الجمعة 2021/05/14

آخر تحديث: 18:10 (بيروت)

اعتصامات عند الحدود: شبان اخترقوا السياج وسقوط شهيد وجريح

الجمعة 2021/05/14
increase حجم الخط decrease
على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، عشرات من الشبان يعتصمون، ويخترقون السياج الفاصل، ويضرمون النيران في الهشيم. والردّ، أربع قذائف مدفعية تحذيرية، ورشقات نارية أدّت إلى سقوط جريحين.
مع غليان الانتفاضة الفلسطينية داخل أراضي 1948، واستمرار رشق الصواريخ وتلقّي الضربات المدمّرة في غزّة، قد يكون أكثر من طبيعي إن غلبتنا الحماسة لتحرير فلسطين، والعاطفة على الأقلّ، للوقوف مع شعبها المنتفض والمحاصر. فلسطين عادت، اسماً وقضية وانتفاضة ومعنى. إسم، علكته أنظمة وإمبراطوريات وأجندات عديدة عربية وإقليمية، على مدى عقد أو أكثر. ومع أول حجر رُمي بوجه جنود الاحتلال في القدس، وما لحقه في اللد وحيفا وكفر قاسم وكل الضفة، انتهى مضغ فلسطين. عادت إلى موقعها الطبيعي، قلباً وعقلاً.

جريح وشهيد وإجراءات أمنية
عند قرابة الثالثة والنصف، تجمّع العشرات على الحدود قبالة مستوطنة المطلّة. من هذه النقطة يمكن كشف الجليل بأكمله، فلسطين على بعد رمية حجر، فعلاً. اجتاز المحتجّون الشريط الشائك، ومعهم علمين، واحد لحزب الله وآخر لفلسطين. فردّت قوات العدو بإطلاق النار والقذائف التحذيرية والقنابل الصوتية، ما أدى إلى سقوط جريحين، هما حسين ص. ومحمد ط. عملت فرق طبية على إسعافهم. لكن في وقت لاحق توفي الجريح محمد طحان متأثراً بجروحه. وبعدها حضرت قوّة مشتركة من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وعملت على منع الشبان من التقدّم باتجاه الشريط الشائك. كما أقامت حواجز أمنية لمنع الاقتراب من الحدود.

مسيرات إضافية
ومن المتوقع أن تشهد الحدود سلسلة من الاعتصامات الأخرى، اليوم وغداً. واحدة بدعوة من منظمة الحزب الشيوعي في حولا، وثانية بدعوة من حركة الشعب والحركة الشبابية للتغيير في بلدة العديسة. هذا إضافة إلى اعتصامات ووقفات تضامنية أخرى، من المفترض أن تشهدها بيروت غداً الأحد، تضامناً مع الشعب الفسلطيني. كما شهدت مدينة صيدا اليوم مسيرةً حاشدة دعماً لفلسطين. 

عقد ومشهد متكرّر
قبل عقد، بالتمام، في 15 أيار 2011، تحرّكت المخيمات الفلسطينية ومجموعات شبابية وحزبية لبنانية باتجاه الحدود في "مسيرة العودة إلى فلسطين" في ذكرى النكبة. يومها تحوّلت هذه الذكرى إلى ما سمّي في حينه "نكبة مارون الراس". إذ سقط عند الحدود 10 شهداء وما لا يقلّ عن 110 جرحى جميعهم عزّل. تلقّف جنود الاحتلال المتظاهرين يومها، وأطلقوا الرشقات النارية ورصاص القنص. أصابوا المحتجّين بالصدور والأرجل. ويومها وقفت "المقاومة" متفرّجة تنتثر بعض الثمار.

تعمية وصدق
قبل عقد، كان الربيع العربي في أوجّه. وفي سوريا كان البعض لا يزال يمنّي النفس بأنّ الثورة ستنتهي في ثلاثاء مقبل. فتمّ إخراج هذا المشهد على الحدود، في لبنان وسوريا أيضاً، في محاولة تعمية سياسية إضافية على جرائم نظام البعث وحلفائه، وإعادة قولبة العقول باتجاه فلسطين وأهلها. من دون أن يعني ذلك أبداً، أنّ آلاف من شاركوا في هذه المسيرات كانوا-ولا يزالون- صادقين إلى أبعد الحدود مع فلسطين وقضيّتها.

الحدود اللبنانية السورية
قبل مشهد الحدود الجنوبية، استفاق اللبنانيون اليوم على خبر استهداف مسيّرات إسرائيلية لقافلة أو آلية على الحدود بين لبنان وسوريا في محاذاة الهرمل. العدو، ورغم انشغاله في جبهاته الداخلية وفي غزة، لم يوفّر فرصة لضرب قافلة بين سوريا ولبنان. رسالة شديدة الوضوح. ويبقى هذا الاعتداء من دون ردّ، كما سائر الاعتداءات والغارات الأخرى على مدى السنوات الماضية. وإن وضعنا جانباً الجنون الإسرائيلي، الممكن والمحتمل، المقصود أنّ جبهة الشمال لن تُفتح، لا في لبنان ولا في سوريا.

صواريخ غير صدئة
في فلسطين انتفاضة ثالثة. وفي هذه الحالة لا حُكم لمنطق موازين القوى أو غيرها من النظريات. ثمة محتلّ وضحية. ثمة حجر، أو زيت محروق أو سلاح أبيض أو حتى مسدس ورشاش. انتفاضة آزرها قطاع غزّة بآلاف الصواريخ وبثمن باهظ بالأرواح والبنى التحتية. "نقصف صاروخين أعورَين، فيردّون بمئة صاروح موجّه"، قيل. أو حتى "نؤذي إسفلتاً، فيهدمون برجاً أو مبنى ويقتلون العشرات". والحقيقة، أنّ صواريخ غزة لم يأكلها الصدأ. فهل كان يجب ترك هذه الصواريخ لتصدأ كما في جبهات ومخازن بعض الأنظمة؟ هو نقاش فلسطيني، وأهل فلسطين أدرى به، وأعلم بإيجابيات الصواريخ وسلبياتها.

في انتفاضة فلسطين الحالية، أنظمة الممانعة وأحزابها في مأزق. فتح الجبهة يبدو أمراً غير وارد. إبقاء الجبهات مقفلة فيه حرج يكبر، وعمره عقود. والصمت الحاصل تكريس لـ"الحياد" الذي سيقت بحقّه عشرات حملات التخوين والترهيب. في المختصر، الفلسطينيون وحدهم، يقاتلون وينتفضون، يموتون ويتحرّرون. ثمة من وعدهم بأنه قادم إلى القدس، بباص أو سيارة أو حتى بجيش زحّاف. فردّوا عليه، بأن أحضروا هم القدس إلى كل دار وكل شاشات العالم. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها