الخميس 2021/06/17

آخر تحديث: 14:01 (بيروت)

إضراب "المنظومة" بين الهذيان والهزل: إنهم يسرقون غضبنا

الخميس 2021/06/17
إضراب "المنظومة" بين الهذيان والهزل: إنهم يسرقون غضبنا
رغم ضآلة المشهد وهزاله، المنظومة قادرة على خطف البلد بالنار والبارود (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
يوم 17 حزيران 2021 لا بدّ أن يدخل التاريخ اللبناني. المنظومة الحاكمة في مشهد إضراب عام هزيل ولا يخلو من الهزل. حركة الاحتجاجات وقطع الطرقات الضئيلة، كفيلة بالدلالة على ذلك، أما عناوين هذه التحركات فهو الهذيان المطلق. سلطة تعتصم لتضغط على نفسها من أجل تشكيل حكومة وإيجاد حلول لأزمة أوقعت هي الناس بها. بين الهذيان والهزل، قد تكون عناوين أخرى مناسبة لهذه الحالة: وقاحة، فجور، قلة حياء، وغيرها الكثير من النعوت التي تبقى قليلة على وصف كل مسؤول ساهم في انقطاع الدواء وغلاء الأسعار وطوابير البنزين وسرقة أموال الناس وتفجير بيروت وانعدام الحياة في البلد عموماً.

المشهد الهزيل
لا يتعدى حجم المشاركة الشعبية الفعلية في تحرّكات اليوم، من الجنوب إلى الشمال ومن بيروت إلى البقاع، 500 شخص. تم قطع عدد من الطرقات في بيروت والمناطق، وسط شعارات محقّة أطلقها عدد من أنصار أحزاب السلطة: نريد الخبز، نريد البنزين، نريد حكومة. هؤلاء أنفسهم، سحلوا المتظاهرين في الشوارع في أيام تشرين وخوّنوهم وجعلوا منهم عملاء سفارات. لا عجب. ضآلة المشهد، لا تعكس طبعاً حجم أحزاب المنظومة ولا تمثيلها وقدرتها على فرض الحلول في الشارع.

حرب أهلية
اجتياح بيروت، يوم 7 أيار 2008، بدأ بمشهد مماثل. إضراب دعا إليه الاتحاد العمالي العام، تحوّل إلى حرب أهلية من طرف واحد اجتاح العاصمة وعدد من المناطق. ولو أنّ واقع الأمور اليوم مختلف عمّا كانت عليه قبل أكثر من عقد، لكن ورقة الشارع حاضرة على جدول أعمال هذه القيادات. وقائد هذه القيادات سبق وهدّد قبل عام، "إذا نزلنا إلى الشارع سنغيّر كل المعادلات ولن نخرج منه قبل تحقيق كل المطالب". المنظومة قادرة على خطف البلد بالنار والبارود، ولا شكّ في ذلك.

هزّ الجمود
في لعبة تشكيل الحكومة القاتلة، التي تقضم المزيد من حقوق اللبنانيين وتعمّق حفرتهم، تعود أحزاب السلطة إلى الشارع. وفي هذه العودة إيحاء ورسائل باتجاهات عدة. محاولة قول للناس، لجمهورها، إنها ترفض الأزمة الحاصلة وتشعر مع المواطنين بما يمرّون به. هذا من جهة. أما من الجهة الأخرى، الأهم، أنها تنقل صراع هذه المكوّنات من المجالس السياسية وطاولات التشاور ورصّ التفاهمات، إلى الشارع. بين هذه القيادات المحنّكة، من يدرك تماماً أنّ هزّ الجمود الحاصل والدفع إلى تصغير النفوس والمطالب، من أجل تشكيل الحكومة بحاجة إلى بعض الضغط والتلويح بالأمن. وهو ما يحصل.

خطف البلد
هكذا كان هذا المشهد الهزيل، الذي لا يمكن اعتباره سوى مقدّمة لأيام أقسى قد تكون مقبلة. تقديم المرحلة المقبلة بدأ التمهيد له من خلال حرب البيانات بين الرئاسات المفترضة. والنَفَس الطائفي أطلّ برأسه، بين حديث عن صلاحيات مارونية وموقع سنّي أول. تمّ التمهيد لكل أجواء الاحتقان، والأبواق الإعلامية جاهزة لتلبية النداء. لكن فعلياً، ليس من يسمع. وليس من يلبّي النداء في الشارع سوى البلطجيين الملتزمين والمستزلمين. هؤلاء، ولو أنهم لا يشكلّون 2% من الناس، قادرون على خطف البلد.

في مشهد مماثل، لا يسع اللبنانيون سوى السؤال: ما العمل؟ لا جواب أيديولوجي على هذا السؤال في بلد تسقط فيه كل المعادلات والأفكار والنظريات. فلا يكون الجواب إلا بمزيد من السخرية والكوميديا السوداء لرثاء النفس والحال. مهزلة مماثلة لا تردّ إلا بالهزل والسخرية. كل الأدوات سقطت في مواجهة هذه السلطة، في الاحتجاج والإضراب والعصيان المدني والانتخابات ومقاطعتها. في المشهد العام، يبقى للبنانيين الباقون هنا، أداتان. السخرية أولاً. القول إنّ إضراب السلطة هو تحت شعار "لم يتبقّ مالاً لنسرقه"، أو إنه بات على الشعب تقديم استقالته. القول إنّ أرانب الرئيس نبيه برّي لحلول الأزمات، ماتت أو هربت بحثاً عن خس وجزر في ظلّ الأزمة الاقتصادية. القول إنّ أحزاب السلطة لم تعد تملك مالاً لتحريك الناس. وكل هذا لا ينفع مع منظومة نعتها بالوقاحة قليل. والثأر الشخصي ثانياً، من وزير أو نائب أو رئيس حزب أو حاكم. كذئاب منفردة، في مواجهة قطعان من الضباع التي تنهش في جثث بلا أرواح.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها