الثلاثاء 2021/05/11

آخر تحديث: 13:01 (بيروت)

المهندسون إلى المعركة الوشيكة في أكبر النقابات اللبنانية

الثلاثاء 2021/05/11
increase حجم الخط decrease
اليوم الثلاثاء، تقفل أبواب الترشّح لانتخابات هيئة المندوبين في نقابة المهندسين المفترض إجراؤها يوم 23 أيار الجاري. أحزاب السلطة، تخيط تحالفاتها كما العادة، تحضيراً أيضاً لانتخابات النقيب وأعضاء مجلس النقابة في 6 أو 13 حزيران المقبل. في أوساط أحزاب السلطة، مفاوضات ومشاورات، وتضارب ومصالح مشتركة، قد تفضي إلى إرساء تفاهمات بين مختلف مكوّنات السلطة في انتخابات المهندسين، وينتج عنها أيضاً تفاهمات تتوسّع إلى انتخابات نقابة الأطباء. فاهتمامات هذه الأحزاب، وفقاً لمصالحها وللمحافظة على نفوذها، متشابكة في كل القطاعات وفي كل استحقاق انتخابي. في المقلب الآخر، تسعى انتفاضة 17 تشرين إلى مواجهة السلطة في نقابة المهندسين، تكريساً للواقع القائل إنّ الناس فقدت ثقتها بكل الطبقة الحاكمة. فتتحضر مجموعات الانتفاضة وائتلافاتها لخوض هذا الاستحقاق الانتخابي المنتظر في أكبر النقابات المهنية في لبنان.

مواجهة ضرورية
بالنسبة لمجموعات 17 تشرين، ليس من داعٍ لتذكير اللبنانيين عموماً والمهندسين خصوصاً بضرورة واجب إسقاط أحزاب المنظومة في النقابة وفي كل سياق آخر. فشل المنظومة واضح للعيّان، في شبه فراغٍ سياسي وانعدام اقتصادي وانهيار مالي، وأفق اجتماعي مسدود دفع البعض إلى الانتحار والبعض الآخر إلى الانتحار غير المباشر، من خلال خوض أمواج البحر بحثاً عن فرصة هجرة غير شرعية. وكما الوضع العام في البلاد، كذلك الوضع في كل مجلس أو نقابة أو هيئة تسيطر عليها وتحكمها أحزاب هذه المنظومة بمنطق المحاصصة والمكاسب. وعليه، أصبحت المواجهة مع هذه المنظومة ملحّة وضرورية، خصوصاً أنّ تأجيل انتخابات نقابة المهندسين تمّ في أوجّ انتفاضة 17 تشرين، ما حُسب وعُدّ مهرباً لقوى السلطة.

جبهات وائتلافات
في انتخابات نقابة المهندسين، جبهتان معارضتان فعليّتان لمواجهة المنظومة. "النقابة تنتفض" و"المهندسون المستقلّون"، إضافة إلى مجموعة أخرى لم يُعرف عنها شيء حتى الساعة باسم "لنا النقابة المستقلّة" التي تترأسها المهندسة منى ترزي، ولا تجمع سوى 8 "لايكات" لصفحتها الخاصة على موقع "فايسبوك". وبين هاتين الجبهتين، الجبهة أو نواة الجبهة التي يعمل فيها وعليها حزب الكتائب. يبدو التنوّع الحاصل على صعيد قوى مواجهة السلطة في النقابة فاقعاً، خصوصاً أن انقسامات وخلافات حصلت قبل شهر من موعد الانتخابات. لكن هذا الصدع، حسب ما تشير مختلف أجواء المجموعات، قابل للالتئام. فما على هذه المجموعات والائتلافات سوى التواضع أولاً، والتنسيق والتواصل ثانياً، وتكريس أولوية مواجهة السلطة ثالثاً.

حزب الكتائب
بالنسبة لحزب الكتائب، "ننتظر إقفال أبواب الترشّح اليوم، للجلوس مع مختلف المجموعات والتجمّعات النقابية بهدف صياغة تحالف جدّي لهزم السلطة". يولي الحزب اهتماماً أساسياً في مهمّة توحيد اللوائح الانتخابية، ويشير قياديون فيه لـ"المدن" إلى أنّ "الدعوة إلى التواصل مع كل طرف خارج المنظومة الحاكمة قائمة، ونسعى إلى قبول كل الأطراف". مع العلم أنّ قيادة حزب الكتائب سبق وأكدت في أكثر من اجتماع عُقد لمتابعة المعركة الانتخابية المنتظرة في نقابة المهندسين، استعدادها لعدم ترشيح أي مهندس لمجلس النقابة أو حتى موقع النقيب، وذلك إفساحاً منها لتقارب اللوائح وتوحيدها. وهو ما تلقّفته بعض المجموعات وفهمته جيداً، في حين لا تزال مجموعات أخرى تغرّد في سرب العداء للكتائبيين، والتأكيد على عدم مشاركتهم أي تحالف أو حتى طاولة نقاش!

النقابة تنتفض
"النقابة تنتفض"، اسم الجبهة الانتخابية الأكبر في انتخابات نقابة المهندسين. تضمّ 16 مجموعة في هيئتها الإدارية و5 مجموعات أخرى في هيئتها العامة. وقد انضمّ إليها أيضاً تجمّعات مدنية وسياسية عديدة، ويبقى الأهم أنها تجمع قوى سياسية متنوّعة مثل الكتلة الوطنية والحزب الشيوعي وحركة التجدّد الديموقراطي، تحالف وطني وبيروت مدينتي ومواطنون ومواطنات في دولة والمرصد الشعبي والخط الأحمر. إضافة إلى مجموعات من انتفاضة 17 تشرين، أبرزها عامية 17 تشرين وهوا تشرين وشبكة مدى ومنتشرين، وتجمّعات نقابية ومناطقية مثل مهندسو جل الديب ومجموعة وادي التيم ومجموعة صيدا والجوار واللقاء المهني الهندسي ومهندسو الشوف وعاليه ولبنان هويتي وIEA وغيرها. كما أنّ هذه الجبهة تنال دعم مجموعة "لحقي" من دون أن يكون للأخيرة أي مشاركة تنظيمية أو حتى على مستوى الترشّح.  

"المهندسون المستقلّون"
ومن "النقابة تنتفض"، خرج عدد من المجموعات قبل أسبوعين لتولد جبهة نقابية ثانية للمهندسين هي "المهندسون المستقلّون". وتضمّ الأخيرة 10 مجموعات أساسية، هي مجموعة ACT، ثورة 2020، الجمهورية الثالثة، كلنا نقابة، التجمع المهني الديموقراطي، مهندسو البقاع الشمالي، حركة القومية اللبنانية، الحركة الفينيقية وتجمع مهندسي الغد. وحسب الأجواء المواكبة، فإنّ "المهندسين المستقلّين" مدعومة من قبل جبهة 17 التشرين وضباط متقاعدين وحركة كلنا وطني وحركة مهنيّون ديموقراطيون. أما سبب الانشقاق عن "النقابة تنتفض"، حسب ما يقول المهند جو هوا لـ"المدن": "ربما حين تنافس منافسيك تصبح تشبههم، وهذه حال بعض المجموعات في النقابة تنتفض، التي باتت تشبه أحزاب السلطة على صعيد الإقصاء والسيطرة". ويوضح هوا أنّ "النقابة تنتفض صُبغت سياسياً على أنها ائتلاف يساري، فحاولنا إضافة مجموعات أخرى أقرب إلى اليمين، وأنا أساساً من مؤسسي النقابة تنتفض، إلا أنّ توجّهي ووساطاتي التي دامت طوال 9 أشهر لم تعجب مجموعات تعتبر نفسها مقيّمة في الجبهة". فحصل الفراق.

وحدة معايير
يتحدّث هوا عن فوقية في تعاطي بعض مكوّنات "النقابة تنتفض"، في حين تردّ أجواء الأخيرة بالإشارة إلى أنّ "المشكلة مع المنشقّين الذين أسّسوا المهندسين المستقلّين غير معروفة". وتضيف الأجواء الأخيرة أنّ المنشّقين حاولوا مصادرة ترشيح اسم المرشّح إلى موقع النقيب، "إضافة إلى التواصل مع مهندسين وقطاعات الهندسة في عدد من أحزاب السلطة". في "النقابة تنتفض"، ثمة معايير موحدّة وضعتها كل مكوّنات الجبهة، وعلى الجميع الالتزام بها للترشّح إلى مجلس النقابة والموقع النقيب. ومن بين هذه المعايير، الكفاءة والخبرة والإلمام بشؤون النقابة الداخلية، والقدرة على التفرّغ للعمل النقابي (لمرشحي منصب النقيب فقط)، مع تحديد نسب معيّنة تخوّل المرشحين المفترضين المشاركة في مناظرات داخلية لحسم الأسماء.

ومن ضمن المعايير التي وضعتها مكوّنات "النقابة تنتفض" أيضاً سلسلة من الشروط والتعهدات، أبرزها الالتزام بمبادئ 17 تشرين ومطالبها، وبتطبيق برنامج الجبهة وبتشكيل فريق عمل استشاري داعم لها، إضافة إلى الالتزام بمبادئ الشفافية والخضوع للتقييم والمحاسبة، كما تفترض على المرشّح لموقع النقيب رفع السرية المصرفية والكشف عن أموال وأملاك المرشح أو المرشحة.

توحيد الصفوف
وفي اتصال مع "المدن"، يشير المهندس عماد عامر، ممثل مهنيون ومهنيات في "النقابة تنتفض"، إلى أنّ "عدد المرشحين في انتخابات المندوبين لا يمكن البتّ به حتى إقفال أبواب الترشيح"، مع العلم أنه في الاستعدادات الأخيرة لم يقلّ عدد مرشحي الجبهة عن 130. أما هوا، فيؤكد من جهته "إلى الآن ثمة ما بين 80 إلى 90 مرشحاً للمندوبين". يؤكد عامر أنّ الأجواء إيجابية، وثمة تفاؤل بإمكانية إعادة جمع مختلف مكوّنات المهندسين ضد فريق السلطة. ويشير هوا أيضاً إلى أنّ "جميع الخطوط مفتوحة من أجل توحيد الصفوف واللوائح". وفي هذا الإطار، علمت "المدن" أنّ ثمة دعوة لعقد اجتماع بين ممثلين عن "النقابة تنتفض" وعن "المهندسين المستقّلين" يوم الأربعاء، أي غداة إقفال باب الترشّح لانتخابات المندوبين.

في انتخابات نقابة المهندسين، تحدّ جديد تواجهه 17 تشرين. فيه تعويل لتكرار منطق الانتصارات المتنقّلة في الجامعات والنقابات بانهزام السلطة وأحزابها. الأخيرة تتوحّد، "على القطعة" و"بالمفرّق"، وحسب أحجامها أيضاً. ربما هذا أحد جوانب النقص في إدارة المعارك السياسية لدى مكوّنات الانتفاضة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها