الأربعاء 2021/04/21

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

لبنان خارج التفاوض السعودي الأميركي مع إيران.. ورهينة إسرائيل

الأربعاء 2021/04/21
لبنان خارج التفاوض السعودي الأميركي مع إيران.. ورهينة إسرائيل
"معضلة" حزب الله تحتاج إلى مسار طويل من مفاوضات قد تؤدي لتغيير الصيغة اللبنانية (المدن)
increase حجم الخط decrease
يدمن اللبنانيون اختراع المواعيد على إيقاع الاستحقاقات الخارجية. ينتقلون من محطة إلى أخرى، في انتظار الحلّ الذي يأتيهم من الخارج. بالطبع، هناك تأثير لا يستهان به للتطورات الدولية والإقليمية على مسار الأحداث في لبنان، ولكن ليس بالشكل الذي يتبناه اللبنانيون ويراهنون عليه.

انتظارات ونكايات
فمنذ ما قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية شاع لبنانياً الكلام على الانتظار لمعرفة الفائز. ونُسجت سيناريوهات متعددة حول ما يمكن حدوثه بناء على النتائج. بعدها كان لا بد من انتظار تسلّم جو بايدن مقاليد السلطة. ثم جاء دور انتظار الأشهر الثلاثة الأولى لظهور معالم سياسته الخارجية. وحالياً لا بد من انتظار مفاوضات فيينا، والمفاوضات الإيرانية - السعودية في العراق، وربما الانتخابات الإيرانية والسورية.

هذه المواعيد والمحطات كلها هدفها تضييع الوقت، لتوفير ظروف تلائم كل طرف في أسبابه المختلفة عن الأخرى، سواء في تشكيل الحكومة، أو تغيير قواعد تشكيلها، أو استمرار عملية التعطيل. وإذا تجاوز النقاش مسألة التشكيلة الحكومية، عاد الكلام مجدداً على انتخابات رئاسية أو نيابية مبكرة، أو حتى الذهاب إلى حكومة انتقالية.

ولا تبدو هذه الطروحات كلها واقعية، ولا تخرج عن سياق المناكفات والنكايات السياسية. وهذه هي حال النزاع القضائي الذي اندلع في الأيام الماضية. وحله لن يكون إلا على الطريقة اللبنانية: لفلفة الموضوع بناء على قاعدة 6 و6 مكرر. والحال إياها تنطبق على التدقيق الجنائي.

والأكيد أن لبنان غير قادر على انتظار الاستحقاقات الخارجية. فالبلاد على مسافة شهر واحد من رفع الدعم وارتداداته الخطيرة جداً على الواقع الاجتماعي والمعيشي.

مفاوضات السعودية - إيران
وهناك من لا يزال يعوِّل على المفاوضات السعودية - الإيرانية التي عقدت في العراق، ويبدو أن هنالك جولة جديدة منها في المرحلة المقبلة. ولا شك في أن التفاوض الإيراني - السعودي سيكون طويل جداً. وهناك سلسلة قضايا ومسائل تحتاج إلى مناقشات مسهبة ومديدة، في ظل فقدان مقومات الثقة بين الطرفين.

ولهذه المفاوضات مستويين: الأول يتعلق بالمفاوضات الإيرانية - الأميركية، والثاني المفاوضات السعودية – الإيرانية المباشرة. فالمفاوضات الأولى تخلق جواً ملائماً للثانية، التي تهدف إلى حلّ المشاكل الإقليمية، وتتوازى مع مفاوضات الاتفاق النووي.

الجو الأميركي يشجع على الحوار، لا سيما في ظل معادلة الخروج الأميركي من أفغانستان والعراق. وهذا يحتم الحاجة إلى جملة تفاهمات إقليمية ودولية حول الوضع العام في المنطقة، بعد الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأميركي.

ولطالما كانت المملكة العربية السعودية تريد أن تكون حاضرة في مفاوضات الاتفاق النووي. وبما أن التفاوض مع طهران بدأ، يعني أنها حجزت موقعها، ولو لم يتم توسيع عدد الدول المتفاوضة نووياً من 5 زائد واحد إلى 6 أو 7 زائد واحد. فبموازاة المفاوضات النووية بدأ التفاوض على النفوذ الإيراني في المنطقة. وهذا التفاوض تقوم به السعودية.

لبنان ليس أولوية 
وتشير المعلومات إلى أن المفاوضات السعودية - الإيرانية تتركز على ملف اليمن في البداية. وهذ ما تظهره مشاركة أحد المسؤولين العسكريين عن التحالف العربي في اليمن في المفاوضات، إلى جانب رئيس المخابرات العامة السعودية خالد الحميدان.

والطرفان الإيراني والسعودي يريدان الانتهاء من الحرب في اليمن. أما الأولوية الثانية في المفاوضات فهي العراق، نظراً لموقعه ودوره في ظل رئاسة مصطفى الكاظمي للحكومة العراقية، وهو يحاول أن يوازن موقف بلاده بين المتفاوضين، فيما تستثمر طهران بموقف الكاظمي لالتقاط أنفاسها عراقياً وفتح نوافذ للحوار.

لبنان إذاً ليس في أولوية المفاوضات حالياً. فلا السعودية تبدي اهتماماً به، ولا إيران جاهزة أو مستعدة لمناقشة الملف اللبناني إلا مع الولايات المتحدة الأميركية.

ولبنان هو تقاطع إيراني – أميركي، وفق النظرة الإيرانية. وهو المكان الوحيد الذي يمكن من خلاله التأثير على إسرائيل سلماً أو حرباً. ومن خلاله يمكن الحصول على الكثير من واشنطن. ولا ينفصل لبنان عن سوريا على الرغم من احتلال الثانية أهمية استراتيجية أكبر. وموقف السعودية واضح من الأزمة السورية: لا يمكن انفتاحها على نظام بشار الأسد، من دون تقليم النفوذ الإيراني.

والمعضلة السورية ستكون حاضرة في المرحلة المقبلة من المفاوضات. فإيران تعلم أن لا قدرة لأي طرف على إعادة الإعمار في سوريا من دون دول الخليج، وعلى رأسها السعودية. لذلك تسعى إيران للحصول على ما يشبه الغطاء السعودي أو الاعتراف بدورها ونفوذها في سوريا.

معضلة حزب الله 
السؤال الأساسي الذي تطرحه السعودية، وكذلك واشنطن والمجتمع الدولي، على طهران حول لبنان، هو عن دور حزب الله، وموقعه وأسلحته وصواريخه الدقيقة. هذه مسائل تحتاج إلى مسار طويل من التفاوض، قد ينطوي على تغيير في الصيغة السياسية اللبنانية مستقبلاً.

ولا يمكن في لبنان إغفال العامل الإسرائيلي. فإسرائيل تعتبر أن لبنان أولوية أولوياتها بسبب حزب الله. وهي تسعى دوماً إلى تخريب مفاوضات فيينا بعملياتها العسكرية والأمنية ضد أهداف إيرانية، في إيران وفي سوريا. ولا بد أن تكون أنظارها منصبة على ما سيجري في لبنان.

وهذا بالتحديد ما يجب رصده في المرحلة المقبلة: تفاوض في ظل التهدئة، أم في ظلال التصعيد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها