الإثنين 2021/05/10

آخر تحديث: 12:03 (بيروت)

فايننشال تايمز: فساد قوات الأمن اللبنانية يضاهي فساد إسكوبار

الإثنين 2021/05/10
فايننشال تايمز: فساد قوات الأمن اللبنانية يضاهي فساد إسكوبار
صادرت السلطات اللبنانية ما يقرب من مليونيّ حبة كبتاغون (الأرشيف، الأمن الداخلي)
increase حجم الخط decrease

أعاد قرار المملكة العرببة السعودية بتعليق عملية استيراد الفواكه والخضار من لبنان، بعد اكتشاف أكثر من خمسة ملايين حبة من مخدر الـ"كبتاغون" مخبأة في صناديق الرمان.. اهتمام الصحافة المحلية والعالمية بدور لبنان وسوريا في تهريب المخدرات، بينما يغرقان في أزماتٍ لا أُفقٍ لها. وعقب دخول الحظر السعودي حيز التنفيذ، نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تقريراً حول معضلة التهريب التي تضرب لبنان، يكشف تحول بلدنا الصغير إلى مصدّر عالمي للمخدرات.

الفشل في ضبط التهريب
عثر ضباط الجمارك السعوديون العام الماضي على 54 مليون حبة كبتاغون (إحدى المشتقات الكيميائية من مادة الأمفيتامين) في العنب والتفاح والبطاطس التي تم شحنها من لبنان إلى ميناء جدة على البحر الأحمر. واليوم، يتكشف دور لبنان أكثر وأكثر في تهريب المخدرات إلى دول عربية وأوروبية، ما يُظهر عجز الإجراءات الأمنية اللبنانية والفشل بإقفال الثغرات التي ينفذ منها المهربون.

ومع تأكيد الداخلية السعودية أن قرار الحظر ضروري، لأن لبنان فشل في وقف تهريب المخدرات، رغم محاولات المملكة لحث السلطات اللبنانية المعنية على القيام بذلك، ترى الصحيفة البريطانية في تقريرها أن شحنة الكبتاغون هي أحدث علامة على تنامي تجارة المخدرات في لبنان وسوريا. الدولتان اللتان تتشاركان الحدود وتنهكهما الظروف الاقتصادية.

تغيير النظام الاقتصادي
وفقاً لتحليل نشره مؤخراً "مركز تحليل العمليات والبحوث Center for Operational Analysis and Research "، صادرت السلطات في أوروبا والشرق الأوسط خلال العام الماضي، ما يُقدر بـ34.6 طناً من حبوب الكبتاغون ذات المنشأ السوري، بقيمة نظرية تصل إلى 3.46 مليار دولار أميركي. وهذا أمرٌ لافت، بل مضحك ومبكي، إذا ما تمت مقارنته بالصادرات المجمعة لكلا البلدين (أي لبنان وسوريا) التي بلغت أقل من 5 مليارات دولار في عام 2019.
وفي هذا الإطار، يرى سمير عيطة، وهو باحث اقتصادي سوري مرموق يقيم في فرنسا، بهذه الأرقام مؤشراً خطيراً على ما يحمله المستقبل. إذ يقول للصحيفة البريطانية، إن الأزمة في كلا البلدين تحّول اقتصادهما للاعتماد بشكلٍ تام على النشاطات غير القانونية والإجرامية.

بدورها، قالت كارولين روز، كبيرة المحللين في معهد "نيولاينز" للدراسات السياسية، إنه على مدار العامين الماضيين، مع تفاقم الأزمات الاقتصادية في لبنان وسوريا، انتشرت تجارة الكبتاغون. مضيفةً "لا يتم شحن الحبوب بكميات ذات حجم صناعي إلى أوروبا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط وحسب، بل يقومون أيضاً بإخفائها في مواد مشروعة".

دور النظام السوري
وخلال استعراضها لعمليات التهريب، ذكّرت الصحيفة البريطانية بأن سلطات إنفاذ القانون الرومانية عثرت في أيلول 2020، على ما يقرب من طن من حبوب الكبتاغون و1.5 طن من الحشيش مخبأة في قطع الصابون على متن سفينة انطلقت من ميناء اللاذقية السوري. كما عثرت سلطات الموانئ اليونانية في عام 2019 على أكثر من خمسة أطنان من أقراص الكبتاغون، التي تزيد قيمتها عن 650 مليون دولار، في حاويات تحمل مواد بناء أتت من اللاذقية.

هذا غيض من فيض، لأن الأمثلة كثيرة. وبما أنه لا توجد سوق أوروبية معروفة لهذا المخدر، يفترض المحللون أنه قد تم نقله إلى ليبيا أو مناطق نزاع أخرى، أو قد تم إرساله إلى أوروبا لإخفاء بلد المنشأ في محاولة لخداع السلطات في الخليج العربي.

رغم ذلك، أدى الحجم الهائل لعمليات التهريب من سوريا إلى استنتاج أن نظام بشار الأسد، الذي استعاد السيطرة على ثلثيّ البلاد، متواطئ في هذه التجارة. لذلك تقول كارولين روز، التي كانت تبحث في تجارة المخدرات الإقليمية: "النظام السوري يائس للغاية من أي نوع من تدفق الإيرادات، تحت ضغط العقوبات في زمن الحرب. ولديهم أدوات الدولة ليكونوا قادرين على تصدير هذا المخدر على المستوى الصناعي".

فساد إسكوبار
وبينما يُلقي بعض المحللون في لبنان باللائمة في تجارة المخدرات على حزب الله، أشارت الصحيفة البريطانية أنه بالنسبة للعديد من السعوديين القلقين بشأن الزيادة المقلقة في تعاطي المخدرات بين الشباب، فإن حظر الاستيراد من لبنان يرسل إشارة واضحة إلى تصميم المملكة على قمع التجارة غير المشروعة.

وهذا ما أكّد عليه بالفعل محمد اليحيى، رئيس تحرير موقع "العربية نت" بنسخته الإنكليزية، بالقول: "هناك مخاوف من احتمال وجود عشرات الشحنات الأخرى التي لم يتم اكتشافها. المملكة العربية السعودية تخسر القليل جداً من خلال حظر جميع الواردات".

وتضيف الصحيفة أن الحكومة اللبنانية المكبلة تعهدت بالسيطرة على التهريب. وبين تموز 2019 وحزيران 2020، صادرت السلطات اللبنانية ما يقرب من مليونيّ حبة كبتاغون. لكن مسؤولاً أمنياً لبنانياً سابقاً، طلب عدم نشر اسمه، قال للصحيفة أن الفساد داخل قوات الأمن يجعل من الصعب مكافحة تجارة المخدرات غير المشروعة. وأردف قائلاً "معدلات الفساد مرتفعة للغاية. إنها تشبه ظاهرة إسكوبار"، في إشارةٍ إلى  قطب المخدرات، بابلو إسكوبار، أحد أخطر تجار المخدرات الذين عرفهم العالم.

الحدود اللبنانية- السورية
وكانت صحيفة "غارديان" البريطانية قد كشفت في تقرير لها صدر الجمعة 7 أيار، كيف تحولت سوريا إلى دولة مخدرات عبر إنتاج مخدر الكبتاغون. ونقلت الصحيفة عن ستة مسؤولين في أجهزة شرطة واستخبارات في الشرق الأوسط وأوروبا قولهم إن كافة الشحنات كان مصدرها سوريا أو عبر الحدود اللبنانية، حيث تشكلت عصابات إجرامية وزعماء ميليشيات وعصابات حدودية، تصنع وتوزع كميات كبيرة من المخدرات على نطاق كبير. ونقلت عن مسؤول بارز في بيروت قوله "إن هذه العصابات خطيرة جداً. فهم لا يخافون من أي شيء. إنهم يختبئون لكن على مرأى من الجميع".

وتحدثت الصحيفة عن انعدام القانون على الحدود اللبنانية- السورية، التي باتت مرتعاً لعمليات التهريب والتي يتورط فيها مسؤولون من الجانبين، إذ ينقل المهربون الحشيش والكبتاغون عبر طريق ممتد من سهل البقاع اللبناني ومدينة القصير السورية الحدودية والطرق شمالاً عبر مناطق سيطرة العلويين باتجاه مينائيّ اللاذقية وطرطوس.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها