الخميس 2021/02/11

آخر تحديث: 00:05 (بيروت)

كلمة البابا وعظات البطريرك: الفاتيكان يعتصم بالمبادرة الفرنسية

الخميس 2021/02/11
كلمة البابا وعظات البطريرك: الفاتيكان يعتصم بالمبادرة الفرنسية
البابا: لبنان يمر بأزمة خطيرة تهدد هويته (Getty)
increase حجم الخط decrease

بعد ساعات من دعوة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى عقد مؤتمردولي خاص بلبنان، تحت رعاية الأمم المتحدة، كان للحبر الأعظم، البابا فرنسيس، كلمة خاصة بلبنان حذر فيها من فقدان لبنان لهويته.

الدبلوماسية الصامتة
في الفاتيكان، يعقد الحبر العظم كل عام لقاء مع السلك الدبلوماسي الخاص، ليحددوا فيه العناوين الكبرى لسياسة الفاتيكان. وفي هذا العام احتل لبنان المساحة الأكبر من العناوين التي تكلم عنها البابا فرنسيس في ختام الاجتماع. "لبنان يمر بأزمة داخلية. وهناك خطر لفقدان هويته". يعود بنا هذا المشهد إلى كلام سابق عن الدبلوماسية الفاتيكانية الصامتة، التي لطالما عملت منذ نشأة الكيان اللبناني على الحفاظ على صيغة لبنان بتعدديته وليس فقط بمسيحييه.

في الطائف كانت دبلوماسية الفاتيكان الصامتة تعمل مع الدول المقررة على إنهاء الحرب والحفاظ على الصيغة اللبنانية في وثيقة الوفاق الوطني. وها هي هذه الدبلوماسية تعود اليوم، لتعلن على الملأ أن لبنان يمر بأزمة خطيرة تهدد هويته وصيغته التي طالما كانت بالنسبة إلى الفاتيكان "لبنان الرسالة" .

دعا البابا فرنسيس إلى تعزيز الاستقرار للمحافظة على هوية لبنان الفريدة من أجل ضمان شرق أوسط تعددي متسامح ومتنوع، حيث يقدم فيه الوجود المسيحي مساهمة فعالة، ولا يتم اقتصاره بأقلية يجب حمايتها. فالمسيحيون هم النسيج التواصلي والتاريخي والاجتماعي للبنان. وأي إضعاف للمسيحيين يشكل خطراً بتدمير التوازن الداخلي والواقع اللبناني نفسه. وبالتالي، يجب معالجة المشاكل الناتجة على وجود اللاجئين الفلسطنيين والسوريين في لبنان. كما حذر الحبر الأعظم من انخراط لبنان في التوترات الإقليمية. وبغياب أي عملية عاجلة للانتعاش الاقتصادي واعادة الإعمار، فإن البلاد معرضة لخطر الفشل، مع ما قد يترتب على ذلك من انحرافات أصولية خطيرة.

الوصاية أم المبادرة الفرنسية؟
ماذا يعني أن البلاد معرضة للفشل؟ وهل يمكن إعلان الوصاية الدولية عند إعلان فشل البلاد؟ منذ أشهر يجري الحديث عن اتصالات تقوم بها الفاتيكان مع الدول المؤثرة على لبنان، غربية وعربية، من إيران إلى المملكة العربية السعودية لمساعدة لبنان. وفي الكواليس، تحضّر الدبلوماسية الفاتيكانية مع الدول الكبرى لقرار أممي خاص بلبنان، في حال فشل الدولة أو انحراف دورها التاريخي في عدم انخراطها في التوترات الإقليمية. غير أن المعلومات تشير إلى أن هذا ليس ناضجاً بعد. ما هو ناضج هو دعوة البابا فرنسيس المسؤولين السياسيين والدينيين، على حد سواء، إلى الالتزام بمسؤولياتهم وتنفيذ إصلاحات تتعلق بحياة اللبنانيين. وعليه، يقول سفير لبنان في الفاتيكان، فريد الياس الخازن، لـ"المدن"، إن الفاتيكان أقرب إلى دعم المبادرة الفرنسية بما فيها من إصلاحات. وفي المعلومات، أن الفاتيكان يلعب دوراً صامتاً مع العمق الأوروبي له، وتحديداً مع فرنسا، لاحتواء الأزمة اللبنانية. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وإن لم يكن للاعتبارات الدينية أهمية بالغة، إلا أن الرئيس المنتخب جو بايدن هو الكاثوليكي الثاني الذي يرأس الولايات المتحدة وعلاقته بالكنيسة ممتازة. وبالتالي، كل التقاطعات التالية يمكن أن تؤدي إلى تعاون في العمل على استقرار لبنان، الذي احتل المكانة الأكبر في كلمة الفاتيكان لهذا العام.

سياسة العظات
هل للفاتيكان دور في دعوة الراعي إلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان تحت رعاية الأمم المتحدة؟
لم يطلب الفاتيكان من البطريرك الماورني، مار بشارة بطرس الراعي، الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان. هذا ما تؤكده المصادر الدبلوماسية في الفاتيكان، إلا أن هذا لا يعني أنها تعارض ذلك. فدوائر الفاتيكان تترك هامشاً من الحرية للبطريرك، على أن تسجل ملاحظاتها عند اللزوم. فمنذ أشهر يوم دعا الراعي إلى "الحياد الناشط"، كان للفاتيكان ملاحظات على كيفية الطرح، وعدم نضوج اللحظة المناسبة له وليس على جوهره. فهي لطالما دعت إلى إخراج لبنان من النزاعات الإقليمية التي تمس هويته. وبكركي بدورها لم تنسق مع أحد في دعوتها إلى مؤتمر دولي. بل كانت عظة الأحد الماضي تتويجاً للعظات السابقة. إذ يعتبر الراعي أن سقف العظات جاء تصاعدياً، من دعوة المسؤولين إلى تشكيل حكومة إلى دعوة الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر دولي، بعدما فشلت كل نداءات بكركي ومحاولاتها لحل الأزمة بين رئيس الجمهورية والحكومة المكلف. ولا علاقة إطلاقاً بين دعوة الراعي هذه وبين ما ورد في تغريدة للنائب أنور الخليل على الفصل السابع.

في المحصلة، لا مطلب يعلو فوق مطلب تطبيق المبادرة الفرنسية، من روما إلى بكركي، التي عبرت عن استعدادها الدائم لتلعب دور الوسيط بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. وكان الراعي قد وجه نداءه الأخير وحمله إلى وفد من التيار الوطني الحرّ، الذي زاره يوم الاثنين في بكركي. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها