجار المرفأ على وجه التحديد، في ظل محاولات الالتفاف على تحقيقات المحقق العدلي طارق البيطار، بهدف طمس بعض الحقائق وتمييعها بذريعة الحصانات.  

وفيما رفض وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي إعطاء الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، يخشى كثيرون من مضي مجلس النواب في الاتجاه نفسه، ما يؤدي إلى عدم رفع الحصانة عن النواب الوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق. 

أزمة القانون  
في الشكل، اتخذ فهمي قرارًا مشروعًا برفض ملاحقة اللواء ابراهيم، كذلك قد يفعل البرلمان، ما دام القانون أجاز لهم ذلك، وأعطاهم الحق بقبول رفع الحصانة أو رفضها. لكن ما يحدث، يحيل اللبنانيين إلى أزمة فعلية، وهي في القانون نفسه، الذي أعطى المراجع المختصة في الإدارات الرسمية هذا الترخيص، وفق رأي مصدر قضائي مطلع.  

ويعتبر المصدر القضائي، في حديث إلى "المدن"، أن المعركة الفعلية يجب أن تخاض في سبيل تعديل القانون لإلغاء مبدأ الحصانات، مذكرًا بأنه في حال رفضت الجهة الإدارية ملاحقة المدعى عليه، يمكن رفع الملف إلى مدعي عام التمييز، الذي يحق له اتخاذ موقف مخالف، وبالتالي إعطاء إذن الملاحقة.  

وأشار المصدر، إلى أن إلغاء الحصانات صار مسألة ملحة أكثر من أي وقت مضى، وقد أثبت تجارب هذين العامين، وما قبلهما، أن هذه الحصانات تكبل القضاء وتمنع الملاحقة والمحاسبة.  

وقال المصدر إن "إلغاء الحصانات يحقق حكما مبدأ المساواة بين المواطنين"، لا بل إن من "هو بموقع مسؤولية، يجب أن يكون معرضًا للمساءلة أكثر من المواطن العادي. وفكرة منحه الحصانة للتمكن من القيام بواجباته الوظيفية، أثبتت فشلها، لأنها تؤدي بالشخص الذي في الموقع الإداري، إلى أن يتلطى خلف الحصانة لمخالفة القانون وتجاوزه وارتكاب شتى أشكال الفساد".  

وفي كل مرة يريد القضاء أن يلاحق موظفاً من أصغر إلى أعلى منصب، يحتاج لإذن من إدارته. وقد يستغرق الحصول عليه شهورًا، وفق المصدر، وأحيانا "تتجاهله الإدارة، من دون الرد بالموافقة أو الرفض".  

وفي جريمة بمستوى انفجار المرفأ، وما تأخذه من أبعاد شعبية ومحلية وإقليمية، يعتبر المصدر أن القاضي البيطار لا خيار أمامه سوى المضي بالتحقيقات، حتى لو جوبه بعدم السماح في استجواب المشمولين بالحصانة، و"يبقى خيار التنحي مسألة شخصية تعود للقاضي".  

لجنة تحقيق 
وهنا، تقفز التساؤلات عن سبب عدم تشكيل لجنة تحقيق بدل ترك الملف على عاتق محقق عدلي فقط. وفيما جرى انتداب قضاة متدرجين لمعاونة قاضي التحقيق العدلي، يلفت المصدر إلى أن تشكيل لجنة غير ممكن، لأن القانون لا يسمح به، والأمر أيضا يحتاج لتعديل قانوني. فـ"قانون أصول المحاكمات الجزائية، حين يتحدث عن المجلس العدلي، يتحدث عن محقق عدلي لا عن لجنة تحقيق عدلية. وبالتالي لا امكانية لتعيين أكثر من قاضي تحقيق أو لجنة".  

غير أن جرائم بهذا القدر من الأهمية والحساسية، بحسب المصدر القضائي، تستدعي تعديل القانون، وتشكيل لجنة مؤلفة من 3 قضاة على الأقل لتقاسم المهمات. وهذا الأمر "لا يعني توسيع صلاحيات المحاكم الاستثنائية التي تحتاج تضييق صلاحياتها إلى حدودها الدنيا، لكنها تعكس مدى الحاجة إلى تعديل القوانين وخوض معركة إصلاحها كي لا تبقى ذريعة للتهرب من العدالة".  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها