الخميس 2021/02/25

آخر تحديث: 15:46 (بيروت)

انفجار الفرزلي.. فجور السلطة وإهاناتها

الخميس 2021/02/25
انفجار الفرزلي.. فجور السلطة وإهاناتها
الفرزلي للبنانيين: نسرق اللقاح ولا نأبه، موتوا في بؤسكم وممثل البنك الدولي بظهركم (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
بدقائق، لخّص نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي فجور السلطة السياسية. أطلّ هائجاً في مقابلتين وفي مؤتمر صحافي. حتى شكّك البعض بما إذا بركان غضبه الذي انفجر واحداً من الآثار الجانبية للقاح الذي تلقّاه الفرزلي وسرقه وغيره من النواب من درب اللبنانيين المسجّلين على منصة اللقاحات. اللقاح آمن، ولو أنه لا تأكيد علمياً أو دراسات تؤكد نتائج تجاربه على هذا الصنف من البشر. اللقاح آمن، لكنّ اللبنانيين غير آمنين بوجود هذه السلطة ورجالاتها. إيلي الفرزلي أهان اللبنانيين، أهان ساروج كومار، أهان القانون والمنطق. ويعجب لردّ الفعل من كل تلك الإهانات التي وجّهها، فينفجر. بغضبه وهيجانه وتعنّته وإسفافه، ينطق باسم منظومة الفجور.

غد مشرق
ليس الفرزلي رجلاً سياسياً عادياً. هو صورة تمثّل جزءاً من النظام الحاكم، إن لم تمثّله بأكمله. انقسمت المنظومة بعد اغتيال الرئيس الحريري عام 2005. انتفى دوره بعد حقبة السوريين وعنجر. فعاد إلى بيته والتزم الهدوء بعد أن سقطت عنه كل الحصانات. التأم جمع المنظومة بانتخاب عهد فاشل فعاد إلى قبّة البرلمان، نائباً للرئيس في موقع تدوير الزوايا. خطّ شهاداته السياسية كمرسال الوصاية ووثقها في كتاب. أدان نفسه، مستبشراً بغد مشرق. فجاء هذا المستقبل على شكل حقنة مسروقة لا بد من الاستفحال في الدفاع عن تلقّيها إذ تعني الحياة والعودة إليها.

ستر الكلام
حقنة اللقاح تجدّد حياة الفرزلي، في زياراته السياسية وجولاته الانتخابية التي لا تهدأ. يكاد الرجل لا يترك مأتماً إلا ويحضره. حتى أنه في بعض المرّات حضر عزاءً لعائلة جنوبية تقطن البقاع الغربي من دون سابق معرفة، ومن دون أن يعلم قيدها الجنوبي. رأى في المأتم فرصة انتخابية فحضر. واحد من رموز السياسة التقليدية، يعمل بأدواتها ويتفوّه بكلماتها ولو كانت مصفوفة بحنكة. وحتى لو أرادت الدلالة على ذكاء، لا تخرج الكلمات عن كونها تلفيقاً وترتيباً لكذب سياسي يراد تغليفه بسُتر الكلام المنمّق. وحين لم يعد ينفع تجميل الارتكابات بالكلام، ظهرت حقيقة المنظومة ممثلةً بالفرزلي وفجوره.

موتوا بغيظكم
لا يمكن إيجاد الكلمات المناسبة لوصف ما حصل. فعل لا أخلاقي، توصيفه لا بد أن يخرج عن "الأخلاق" أيضاً. "نسرق اللقاح ولا نأبه. نزيدكم تحقيراً، وإن لم يعجبكم موتوا في بؤسكم وغيظكم وممثل البنك الدولي بظهركم"، هي رسالة الفرزلي للبنانيين. إمعان في التحقير. "ما أقوله دستور"، قال، ولا مجال للنقاش فيه. يقول الحقيقة كما يراها بعين واحدة. يرتكب ولا يبالي، كما اعتاد وغيره من السياسيين. ولن يتوقفّوا عند هذا الحد. قتلوا ولم يحاسبهم أحد. سرقوا ولم يلاحقهم أحد. تحاصصوا ولم يسائلهم أحد. وما اعتادوا أن يضيء أحد على ارتكاباتهم.

من أبرز إبداعات فن خطابته وحنكة كلامه، عبارة "شيليه من فوق وحطيه تحت" التي توجّه بها لوزيرة العدل ماري كلود نجم في جلسة نيابية قبل أشهر. ليعود ويؤكد لاحقاً أنّ قصده شريف فُسّر على نحو مغاير. وليس من يحاسبه، "ما أقوله دستور، أنا الدستور". "أنا" المنظومة الحاكمة كبرت إلى حجم مهددٍ بالانفجار، تماماً كما انفجر الفرزلي في الساعات الماضية.
منظومة البؤس، تعمل على ارتكابات وجرائم جديدة ومستمرّة. لا يمكن الاقتراب منها ولا المساس بها، فقد تنفجر بأي لحظة. خرجت عن أطوارها وجنّ جنونها لا لشيء إلا لأنّها امتلأت لحد الغثيان. لأنّ المال شحّ ولم يبق من الأموال شيئاً لسرقته. لأنّ تجويع الناس لم يعد نافعاً، ولا سجنهم ولا قتلهم. فلا بد أن تنفجر، أولاً غضباً وتحقيراً. وحين تفرغ من كل ذلك ستوسّخ كل ما حولها بأشلائها العفنة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها