الجمعة 2021/06/04

آخر تحديث: 11:17 (بيروت)

سعد وميشال.. في مسلسل "الشبق الممنوع"

الجمعة 2021/06/04
سعد وميشال.. في مسلسل "الشبق الممنوع"
علاقة مشحونة بالعواطف (Getty)
increase حجم الخط decrease

الحب، كما الشمس، لا يختفي بمجرد أن نغمض عيوننا عنه. وما بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري ليس خلافاً سياسياً. هذه علاقة مشحونة بالعواطف. قصة حب تصلح لأن تكون مسلسلاً لبنانياً ينقذ هذه الدراما البائسة ولو لمرة من رداءتها.
كل شخصيات الحبكة موجودة.

أولاً، الشخصيات الثانوية: كبار الضيعة.

- الخواجة نبيه برّي، رجل الخير الذي لا هم له إلا تقريب القلوب.

- البطريرك بشارة الراعي، يسهر على مصلحة الرعية، فعين على التاريخ وعين على المستقبل.

- السيد حسن نصر الله، وحيداً في الكهوف، يحمي الضيعة من الذئاب الكاسرة الغريبة، مترفعاً عن الصغائر، مثل قصص الحب وقيمة العملة الوطنية.

هؤلاء لا دور مباشراً لهم في الحوار. حتى أنهم لا يظهرون مع ممثلين آخرين. هم فقط يطلقون حِكماً بينما ينظرون من النافذة، متنهدين بحسرة على ما آلت إليه الأمور. هم فقط لإطلاق العبر. أبو ملحم.

ثانياً، الشخصيات الأساسية:

- وليد بيك جنبلاط، المرح المحبوب من الجميع، والذي يهوى إيقاع الناس بعضهم في بعض كي يتسلى ويسلي الآخرين، من جهة، وكي يحفظ له مساحة في المسلسل.
- سمير جعجع، العاشق المخدوع. لم يخرج من ماضيه القريب، وقد طعنه في قلبه بطلا المسلسل معاً، وقد أحبهما كلاهما وأخلص لهما. هاني شاكر في احتفال مستمر "بعيد جرحي أنا".

بطل المسلسل: جبران باسيل.

شخصية غامضة لعوب هي الأكثر إغناء للقصة. شخصية مركبة معقدة، لا يعرف المشاهد ما إذا كانت شريرة أو خيّرة، متواضعة أو متعجرفة، طامحة أو زاهدة. لكنها لا شك ستلعب على وتر التفريق بين العاشقين ودق الأسافين بينهما (لا بأس بالاستعانة بأدبيات المقالات السياسية في المسلسل). الخواجة جبران شفتاه دائماً في أذن عمه (عون هو عم جبران في المسلسل أيضاً، ويثق به جداً كما في القصة الواقعية). دور جبران هنا هو تعقيد المسائل عبر إيصال الحقائق مغلوطة إلى الرجل الذي يتقلب في فراشه في القصر، وقد جفاه مرقده، ففكرة عن الحريري تأخذه، وذكرى تعود به، فيصير فريسة سهلة لحبائل جبران، الذي له مطامع في معظم حقول المسلسل بالطبع، لكنها في سبيل خير المسلسل وديمومته. فجبران، كما بطل مسلسل لبناني سوري سابق، لا يطلب شيئاً لنفسه.

الكومبارس:

جيش من النواب والوزراء الحاليين والسابقين والضباط الكبار وأنصاف الزعماء، وأرباع أنصاف الزعماء، وأولاد الزعماء.. وفرنسي يلعب دور إيمانويل، الفرنسي المتلبنن، لا يحسد على طيبته وسذاجته التي تلامس حد البلاهة. يعطي نكهة غربية للمسلسل قد ترغب بها نتفليكس.

هؤلاء جميعاً يتقدمهم كبير الكومبارسيين حسان دياب. لا هو ولا أبطال المسلسل، ولا حتى الكاتب والمخرج، يعرفون ما هو دوره بالتحديد، لكنه موجود، ربما كتحية لنجم الشاشة الصغيرة قبل عقود، أكرم الأحمر.

أهل الضيعة:

لا وجود لهم. غير ملحوظين إلا في تجمعات هاتفة تلتقط الكاميرا صورتهم من بعيد ولا يصدر عنهم إلا ضوضاء غير مفهومة. خلفية لطيفة إذا صاحبتها موسيقى تصويرية جيدة.

الشخصيتان المحوريتان: ميشال وسعد.

في الحبكة، ولمزيد من التشويق بالطبع، المشاهد يعلم أن ميشال يحب سعد وسعد يحب ميشال. غارقان في الحب وشجونه، لكنهما يخجلان من المبادرة. في إحدى الحلقات، يرفض ميشال إعلان سعد انفصاله عنه، ويطير إليه لينقذه بنفسه من الخطف، ويحمله على ذراعيه الولهانتين ويعود به إلى القرية. لكن المسلسل لا ينتهي هنا. فسعد يقرر مرة ثانية أن يتركه. فيقرر ميشال أن يلقنه درساً، ويختار أكرم الأحمر بدلاً منه. لكن انفجاراً (لا يحتمل السياق التهكمي لهذه السطور) يدمر وجه بيروت، وكل الذين سبق ذكرهم يتبرأون منه، وقد يكون من الأفضل عدم التطرق إليه في المسلسل من الأصل.

ثم يقرر أكرم الأحمر ترك ميشال. ويبدأ التصعيد الدرامي. يعود سعد إلى ميشال ولا يعود. يتبادلان رسائل العتاب حيناً، والغضب والتقريع أحياناً. ويخرج سعد حاملاً رسالة مكتوبة بخط اليد، لا ينقصها إلا القلب والسهم وحرفي S وM. ويتدخل العقلاء، كبار الضيعة، فيطلقون حِكماً ومبادرات لا أحد يمكنه فك شيفراتها، لكنها تتمحور حول أن الحب سينتصر في نهاية المطاف. ويتعاظم دور جبران حتى يكاد المسلسل كله يتمحور حوله، بما يعد بأنه سيكون بطلاً مطلقاً للجزء الثاني منه. ويختلط الحابل بالنابل، ويتباعد العاشقان وتتعمق لديهما مشاعر الغيرة والخذلان والغضب والإنكار. مشاعر ستؤجج لا شك نار الشبق، المصطلح الذي لا بد أن يكون في العنوان، مرفقاً بـ"الممنوع" مثلا. الشبق الممنوع. الله! أو: "دخان الشبق" أو.. "شبق بلا دخان" أو "دخان بلا شبق".. أو "من يطفئ نار الشبق؟". لا مشكلة. العنوان، كما اسم المولود الجديد، سيفرض نفسه بنفسه.
الانفجار. انهيار العملة. أزمات الوقود والكهرباء والخبز. أزمات الأولويات جميعها. فقدان الثقة بأي أمان اجتماعي. فقدان الأمل. التروما الجماعية لشعب برمته. تفاصيل لا يتطرق لها المسلسل. هو، في نهاية المطاف دراما لبنانية تحافظ على التقاليد: قصة حب بين اثنين.

كيف سينتهي المسلسل؟ انتظرونا في الحلقة المقبلة. نعدكم بمزيد من التشويق والشبق، والتفاهة التامة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها